تحقيقات حول هوية انتحاري لبناني مفترض عمره 19 سنة

السفير السعودي في بيروت يدين تفجير الضاحية ويدعو وسائل الإعلام إلى عدم «التجييش»

خبراء لبنانيون يأخذون أرقام هيكل السيارة المفخخة التي انفجرت في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
خبراء لبنانيون يأخذون أرقام هيكل السيارة المفخخة التي انفجرت في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

تحقيقات حول هوية انتحاري لبناني مفترض عمره 19 سنة

خبراء لبنانيون يأخذون أرقام هيكل السيارة المفخخة التي انفجرت في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
خبراء لبنانيون يأخذون أرقام هيكل السيارة المفخخة التي انفجرت في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

انصب اهتمام السلطات القضائية والأمنية اللبنانية على العمل الميداني في موقع التفجير الإرهابي الذي استهدف الشارع العريض بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، مساء أول من أمس، وأدى إلى سقوط خمسة قتلى ونحو 80 جريحا من المدنيين.
وأمضى النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، أمس، ساعات طويلة في موقع التفجير، وأشرفا على عمل الأدلة الجنائية والخبراء، وعمليات رفع الأدلة من المكان، وعلى التحقيقات الأولية التي تجريها الأجهزة الأمنية لا سيما الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش اللبناني، قبل إنهاء الخبراء والفنيين عملهم ظهرا.
وبينما كشف القاضي حمود عن توافر بعض الخيوط التي يجري التحقيق فيها والتدقيق في صحتها، أكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن «الدليل الأساسي هو العثور على إخراج قيد عائد لشاب لبناني (19 عاما) يدعى قتيبة الصاطم، وهو من منطقة وادي خالد في شمال لبنان، في مسرح الجريمة، حيث وجد (إخراج القيد) في طابق علوي في المبنى الذي وقعه أمامه الانفجار، وهو محروق من أطرافه، ويبدو أن عصف الانفجار قذفه مع الأشلاء إلى هذا المكان».
وأوضحت المصادر نفسها أن «والد الصاطم الذي أحضر إلى التحقيق أمام فرع المخابرات في شمال لبنان، أفاد بأن ولده فقد قبل خمسة أيام وتحديدا في الثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتقدم ببلاغ إلى قوى الأمن الداخلي بذلك، ونفى أن يكون على علم بأي علاقة لولده مع أي تنظيم إرهابي أو مجموعة متطرفة خصوصا أنه صغير في السن وهو في التاسعة عشرة من العمر». وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، أن والد قتيبة نقل أمس من مركز مخابرات الجيش في طرابلس إلى بيروت، لإجراء فحص الحمض النووي ومطابقته مع الفحوص التي أجريت على أشلاء الجثة التي يعتقد أنها تعود إلى نجله.
من جهة أخرى، كشفت المصادر الأمنية في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» عن «توقيف شخص على ذمة التحقيق كان موجودا في مكان قريب جدا من موقع التفجير، علما بأنه غريب عن المنطقة وتحوم شبهات حول علاقة ما له في العملية». وأشارت إلى أن «فرضية العمل الانتحاري ما زالت متقدمة مع ترجيح أن يكون الصاطم هو من نفذ هذه العملية، لا سيما أنه على علاقة وثيقة بابن عمه محمد أحمد الصاطم المعروف بتشدده الديني والموجود منذ أشهر في منطقة يبرود السورية ويقاتل إلى جانب المعارضة السورية».
وفي موازاة انتظار السلطات اللبنانية ظهور نتائج فحوص الحمض النووي التي تجرى على الأشلاء التي انتزعت من داخل السيارة المفخخة وجمعت من الموقع، مع عينات أخرى أخذت من ذوي الشاب، قالت المصادر الأمنية ذاتها إن «الخطوة التالية بعد التأكد من هويته ستتجه نحو التأكد إذا كان هو الانتحاري فعلا أم لا، والبحث عن التنظيم الذي ينتمي إليه الصاطم، والجهة التي زودته بالسيارة المفخخة، وما إذا كان فعلا قدم بها من سوريا أم أنها فخخت في لبنان».
لكن أهالي الشاب العكاري شككوا في فرضية أن يكون ابنهم قتيبة هو الانتحاري، خصوصا أن وسائل الإعلام اللبنانية أفادت نقلا عن شهود عيان بعد وقوع الانفجار بأن رجلا ترجل من السيارة بعد ركنها وقبل انفجارها بلحظات. وأبدت عشائر الصاطم التي يتحدر منها قتيبة، في منطقة وادي خالد العكارية، سلسلة ملاحظات في بيان صادر عنها، فأكدت أنه «لا يجيد قيادة السيارات»، وتساءلت عن «وجود هويته (إخراج القيد) من دون أن تتأذى في جثة متفحمة، وعما إذا يعقل أن يحمل الإرهابي هويته في جيبه»، مضيفة «كيف لفتى كقتيبة أن يتحرك بحرية بسيارة مفخخة داخل مربع أمني لحزب الله مجهول له تماما؟».
وأكد أحمد السيد، في بيان تلاه باسم وجهاء عشائر وعائلات وادي خالد، بعد لقاء تضامني عقدوه في دارة والد قتيبة في قرية حنيدر بوادي خالد، أن «ولدنا لم يكن ينتمي إلى أي جهة حزبية أو دينية، وهو شخص معتدل بسلوكياته، وهو طالب جامعي في السنة الثانية ويستعد للسفر إلى فرنسا لمتابعة تحصيله العلمي»، مطالبا «القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية بالتحقيق العادل والشفاف ليصار إلى تبيان الحقيقة كاملة». وفي موازاة استنكاره باسم الأهالي والعشائر الانفجار الذي طال الضاحية الجنوبية، أكد أن «ثقافة وادي خالد ليست دموية بل ثقافة اعتدال وتسامح وتعايش سلمي».
وكانت عمليات رفع الأنقاض بدأت بعد ظهر أمس، بإيعاز من النائب العام التمييزي، تمهيدا لفتح الطريق أمام المارة والسيارات، بعدما أنجزت الأجهزة الأمنية عملها الفني، من مسح للمنطقة ورفع للأدلة والعينات وجمع كل الأشلاء، وبعد انتهاء خبراء المتفجرات من الكشف التقني على الحفرة التي خلّفها الانفجار ومعاينة وضبط بعض حطام السيارة التي استخدمت في التفجير.
في موازاة ذلك، وفي حين لم يصدر حزب الله أي تعليق رسمي على تفجير حارة حريك، دعا وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن إلى «مواجهة الإرهاب الذي يضرب لبنان». وقال، بعد تعداده سلسلة الانفجارات التي ضربت لبنان في الأشهر الأخيرة، إنه بات من الواضح «أننا دخلنا مرحلة مختلفة لا يمكن فيها مواجهة الإرهاب بالمواقف التي تريد الإفادة من الظروف لتحصيل مكاسب سياسية»، معتبرا أن «الإرهاب لا يفرق بين منطقة وأخرى كما لا يفرق بين دين ودين أو بين مذهب ومذهب، أو بين حزب وتيار وحركة، ولا دور له إلا القتل». وشدد الحاج حسن على «اننا أمام مسؤولية وحدة وطنية تستدعي من الجميع تشكيل حكومة وتحقيق انتخابات الرئاسة في موعدها وليس مواقف لمزيد من الانشقاق، وهي مسؤولية الجميع في تعزيز عناصر الوحدة الوطنية لا زيادة الشرخ والانشقاق الذي هو انشقاق عمودي، والعقل والمنطق يقول بالذهاب إلى المزيد من الوحدة الوطنية». وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، وفي مذكرة إدارية أصدرها أمس، أعلن «الحداد العام» اليوم على «أرواح الشهداء الضحايا الذين سقطوا مساء الخميس نتيجة للتفجير الإرهابي الآثم في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت في حارة حريك».
ودعا إلى «توقف العمل لمدة ساعة اعتبارا من الساعة الحادية عشرة ولغاية الساعة الثانية عشرة ظهرا على كل الأراضي اللبنانية، وعلى أن تعدّل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون هذه المدة (ساعة واحدة)، بما يتناسب مع هذه الواقعة الأليمة، وعلى أن يقف اللبنانيون لمدة خمس دقائق عند الساعة الثانية عشرة ظهرا، حيثما وجدوا، استنكارا لهذه الجريمة النكراء وتعبيرا لبنانيا وطنيا شاملا ضد الإرهاب وتضامنا مع عائلات الشهداء الأبرار والجرحى وعائلاتهم».
وفي إطار المواقف السياسية المستنكرة، أمل قائد اليونيفيل الجنرال باولو سيرا أن «تتمكن السلطات اللبنانية من تحديد مرتكبي الجريمة»، مستنكرا «هذا العمل الحقير والجبان الذي استهدف أرواح مدنيين». وقال «في هذه اللحظة المأساوية، أنا وأسرة اليونيفيل بأكملها نقف إلى جانب الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني في سعينا المشترك نحو السلام والأمن، وآمل أن تتمكن السلطات اللبنانية من تحديد مرتكبي هذه الجريمة النكراء وتقديمهم إلى العدالة».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».