أهالي ضحايا تفجير حارة حريك يتسلمون جثث ذويهم بحزن كبير

ملاك اشترت ملابس جديدة ومضت.. وقارئ العزاء استيقظ ليجد أمامه جثة متفحمة

لبنانية تنتحب أمام مستشفى في ضاحية بيروت الجنوبية في انتظار تسلم جثة أحد أقربائها من ضحايا تفجير الخميس (أ.ب)
لبنانية تنتحب أمام مستشفى في ضاحية بيروت الجنوبية في انتظار تسلم جثة أحد أقربائها من ضحايا تفجير الخميس (أ.ب)
TT

أهالي ضحايا تفجير حارة حريك يتسلمون جثث ذويهم بحزن كبير

لبنانية تنتحب أمام مستشفى في ضاحية بيروت الجنوبية في انتظار تسلم جثة أحد أقربائها من ضحايا تفجير الخميس (أ.ب)
لبنانية تنتحب أمام مستشفى في ضاحية بيروت الجنوبية في انتظار تسلم جثة أحد أقربائها من ضحايا تفجير الخميس (أ.ب)

على حسابها في برنامج المحادثة الفورية، غيرت إيمان حجازي «الحالة» قبل يوم من مقتلها، كتبت تقول: «اللهم إني أستودعك عاما مضى من عمري وسأستقبل عاما لا أعرف ما فيه، لكن الأمل يهمس في داخلي بأنه سيكون عاما جميلا بإذن الله».
أمنية إيمان لم تتحقق، فهي كانت واحدة من ضحايا تفجير حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية أول من أمس برفقة ابنة زوجها ملاك التي استأثرت باهتمام إعلامي واسع وانتشرت صورتها في وسائل الإعلام بوصفها رمزا لضحايا عملية التفجير.
في بلدة مجدل سلم (جنوب لبنان) شيع الأهالي أمس ملاك زهوي البالغة من العمر سبع عشرة سنة، وزوجة والدها إيمان. قبل وقوع الانفجار، كانت ملاك وإيمان تتبضعان من محلات الشارع العريض الذي يعرف بازدحامه خصوصا في فترة الأعياد لاعتباره سوقا تجارية مهمة ونقطة اقتصادية مقصودة في منطقة الضاحية الجنوبية.
يقول أفراد عائلتها إنها اشترت ثيابا جديدة لم يتسن لها أن تلبسها. أصدقاؤها وأهلها غرقوا في حالة من الحزن الشديد. تقول فاطمة، إحدى صديقاتها، لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أعرفها من مدرسة الكوثر التي تعلمنا فيها معا، وبعد أن دخلت إلى الجامعة بقيت علاقتي بها جيدة بحكم جيرتي معها». تصف فاطمة صديقتها والدموع في عينيها: «هي اسم على مسمى، ملاك في تصرفاتها وتعاملها الراقي مع أصدقائها وأقربائها».
لم يكن عشرات المواطنين المحتشدين داخل مجلس عزاء في الشارع العريض في حارة حريك، بعد ظهر أول من أمس، يتوقعون أنهم سينجون من انفجار سيارة مفخخة أمام المبنى المواجه لمكان تجمعهم إلى جانب الرصيف. ستون شخصا كانوا يشاركون في مجلس العزاء، وفق ما يرويه الشيخ أحمد حويلي، قارئ مجلس العزاء، لدى قاطني المبنى المجاور لمكان وقوع الانفجار.
بأسى، يستعيد حويلي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، اللحظات التالية لوقوع الانفجار الذي أدى إلى إصابته برأسه واستدعى نقله إلى المستشفى للعلاج. يقول: «بعد دوي الانفجار، حالات اختناق عمت المنزل حيث مجلس العزاء، وكان عددنا نحو 60 شخصا بينهم أطفال، عم صراخهم المكان إلى جانب نحيب النساء»، مشيرا إلى أن «المشهد الأخير الذي يتذكره قبل الإغماء عليه ونقله من قبل المسعفين نتيجة إصابة برأسه، كان حالات إغماء الأطفال أمامه».
بعد نقله في سيارة إسعاف واستعادته وعيه، يقول حويلي إن أول ما رآه كان جثة متفحمة موضوعة إلى جانبه، مضيفا: «المنظر كان مرعبا، لكنه بقي أقل رعبا من الأشلاء المتناثرة في السيارة أمامه». يصمت قليلا قبل أن يتابع: «لا أعرف بماذا فكرت، لكنني حمدت الله على نعمة الحياة رغم وجعي والدماء التي كانت تسيل من رأسي».
إلى مستشفى الرسول الأعظم نقل حويلي، ليشهد على الوضع المأساوي الذي عاشه أهالي المصابين والضحايا. يقول: «حالات هلع وذعر في المستشفى الذي نقل إليه 12 مصابا، حالة اثنين منهم خطرة»، موضحا أنه «بقي لساعتين ينتظر قبل أن يتلقى العلاج بسبب وجود إصابات أكثر خطورة وبحاجة إلى علاج فوري». ويضيف: «اقتضت إصابتي 20 قطبة برأسي و5 قطب بيدي، الحمد لله».
تفاوت مستوى الإصابات في مستشفيات بيروت بين خطير ومتوسط وطفيف، وصل العدد الإجمالي للجرحى إلى 77 جريحا، غادر غالبيتهم بعد الخضوع لإسعافات فورية، فيما لا يزال عشرة جرحى موجودين في مستشفى بهمن، وجريحان آخران في مستشفى الساحل. ويقول مدير عام مستشفى بهمن علي كريم لـ«الشرق الأوسط» إن «مجمل عدد الجرحى الذين تلقوا العلاج في المستشفى وصل إلى 10 جرحى، إصابة سيدة منهم خطيرة إذ تعاني نزفا حادا في الرأس»، لافتا إلى تسليم 3 جثث إلى ذويهم أمس بعد التأكد من هوياتهم.
قصص مبكية عن ضحايا التفجيرات يسمعها اللبنانيون بعد كل انفجار، وتضج مواقع التواصل الاجتماعي بتفاصيلها وبتعليقات تعبر عن سخط المواطن اللبناني وغضبه من الواقع الأمني المتردي الذي يعيشه في ظل غياب كامل للدولة وأجهزتها. صورة مشتركة نشرها عدد كبير من رواد «فيس بوك» و«تويتر» معنونة بـ«لبنان مقبرة الشباب»، جمعت صور كل من الطالب محمد الشعار (16 سنة) الذي قضى في تفجير ستاركو قبل أسبوع، والطالبة ملاك زهوي والطالب علي خضرا، اللذين قضيا بانفجار حارة حريك.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.