المطالب العمالية تحاصر حكومة سلام.. وغضب على النواب

تحركات تصعيدية مرتقبة في الشارع.. وشكاوى ستقدم في المحافل الدولية

جانب من إحدى جلسات مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
جانب من إحدى جلسات مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
TT

المطالب العمالية تحاصر حكومة سلام.. وغضب على النواب

جانب من إحدى جلسات مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
جانب من إحدى جلسات مجلس الوزراء في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)

قفزت الهموم المعيشية إلى واجهة الأولويات اللبنانية متخطية عقبات الأمن المهتز، مع قرار هيئة التنسيق النقابية وعمال مؤسسة كهرباء لبنان العودة إلى الشارع للضغط باتجاه تنفيذ مطالبهم، بالتزامن مع تكثيف قوى المجتمع المدني اجتماعاتها للانطلاق بحراك واسع لمواجهة مشروع تمديد ولاية البرلمان الحالي للمرة الثانية بعدما قدّم النائب نقولا فتوش مطلع الأسبوع الحالي مشروع قانون لهذا الغرض. وتحاصر المطالب العمالية حكومة الرئيس تمام سلام، وهي المؤسسة الوحيدة الفاعلة في البلد بين المؤسسات الـ3 الرئيسة، في ظل استمرار شغور سدة رئاسة الجمهورية منذ مايو (أيار) الماضي، وتعطيل عمل مجلس النواب، مع إصرار قسم كبير من الكتل النيابية على أن عمله يجب أن ينحصر بانتخاب رئيس للجمهورية.
ولم يجد النقابيون والعمال إلا الشارع ملجأ لرفع الصوت بعد تعثر إقرار سلسلة الرتب والرواتب منذ أكثر من 3 سنوات، التي من شأنها زيادة رواتب موظفي القطاع العام، وقد تعقدت الأمور أخيرا مع قرار المعلمين مقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية، ما وضع مصير آلاف الطلاب في مهب الريح.
ويخوض وزير التربية والتعليم إلياس أبو صعب مفاوضات شاقة مع نقابة المعلمين لحثّهم على التراجع عن قرارهم مقاطعة تصحيح الامتحانات في حال لم تقر سلسلة الرتب والرواتب، إلا أن هؤلاء يتمسكون بموقفهم ورقة ضغط فعالة باعتبار أنّهم يتحكمون بمصير أكثر من مائة ألف طالب، ما دفع الوزير للتلويح بإمكانية منح طلاب الشهادات الرسمية إفادات نجاح للالتحاق بالجامعات.
وبالتزامن، واصل عمال مؤسسة كهرباء لبنان اعتصاماتهم ونصبوا أمس الخميس خيما داخل مبنى المؤسسة، في إطار التحرك التصعيدي الذي يقومون به احتجاجا على قرار إجراء مباراة محصورة لتثبيت 800 موظف منهم من أصل نحو 1800.
ويتحضر ناشطو المجتمع المدني لملاقاة هيئة التنسيق النقابية وعمال ومياومو مؤسسة كهرباء لبنان في الشارع لمواجهة مشروع القانون الذي طرحه النائب فتوش والداعي لتمديد ولاية المجلس النيابي الحالي لعامين و7 أشهر، بعدما كان هذا المجلس مدد لنفسه 17 شهرا في يونيو (حزيران) 2013.
وانطلق الناشطون بتحركاتهم بالتزامن مع حركة فتوش، فوزعوا على النواب الـ128 حبات من البندورة كتب عليها «لا_للتمديد»، لتذكيرهم بالنشاط الذي قاموا به بالتزامن مع التمديد الأول، حين رشقوا سيارات هؤلاء النواب بالبندورة وقطعوا الطريق في وسط بيروت للاحتجاج على القرار النيابي. وتعقد قوى الحراك المدني اجتماعات مكثفة لوضع خطة لمواجهة قرار جديد من هذا النوع، وتتحضر للإعلان عن تحرك كبير قد تسبقه تحركات متنوعة، بحسب منسق تيار المجتمع المدني، والناشط بالحراك المدني للمحاسبة، باسل عبد الله. وأشار عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه يجري حاليا العمل على «جمع قوى الحراك المدني تحت اسم الحراك المدني للمحاسبة، الذي يحمل سلتين، الأولى مدنية حقوقية والثانية معيشية». وقال: «نحن نعتمد أسلوب الضغط السلمي والأفكار النوعية على غرار موضوع البندورة لخلق نوع من الصدمة لدى المواطنين المدعوين للمشاركة بكل التحركات المقبلة وخاصة الشباب منهم لمواجهة قرار التمديد الثاني أو أقله لإعلان رفضنا له».
وغصّت مواقع التواصل الاجتماعي بالحملات والمواقف الشاجبة لمشروع القانون الذي طرحه فتوش، وانتشر هاشتاغ «لا_للتمديد» على صفحات الناشطين الذين عبّروا عن سخطهم الكبير من قرار النواب تخطي الأصول الديمقراطية، وللمرة الثانية، من خلال عدم اللجوء إلى الشعب لاختيار ممثليه في الندوة البرلمانية.
ويقود الناشط في مجموعة «من أجل الجمهورية» عماد بزي الذي يتابعه نحو 40 ألف شخص على موقع «تويتر» الحراك الإلكتروني الرافض للتمديد، وهو نشر في اليومين الماضيين سلسلة تغريدات انتقدت النائب فتوش وبشدة، وحاول جس نبض الناشطين حول إمكانية مشاركتهم بتحرك في الشارع هذا الأسبوع.
وكشف بزي لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة خطوات ستتخذ قريبا لمواجهة قرار التمديد، «بعضها سيكون في الشارع لممارسة ضغط شعبي على النواب، وبعضها الآخر سيتخذ منحى سياسيا من خلال حث النواب على توقيع تعهد بعدم السير بالتمديد»، لافتا إلى أنهم سيتقدمون بشكاوى إلى المحافل الدولية، «باعتبار أن تمديد ولاية البرلمان تعني خرقا فاضحا للقوانين الدولية التي تلتزم بها الدولة اللبنانية، واغتصابا للسلطة».
ولفت بزي إلى أن «سبل المواجهة هذه المرة تختلف عن تلك التي كانت قد اتخذت مع التمديد الأول، فهي ستكون تصعيدية وستطال بشكل خاص النواب الذين قدموا مشروع القانون الذي يسوقون له».
وبعكس قوى 14 آذار، يبدو أن قوى 8 آذار تتجه لاتخاذ موقف موحد من موضوع التمديد، إذ أبلغت مصادر في هذه القوى «الشرق الأوسط» بأن «توجه (حزب الله) في هذا الملف هو توجه رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكّد أكثر من مرة في الأيام الماضية رفضه التمديد لمجلس معطّل لا يشرّع ولا يلعب دوره كاملا». وأوضحت المصادر أن أمين عام «حزب الله» سيتطرق للملفات الداخلية اللبنانية، في مقابلة تلفزيونية يجريها اليوم الجمعة، على أن يصدر عنه موقف رسمي من موضوع التمديد مشابه لموقف بري. وبهذا، تكون قوى 8 آذار، وبالتحديد «حزب الله» وكتلة بري وكتلة عون، متفقة على رفض تمديد ولاية مجلس النواب لمرة ثانية، بخلاف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط اللذين أعلنا تباعا عدم ممانعتهما التمديد إذا كان لا بد منه وإذا كان مقرونا بانتخاب رئيس الجمهورية. ولا تؤيد القوى المسيحية في 14 آذار موقف الحريري من التمديد، بعد إعلان كل من رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل تمسكهما بإجراء الانتخابات النيابية.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق استبق القرار البرلماني بشأن التمديد، معلنا أن الظروف الأمنية التي يمر بها لبنان لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.