ملامح كباش حول وزارة الصحة بين «القوات» و«حزب الله»

جدل حول خلفية قرار الوزير إقفال مستشفى للمرضى النفسيين

نزلاء مستشفى الفنار لدى جمعهم لنقلهم إلى مستشفيات أخرى (الوكالة الوطنية)
نزلاء مستشفى الفنار لدى جمعهم لنقلهم إلى مستشفيات أخرى (الوكالة الوطنية)
TT

ملامح كباش حول وزارة الصحة بين «القوات» و«حزب الله»

نزلاء مستشفى الفنار لدى جمعهم لنقلهم إلى مستشفيات أخرى (الوكالة الوطنية)
نزلاء مستشفى الفنار لدى جمعهم لنقلهم إلى مستشفيات أخرى (الوكالة الوطنية)

أثار قرار وزير الصحة جميل جبق، المقرب من «حزب الله» والذي تسلم منذ وقت قصير الوزارة من وزير «القوات اللبنانية» غسان حاصباني، إقفال مستشفى للأمراض العقلية والنفسية في منطقة النبطية في جنوب لبنان، ومن ثم رد «القوات» عليه، أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كان الكباش ذا أبعاد سياسية.
وسارع الوزير الجديد إلى إقفال المستشفى بعدما تبين أنه يرزح تحت أوضاع مزرية مرتبطة بالمرضى وبنقص الأدوية والنظافة وسوء الأمن الغذائي وانقطاع المياه. وبدا القرار السريع للوزير جبق مستغرَباً في صفوف «القوات»، «كأنه بمثابة سعي إلى تصوير الوزير حاصباني مقصّراً في مهامه، وهذا الأمر غير صحيح على الإطلاق»، على حد تعبير مصدر نيابي في حزب «القوات».
وأكد حاصباني​ في حديث له أمس، أنه أنذر المستشفى​ بوجوب تصحيح وضعه خلال فترة وجيزة أو يطاله الإقفال، لافتاً إلى أن جبق «اتّخذ الإجراء الذي كنّا قد اتّبعناه بعد فترة التسليم والتسلّم». وأوضح حاصباني أن «التقارير تُرفع عبر مدير عام ​وزارة الصحة​ من مصالح مختلفة وفور حصولنا على التقرير بشأن مستشفى (الفنار) اتخذنا الإجراء اللازم ووضعنا خطة بالنسبة إلى نقل المرضى».
وقد باشر المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم مطلع الأسبوع الحالي، تحقيقاته في ملف الإهمال وهدر المال العام في المستشفى، وادّعى أمس، على صاحبة المستشفى وابنتها وعلى مدير العناية الطبية في ​وزارة الصحة.
وكان جبق الذي تفقد المستشفى الذي يؤوي 200 مريض، قد اعتبر أنه كان يجب إقفاله منذ زمن، واصفاً ما شاهده بأنه «مأساة أخلاقية واجتماعية وصحية».
ولعل ما يوحي بأن القرار الذي اتخذه جبق قد يكون مؤشراً لكباش بين «القوات» و«حزب الله» حول وزارة الصحة، استغراب مصادر قواتية متابعة للملف، مسارعة جبق إلى إقفال المستشفى خصوصاً أنه لم يستلم الوزارة إلا منذ نحو أسبوع واحد كأنه كان يتم العمل على الموضوع قبل تسلمه مهامه، لافتةً إلى الوزير السابق حاصباني كان قد تحرك بعد شكوى وصلت إليه بخصوص وضع المستشفى وتم توجيه إنذار إلى القيمين عليه لتحسين وضعه، وطُلب من طبابة القضاء وضع تقرير، لم يكن قد وصل إلى الوزارة حتى مغادرته إياها.
وأشارت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الشكاوى السابقة التي كانت تصل إلى الوزير كانت مرتبطة بشكل أساسي بعدم استقبال المستشفى المزيد من المرضى، ما أدى إلى عمله على رفع الموازنة التي كانت قد خصصتها لها الوزارة وتبلغ ملياراً و300 مليون ليرة لبنانية سنوياً. وقالت: «البعض يحاول حرف الموضوع من خلال حديثه عن هدر أموال ومبلغ كبير تم تخصيصه للمستشفى، علماً بأنه مبلغ زهيد وكان يتم العمل على رفعه لأنه يقتصر على تخصيص 18 ألف ليرة يومياً لكل مريض لا تكفي الحاجيات الأساسية من أكل ورعاية».
وتحدثت المصادر عن «مؤشرات أولية توحي بأن هناك توجهاً لتصوير أي إنجاز للوزير الجديد على أنه تقصير من قبل الوزير السابق، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول وجود نية لممارسة سياسة تشفٍّ بدل الانكباب على استكمال تنفيذ الخطط التي تم وضعها في الحكومات السابقة»، مستغربة «اتخاذ قرار بإقفال المستشفى في غياب خطة متكاملة تلحظ بشكل أساسي تأمين مستشفيات بديلة للمرضى الـ200 الذين سيشكّلون خطراً على أنفسهم في حال عادوا إلى منازلهم أو لجأوا إلى الطرقات».
وفي لبنان 30 مستشفى حكومياً و122 مستشفى خاصاً تنقسم ما بين مستشفيات فئة أولى تقدم عدة خدمات وتقوم بعمليات، ومستشفيات فئة ثانية، كما هي حال مستشفى «الفنار» في الجنوب الذي تم إقفاله، والذي هو أقرب إلى المصحّ الذي يستقبل لفترات طويلة مرضى نفسيين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».