حذر يخيم على شوارع الجزائر قبل «مسيرات شعبية مليونية»

تعيش الجزائر حالة من الحذر قبيل المسيرات الشعبية، المزمع انطلاقها غدا بعد صلاة الجمعة.
وحسب تقرير بثته وكالة الصحافة الألمانية أمس، فقد بدأت بوادر الحيطة تظهر على الشارع الجزائري، بعد إعلان أكبر مركز تجاري في العاصمة غلق أبوابه غدا الجمعة، واحتسابه عطلة مدفوعة الأجر لعماله «تخوفا من حدوث أي أعمال شغب أو استغلاله للتجمع».
من جهة أخرى، أطلقت حركة مواطنة، مبادرة للخروج في مسيرات شعبية مليونية بالعاصمة، ومختلف الولايات الأخرى للاحتجاج على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية جديدة، بعد عشرين سنة من حكم البلاد.
وفي الوقت ذاته، أعلنت الكثير من أحزاب المعارضة انسحابها من فعاليات الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 من أبريل (نيسان) المقبل، داعية الجزائريين إلى مقاطعة الصناديق «التي لن تأتي بالجديد غير تعيين الرئيس الحالي لعهدة خامسة». وللإشارة، فإن حركة مواطنة، تهدف إلى المساهمة في التغيير الحقيقي، و«الجاد الذي تحتاجه البلاد من خلال تجنيد أكبر عدد من المواطنين لتغيير منظومة الحكم، وتحضير الظروف اللازمة بالطرق السلمية والهادئة لمرحلة انتقالية تحافظ على البلاد والعباد»، حسب ما ورد في ميثاقها الأول. ويعتبر أصحاب المبادرة، وجلهم من النخبة الجزائرية، المكونة من كتاب ومحامين ونشطاء سياسيون، «إن الانتخابات الرئاسية المقبلة، حتى وإن كانت محطة مفصلية، إلا أنها ستكون أداة فرز لإعادة تشكيل موازين القوى الجديدة، التي سيكون لها تأثير على مستقبل البلاد».
وقبل أيام خرجت حشود شعبية جزائرية إلى الشوارع بمختلف ولايات الجزائر، رفضا لترشح الرئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ حيث طالب المحتجون الرئيس بالتراجع عن قرار الترشح، خلال المظاهرات التي عرفتها ولاية بجاية ومنطقة خراطة(300 كلم شرق العاصمة)، وأيضا في ولاية برج بوعريريج (200 كلم عن العاصمة)، حاملين شعارات مختلفة، تصب في مجملها في مطالبة النظام بـ«مراجعة حساباته تجاه بلاده». كما خرجت مسيرات أخرى في ولاية تيزي وزو، وغيرها من الولايات الجزائرية.
وخلال هذه المسيرات الغاضبة حمل المحتجون أعلاما سوداء، تعبيرا عن رفضهم القاطع للواقع السياسي الذي تمر به البلاد، في الوقت الذي تعلو فيه أصوات تدعو إلى «تحكيم العقل»، خوفا من دخول البلاد في منزلق أمني.
ورفع المتظاهرون خلال المسيرة، التي جابت شوارع خراطة، شعارات منددة بالسلطة ولافتات كتب عليها «لا للعهدة الخامسة»، و«لا لمصادرة سلطة الشعب»، و«بوتفليقة إرحل».
وفي مدينة خنشلة (شرق)، تظاهر المئات خلال الأيام الماضية، احتجاجا على رئيس بلديتهم الذي قام بمنع الناشط السياسي والمرشح الرئاسي المعارض رشيد نكاز من تنظيم تجمع ولقاء أنصاره، وقاموا بإزالة صور الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة من واجهة مقر بلدية خنشلة، في سابقة من نوعها ومشهد غير مألوف.
وبدأت الاحتجاجات بعد أن جند رئيس البلدية كمال حشوف أعوانه لمنع نكاز من لقاء أنصاره بالساحة العامة، بحجة أنه لن يسمح لأحد من المترشحين بمعارضة الرئيس، معلنا دعمه الكامل للرئيس بوتفليقة. لكن هذا الموقف المنحاز فجر غضبا عارما وسط المدينة، بعد أن صمم قطاع من سكانها على لقاء نكاز بمكان محدد، وهو ما حدث فعلا؛ حيث التف حوله المئات وهم يهتفون بحياته، وينادون إلى التصويت عليه يوم الاقتراع المقبل. كما توجه العشرات منهم إلى مقر البلدية، وقاموا في مشهد غير مألوف منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، بإزالة صور عملاقة للرئيس، علقها رئيس البلدية بواجهتها تعبيرا عن مساندته الكبيرة له.