صفقة «قطر ـ باركليز» تمت من وراء ظهر رئيس مجلس إدارة البنك

أخبر ماركوس أجيوس، الرئيس السابق لمجلس إدارة بنك باركليز، محكمة في لندن، أمس، أنه لم يكن يعلم شيئا عن الاتفاق الذي عقده مسؤولون كبار في البنك مع رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم، لدفع مبلغ 322 مليون جنيه إسترليني للمسؤول القطري مقابل مساعدة البنك في الحصول على تمويل من المؤسسات الحكومية القطرية بقيمة 6.1 مليار جنيه إسترليني (نحو 7.8 مليار دولار)، وهي الصفقة التي أصبحت موضع المحاكمة الحالية.
وفي اليوم الثاني، الأخير، من شهادته أمام محكمة ساوثوارك العليا، التي تنظر في اتهامات بالاحتيال ضد 4 مسؤولين كبار في باركليز - إبان الأزمة المالية العالمية في 2008 - قال أجيوس إنه لم يكن على علم بأي اتفاقية «خدمات استشارية» وقعها البنك مع شركة «شالينجر» التابعة لرئيس وزراء قطر السابق، بقيمة 322 مليون جنيه إسترليني، ولا يعلم كيف تم التفاوض مع قطر، مضيفاً أنه عَلِم بهذه الصفقة السرية في عام 2012، أي بعد 4 سنوات من توقيعها.
ويزعم «مكتب مكافحة الاحتيال الخطير»، الذي يمثل هيئة الاتهام في المحكمة، أن المسؤولين الأربعة في باركليز كذبوا على المستثمرين وحملة الأسهم بشأن الصفقة المشبوهة مع قطر، والتي دفعوا فيها 322 مليون جنيه إسترليني لشركة «شالينجر» تحت غطاء «اتفاقات الخدمات الاستشارية» التي كان من المفترض أن تقدمها «شالينجر» لباركليز في مساعدته التسويقية في منطقة الشرق الأوسط.
لكن هيئة الاتهام تدعي أن الاتفاقية الاستشارية مع «شالينجر» كانت في الواقع بغرض التحايل على المستثمرين وعلى «هيئة الرقابة المالية» البريطانية، لعدم إظهار المبلغ المدفوع للشركة القطرية، وكأنه عمولة جانبية سرية لتسهيل بيع أسهم باركليز لقطر. ويشير ممثلو الادعاء إلى أن المديرين التنفيذيين الأربعة وافقوا على «اتفاقيتين استشاريتين» من أجل إخفاء مطالبة قطر بدفع عمولات.
وعندما سألت المحكمة أجيوس ما إذا كان قد أُخطر، حتى لو شفاهة، بالعقد الاستشاري مع قطر، قال: «لم أر أي وثيقة، بل لم أكن حتى على علم بوجودها». وأوضح أن الغرض من اللجوء إلى تمويل أجنبي للبنك يعود إلى ظروف تلك الفترة حين كانت الحكومة البريطانية تحاول محاصرة الأزمة المالية، فعرضت على البنوك المتعثرة - ومن بينها باركليز - التأميم الكلي أو الجزئي لإنقاذها من الانهيار، لكن كبار المديرين في البنك خشوا من هذا العرض لأنه كان سيعني - في حال قبوله - الحد من رواتبهم ومن الحوافز المالية الضخمة التي كانوا يحصلون عليها، فضلاً عن تقييد سياسات البنك من قبل كبار المسؤولين الجدد الذين كانت ستفرضهم الحكومة على البنك.
واختتم أجيوس، الذي كان رئيس مجلس إدارة باركليز لمدة 6 سنوات حتى عام 2012، شهادته أمس (بصفته شاهد اتهام وليس متهماً) بعد أن اختارت هيئة الدفاع عن المتهمين ألا توجه إليه أي أسئلة. ويُتوقع أن تستمر جلسات هذه المحاكمة لمدة 6 أشهر نظراً لأنها من أكبر قضايا الاحتيال المصرفي أمام المحاكم البريطانية، وأيضاً بسبب تعقيد شبكة العلاقات المالية بين الأطراف المختلفة. وكان «مكتب مكافحة الاحتيال الخطير» قد ظل يحقق في هذه القضية ويجمع الأدلة والمستندات على مدى سنوات قبل أن يقرر مؤخراً تقديمها أمام المحاكم.
والمتهمون الأربعة في باركليز هم: جون فارلي المدير التنفيذي السابق، وروجر جنكينز الرئيس السابق لعمليات باركليز في الشرق الأوسط، وريتشارد بواث أحد كبار المصرفيين الاستثماريين السابقين، وتوم كالاريس الرئيس السابق لقطاع الثروة في باركليز، وينفون جميعهم ارتكاب أي مخالفات.
ووفقا لوثائق جرى تقديمها للمحكمة، فإن فارلي وأجيوس حصلا بشكل مشترك على السلطة الكاملة لتنفيذ عملية لجمع التمويل بعد اجتماع للجنة تمويل تابعة لمجلس الإدارة أسسها باركليز في 28 أكتوبر (تشرين الأول) 2008، وشمل هذا الموافقة على رسوم تكون «عادلة ومعقولة»، بحسب الوثائق.