وزير دفاع فنزويلا: «عليهم المرور فوق جثثنا قبل عزل مادورو»

أوروبا تعمل على منع «التصعيد العسكري» في الأزمة

قادة الجيش الفنزويلي يتوسطهم وزير الدفاع فلاديمير بادرينو يجددون ولاءهم لمادورو أمس (رويترز)
قادة الجيش الفنزويلي يتوسطهم وزير الدفاع فلاديمير بادرينو يجددون ولاءهم لمادورو أمس (رويترز)
TT

وزير دفاع فنزويلا: «عليهم المرور فوق جثثنا قبل عزل مادورو»

قادة الجيش الفنزويلي يتوسطهم وزير الدفاع فلاديمير بادرينو يجددون ولاءهم لمادورو أمس (رويترز)
قادة الجيش الفنزويلي يتوسطهم وزير الدفاع فلاديمير بادرينو يجددون ولاءهم لمادورو أمس (رويترز)

يزداد القلق في الأوساط السياسية الأوروبية المعنّية مباشرة بالأزمة الفنزويلية من الجنوح إلى الحل العسكري «بعد أن أصبحت هذه الأزمة إحدى الأوراق المفضّلة عند الرئيس الأميركي للتخفيف من الضغوط التي يتعرّض لها على الجبهة الداخلية»، كما قال مسؤول أوروبي في حديث مع «الشرق الأوسط».
جاءت التصريحات الأوروبية لتتزامن مع تصريحات عسكرية تجدد الولاء لمادورو. وقال وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو، أمس الثلاثاء، إنه يتعين على المعارضة أن تمر على «جثثنا» قبل أن تتمكن من عزل الرئيس نيكولاس مادورو وفرض حكومة جديدة.
وأضاف في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي: «من يحاولوا فرض رئيس هنا في فنزويلا... فسيضطرون للمرور على جثثنا».
وأضاف المسؤول الأوروبي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «الاتحاد الأوروبي يسعى على جبهات عدة، فنزويلية وأميركية، لمنع التصعيد في اتجاه المواجهة العسكرية التي من شأنها أن تُغرق فنزويلا والمنطقة في أزمة يستحيل التكّهن بعواقبها».
وفي آخر تصريحات له حول الأزمة الفنزويلية حذّر دونالد ترمب العسكريين الذين ما زالوا على ولائهم لمادورو من الخطر الذي تتعرّض له «حياتهم ومستقبلهم»، ومتوعّداً: «ستخسرون كل شيء، ولن تجدوا لكم ملجأ، ولا مخرجا، لأنه لن يكون هناك أي مخرج». وبعد أن دعا الرئيس الأميركي العسكريين الفنزويليين لقبول العرض الذي قدّمه الرئيس بالوكالة خوان غوايدو بالعفو عنهم إذا تخلّوا عن دعمهم للنظام، قال أمام حشد كبير من أبناء الجاليتين الفنزويلية والكوبية في ميامي، إن الولايات المتحدة تريد انتقالاً سلميّاً للسلطة بين مادورو وغوايدو، لكنه عاد وأكّد «أن كل الخيارات ما زالت على الطاولة»، فيما كانت تتعالى أصوات بين الحضور تدعوه إلى «إرسال القوات العسكرية».
ويقول المسؤول الأوروبي الذي يواكب الاتصالات بين بروكسل وواشنطن حول الملفّ الفنزويلي، إن «غالبية كبيرة في الكونغرس الأميركي لا تؤيد الحل العسكري»، ويعتقد أن التعبئة الشعبية الواسعة المنتظرة ليوم السبت المقبل تلبية لنداء غوايدو من أجل توزيع المساعدات الإنسانية التي تنتظر على الحدود الكولومبية، والتقارب الأخير بين المعارضة والجناح «الشافيزي» المنشقّ عن مادورو، من شأنهما أن يُحدثا «أوّل شرخ كبير في الجبهة التي تدعم النظام».
ويُذكر أن عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين السياسيين السابقين الذين كانوا مقرّبين من الرئيس هوغو شافيز، ورافقوا نيكولاس مادورو في مستهلّ ولايته الأولى، قد توجّهوا منذ أيام إلى مقرّ البرلمان في القصر التشريعي الفيدرالي في كاراكاس لإجراء محادثات مع غوايدو. ويقول مصدر واكب تلك المحادثات إن «منصّة الدفاع عن الدستور»، وهي الهيئة التي تجمع رموز المعارضة داخل الحركة «الشافيزية»، قد عرضت على رئيس البرلمان تصوراتها لمرحلة انتقال السلطة السياسية، وأنها تؤيد وضح حد لحكومة مادورو، لكنها ترفض «الدور الأميركي الذي يوجّه مسار التطورات في الظرف الراهن». وتضمّ هذه المنصّة وزراء سابقين للتربية والتعليم الجامعي والمال والتجارة الخارجية والاقتصاد الشعبي، إلى جانب عدد من السفراء السابقين وأعضاء في مجلس قيادة الحزب الاشتراكي.
ويشير المصدر إلى أن أعضاء المنصّة الذين ما زالوا يرفضون الاعتراف رسميّاً بشرعية رئاسة غوايدو «يعترفون به كطرف محاور شرعي وكرئيس للبرلمان»، ويعتبرون أن مادورو «وأد المشروع السياسي الذي وضعه هوغو شافيز»، ويؤكدون أنهم في الجبهة المعارضة للنظام لكن يحرصون على التمايز عن خط غوايدو الذي يعتبرون «شرعيته أكثر بكثير من شرعيّة مادورو، لكن الاعتراف السياسي بهذه الشرعيّة لا بد أن يكون عبر صناديق الاقتراع».
ويقول غوستافو ماركيز، وهو أحد الأعضاء البارزين في المعارضة اليسارية الفنزويلية: «مادورو يحكم البلاد خارج نطاق الدستور منذ عام 2016، ونحن نسعى منذ سنوات لعزله من السلطة، لكن ليس بأي شكل كان. لذلك نرفض كليّاً التدخل الخارجي، والطريق الذي رسمته الإدارة الأميركية للمعارضة التقليدية ليس مقبولاً بالنسبة إلينا». ويضيف ماركيز الذي كان مستشاراً سياسيا مقرّبا من شافيز لسنوات «نقترح إجراء استفتاء استشاري من أجل إعادة إضفاء الشرعية على كل السلطات العامة لتحقيق الاستقرار في المشهد السياسي وإعطاء بعض الخيارات لمادورو. نرى من الضروري الحوار معه وصرف النظر كليّاً عن الحل العسكري. الطريق السلمي يمرّ عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية، وليس ما يمنع أن يلعب مادورو دوراً سياسياً في المستقبل».
وتجدر الإشارة إلى أن ثمّة تنظيمات يسارية كثيرة، شعبية وطلابية وحزبية، مناهضة لخط مادورو داخل الحركة «الشافيزية» منذ وفاة الرئيس السابق عام 2013، لكنها مشتّتة في أنحاء البلاد من غير رابط يجمع بينها وينظّم تحركاتها. وتحتجّ هذه التنظيمات باستمرار على التجاوزات البيروقراطية والفساد الإداري المستشري بين أتباع النظام، وعلى «المجازر البيئية» التي ترتكبها شركات روسية وصينية وتركية في مناطق استخراج الذهب. مع ذلك، ورغم اعترافها بأن نظام مادورو قد فشل وأوصل البلاد إلى أزمة معيشية خانقة، تقترح معظم هذه التنظيمات القبول برئاسته في انتظار مخرج سياسي خوفاً من حل تفرضه الولايات المتحدة بالقوة العسكرية.
وتهدف المساعي الأوروبية المبذولة منذ أسابيع بعيداً عن الأضواء إلى تقليص المسافة الفاصلة بين المعارضة اليسارية التي تجد صعوبة كبيرة في قبول خريطة الطريق الأميركية للخروج من الأزمة، والمعارضة اليمينية التقليدية التي تتحرك وفقاً لتوجيهات واشنطن. وتعتبر بروكسل أن السبيل الوحيد إلى حل سياسي للأزمة يمرّ عبر التفاهم بين هذين الطرفين حول خريطة طريق مشتركة لانتقال السلطة توقف الانجرار إلى مواجهة عسكرية بدأت طبولها تُقرع في الأيام الأخيرة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».