المركزي التونسي يواصل رفع الفائدة لمحاصرة التضخم

تباين تقييم الخبراء للقرار... وتخوف في الشارع

المركزي التونسي يواصل رفع الفائدة لمحاصرة التضخم
TT

المركزي التونسي يواصل رفع الفائدة لمحاصرة التضخم

المركزي التونسي يواصل رفع الفائدة لمحاصرة التضخم

قال البنك المركزي التونسي إنه رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 7.75 في المائة، من 6.75 في المائة، وذلك لمواجهة التضخم المرتفع، في ثالث زيادة لأسعار الفائدة خلال 12 شهرا.
وفي مايو (أيار) العام الماضي، رفع البنك الفائدة إلى 6.75 في المائة من 5.75 في المائة، وذلك بعد نحو ثلاثة أشهر من زيادة أخرى سبقتها في مارس (آذار) 2018.
وبلغ معدل التضخم السنوي في يناير (كانون الثاني) الماضي 7.1 في المائة، و7.5 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، هبوطا من 7.8 في المائة في يونيو (حزيران) 2018، وهو أعلى معدل منذ عام 1990.
وقال البنك في بيان مساء الثلاثاء: «استمرار الضغوط التضخمية يشكل خطرا على الاقتصاد وعلى المقدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يستدعي اتخاذ الإجراءات الملائمة للحد من آثاره السلبية». وأضاف أنه «قرّر تبعاً لذلك الترفيع في (زيادة) نسبة الفائدة المديرية بـ100 نقطة أساسية».
وأشار البنك إلى أنه «على مستوى التضخم، لاحظ المجلس أن الإجراءات التي تم اتخاذها على مستوى السياسة النقدية منذ سنة 2016 قد ساهمت في التباطؤ النسبي الذي شهده نسق التضخم خلال شهر يناير 2019، ليتراجع إلى حدود 7.1 في المائة، بعد أن بلغ 7.3 في المائة في المعدل خلال كامل سنة 2018، إلا أنه أبدى انشغاله الشديد بخصوص آفاق الضغوط التضخمية، لا سيما فيما يتعلق بالتضخم الأساسي، والذي من المرجح أن يواصل نسقه التصاعدي خلال الفترة المقبلة، بالنظر إلى التطورات المنتظرة لجملة من المؤشرات التضخمية، مما يستدعي مواصلة متابعة مصادرها وتدعيم الإجراءات الكفيلة بالحد من تفاقمها».
وهبط الدينار التونسي مع بلوغ العجز التجاري مستويات قياسية، مما أدى إلى تآكل احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية. ووصل العجز التجاري إلى 11.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2018، مقابل 10.2 في المائة في عام 2017. بينما تراجع احتياطي العملة الأجنبية إلى مستوى يكفي لتغطية 84 يوما من الواردات التونسية مع نهاية 2018. مقابل 93 يوما قبل عام.
وأعلن البنك في بيانه أن زيادة سعر الفائدة تستهدف «احتواء العجز التجاري، وتداعياته على ميزان المدفوعات الجارية وعلى مستوى الموجودات الصافية من العملة وعلى سوق الصرف المحلية».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دعا صندوق النقد الدولي تونس إلى تشديد المزيد من القيود النقدية من أجل معالجة مستويات التضخم القياسية في البلد الواقع في شمال أفريقيا.
وقال عز الدين سعيدان، وهو خبير اقتصادي، لـ«رويترز»: «لأول مرة نسبة الفائدة تتجاوز نسبة التضخم. هذا أمر مهم، ولكن للقرار انعكاسات سلبية أيضا متوقعة على كلفة الاستثمار وعلى قدرة التونسيين الشرائية». وأردف قائلا إن «تشديد السياسة النقدية يجب ألا يكون إجراء معزولا، بل يجب أن تتبعه إجراءات أخرى في مكافحة التضخم من بينها مكافحة التهريب وزيادة الإنتاج».
وحصلت تونس، التي تعاني من صعوبات مالية، على قرض من صندوق النقد الدولي في 2016 بقيمة 2.4 مليار يورو على 4 سنوات، مع الوعد بتنفيذ إصلاحات واسعة. ويذكر أن حكومة تونس رفعت أسعار الوقود بنسبة 4 في المائة مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي للمرة الرابعة خلال 2018، في محاولة لكبح عجز الموازنة والاستجابة لمطالب المقرضين الدوليين بإجراء إصلاحات.. فيما يضغط صندوق النقد الدولي على تونس لخفض العجز في موازنتها وزيادة أسعار الوقود والكهرباء.
وأبدى التونسيون من مختلف الطبقات الاجتماعية تخوفهم من هذه الزيادة، إذ إنها ستؤثر بصفة مباشرة على المقترضين، الذين سيضطرون لدفع أقساط أكبر من القروض البنكية، سواء القروض القديمة أو المقبلة، كما أن هذه الزيادة ستخلف عزوفا عن الاستهلاك والاستثمار، وهو ما سيجعل الوضع الاقتصادي أكثر صعوبة.
وأشارت مصادر مالية تونسية إلى أن البنك المركزي اتخذ هذا القرار بعيدا عن الحكومة، في خطوة لتعزيز استقلالية القرار الاقتصادي بعيدا عن الحسابات السياسية. وفي هذا الشأن، أفاد معز الجودي، الخبير المالي التونسي، إلى أن هذا القرار من شأنه أن ينسف مجهودات الحكومة في زيادة نسبة النّمو الاقتصادي وتخفيف أعباء المقدرة الشرائية، علاوة على التشجيع على الاستثمار. وتوقع ألا يكون قرار البنك المركزي بالزيادة في نسبة الفائدة ذا تأثير مهم على الوضع الاقتصادي في تونس، ورجح أن يكون هذا القرار وراءه يد الصندوق النقد الدولي كرد فعل على الزيادات الحكومية في أجور موظفي الحكومة.



مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.