العراق يبدي استعداده للتعاون مع جيرانه في مواجهة «داعش»

TT

العراق يبدي استعداده للتعاون مع جيرانه في مواجهة «داعش»

أبدى العراق استعداده للتعاون مع دول المنطقة في مواجهة فكر «داعش» والتدريب العسكري.
وقال فالح الفياض رئيس جهاز الأمن الوطني العراقي، في كلمة خلال مشاركته نيابةً عن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في افتتاح المؤتمر الدولي الرابع لمكافحة إعلام «داعش» الذي انعقد في بغداد، أمس (الأربعاء)، إن «العراق على استعداد للتعاون مع دول المنطقة في مواجهة فكر (داعش)، كما إنه مستعد للتعاون مع دول الجوار والمنطقة في مجال التدريب العسكري».
وجدد الفياض تأكيده عدم وجود قوات أجنبية مقاتلة أو قواعد عسكرية لها في العراق، قائلاً إن «العراق يرفض أن يكون أداة أو منطلقاً للاعتداء على الآخرين، وهذه قاعدة ثابتة للحكومة»، مبيناً أن «الحكومة العراقية تسعى أن يكون العراق مساهماً ومشاركاً في خلق الاستقرار في هذه المنطقة من العالم».
وأوضح الفياض: «نحن نقيم علاقاتنا مع الجميع من تحت سقف السيادة العراقية، ونتعاون في مجال محاربة الإرهاب وفي مجال التدريب والمشورة وما شابه ذلك». وبشأن وجود قوات أجنبية في العراق يثار منذ فترة جدل حولها، قال الفياض إن «وجود التحالف الدولي إنما جاء تحت هذه العناوين والتعاون في مجال التدريب والاستشارة، ولن نقبل بالقواعد العسكرية ولا توجد قوات برية على الأراضي العراقية». من جهته أكد الناطق الرسمي باسم المؤتمر الدولي الرابع لمكافحة إعلام «داعش» الدكتور حيدر جبر العبودي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق يسجل شكره للدول الصديقة والشقيقة التي دعمت العراق في حربه ضد فلول (داعش)». وأكد العبودي أن «وحدة الشعب العراقي هي الضمانة التي تمنع عودة مظاهر التكفير والتطرف والفكر المنحرف الذي يمثله عناصر التنظيم الإرهابي».
وأوضح العبودي أن «العراق يعدّ ركيزة من ركائز معادلة الاستقرار في المنطقة، وأن التعاون والتنسيق المتبادل بين العراق ودول العالم في المجال الأمني والمعلوماتي يتحرك تحت سقف السيادة العراقية».
ويجيء انعقاد المؤتمر في وقت بدأت مخاطر عودة «داعش» تثير جدلاً في مختلف الأوساط السياسية والشعبية في العراق لا سيما بعد إقدام التنظيم على إعدام 6 من مختطفي محافظة كربلاء من بين أكثر من 15 مواطناً جرى خطفهم مؤخراً في المناطق الصحراوية بين الأنبار وكربلاء. وبينما عدّ القيادي في «تحالف البناء» والنائب في البرلمان العراقي عن «كتلة الفتح» نعيم العبودي، أن عودة «داعش» باتت مستحيلة رغم كل ما يمكن أن يعمله، فإن زعيم «تحالف الإصلاح والإعمار» عمار الحكيم، حذّر من مغبة عودة صفحة الانتكاس والتراجع.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أكد نعيم العبودي أن «عودة (داعش) إلى العراق باتت ضرباً من ضروب الخيال»، مبيناً أن «العراق اليوم يختلف عن عراق 2014، لا سيما مع التماسك العسكري والمجتمعي والسياسي والإعلامي ضد (داعش) وأخواته». وبيّن العبودي أن «كل ما نحتاج إليه الآن هو رفع مستوى الجاهزية في الأجهزة الأمنية بهدف القيام بعمليات استباقية ومحاربة الفكر المتطرف ومطاردته فكرياً». أما الحكيم، فقد أشار، في بيان له، إلى أنه «لطالما دعَونا وفي مناسبات عدة إلى ضرورة ضبط الأمن وتأمين كل شبر من أرض العراق». ودعا الحكيم «الجهات الأمنية المسؤولة إلى تكثيف جهدها الاستخباري لتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم إزاء جريمتهم الشنيعة» داعياً في الوقت نفسه إلى أهمية «الحفاظ على المنجز الأمني الذي تحقق والحيلولة دون عودة هذا الملف إلى صفحة الانتكاس والتراجع».
من جهتها دعت مفوضية حقوق الإنسان في العراق إلى ضرورة تكثيف الجهود لرصد تحركات «داعش». وقالت في بيان لها إن «عودة نشاط عناصر (داعش) مجدداً يمثل تحدياً حقيقياً للقوات الأمنية بكشف خلايا (داعش) المنهزمة في المناطق الصحراوية التي تتخذ منها ملاذات آمنة في كهوف وأنفاق للتخفي، حيث يخرجون منها بين الحين والآخر لتنفيذ عملياتهم القذرة في استهداف المدنيين العزل ورعاة الأغنام والكسبة الباحثين عن قوتهم وأرزاقهم». وأضاف البيان أن «حصيلة المختطفين في الأيام القليلة الماضية بلغت 19 مواطناً في أثناء قيامهم بجمع الكمأ في منطقة أم الجدعان على الطريق الرابط بين عرعر والنخيب والتي تقع مسؤولية حمايتها بالاشتراك بين قيادة عمليات الجزيرة والبادية والفرات الأوسط وهيئة الحشد الشعبي، فرقة الإمام العباس القتالية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».