شرع البرلمان التونسي في مناقشة مشروع قانون يتعلق بتنقيح قانون الانتخابات، ويهم أساساً رفع العتبة الانتخابية من 3 في المائة إلى 5 في المائة، وهو ما أثار غضب وحفيظة الأحزاب المعارضة، وعلى رأسها تحالف الجبهة الشعبية اليسارية، والأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، التي تتزعمها حركة النهضة الإسلامية.
ويجري حالياً طرح هذا القانون في أجواء متوترة، حيث توعدت أحزاب المعارضة بتعطيله بكل الطرق، وحذرت من إمكانية الخروج في مظاهرات، وتنظيم احتجاجات سلمية. وتعود أسباب هذا التوتر إلى أن هذا القانون الجديد يمنع الأحزاب، التي تحصل على أقل من 5 في المائة من أصوات الناخبين، من التمثيل في البرلمان، علما بأن هناك حاليا أكثر من 13 حزباً سياسياً ممثلاً في البرلمان بنسبة 3 في المائة فقط، وهي النسبة التي اعتمدها القانون الانتخابي خلال انتخابات عام 2011 و2014، وأيضا خلال الانتخابات البلدية لسنة 2018. وفي حال تطبيق هذا القانون الجديد فإن عدداً مهماً من الأحزاب السياسية الصغرى، والمستقلين سيجدون أنفسهم خارج قبة البرلمان.
وفي هذا السياق، قال غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض، إن حزبه «لا يمكن أن يوافق على قبول قانون انتخابي، ذي صبغة إقصائية لعدد كبير من الأحزاب السياسية».
من جهته، اعتبر طارق البراق، النائب عن الجبهة الشعبية، هذا القانون الجديد «مشروعاً خطيراً للغاية»، خاصة أنه يطرح قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية السنة المقبلة. مبرزاً أن الدافع وراء ذلك هو «رغبة أطراف سياسية في إقصاء أحزاب سياسية ومستقلين يخالفونها الرأي»، على حد قوله.
في المقابل، اتفقت أحزاب الائتلاف الحاكم، بزعامة حركة النهضة، على أهمية إجراء هذا التعديل، الذي سيتيح، حسبها، خلق أغلبية داخل البرلمان، وتوحيد توجهات الأحزاب السياسية في جبهات سياسية كبرى، عوض التشرذم الذي تشهده الساحة السياسية في الوقت الحالي. وبهذا الخصوص قال الصحبي عتيق، قيادي حركة النهضة إن الزيادة في عتبة الدخول إلى البرلمان من 3 إلى 5 في المائة من أصوات الناخبين يعد «من بين الإصلاحات السياسية الضرورية لخلق مشهد سياسي أكثر توازتا».
بدورها، شددت هاجر بالشيخ، من كتلة الائتلاف الحاكم المنسوبة إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، على أهمية هذا التعديل الذي سيمكن من تجاوز الانقسام والتشتت، الذي تعرفه الساحة السياسية، حسب تعبيرها، مؤكدة أن تونس «باتت في حاجة إلى عدد كبير من الإصلاحات، خاصة بعد أن رفض البرلمان عددا من القوانين الهامة، بسبب الإخفاق في تحقيق أغلبية الأصوات».
في غضون ذلك، عبرت 12 منظمة وجمعية حقوقية، وعشرة أحزاب سياسية وعدد من الشخصيات المستقلة، عن رفضها مشروع تنقيح القانون الانتخابي المعروض على البرلمان، واعتبرت أن مشروع القانون «يمس مسار الانتقال الديمقراطي، وذلك قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويكرس سلطة الأغلبية الحاكمة.
وأشارت هذه الأحزاب والشخصيات المستقلة في بيان حمل توقيعها إلى وجود مسعى لضرب القوى الديمقراطية الناشئة في تونس من خلال مشروع القانون الجديد، و«محاولة إسكات الأصوات المخالفة، وتكريس الاصطفاف السياسي، والاستفراد بالحكم وضرب التعددية والتنوع في البرلمان»، وطالبت البرلمان بالتخلي عن مشروع تنقيح القانون الانتخابي، مؤكدة استعدادها للتصدي له في حال المصادقة عليه لأنه «غير دستوري»، حسب تعبيرها.
تعديل قانون الانتخابات التونسية يثير غضب المعارضة
عدّته «محاولة لإسكات الأصوات المخالفة»
تعديل قانون الانتخابات التونسية يثير غضب المعارضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة