مسيرة سوانزي سيتي في دوري الدرجة الأولى (تشامبيون شيب) تختلف عنها في مسابقة كأس إنجلترا. فرغم تأهل سوانزي سيتي إلى دور الثمانية في مسابقة الكأس ليلتقي مانشستر سيتي بفوزه على برندفورد بأربعة أهداف مقابل هدف واحد، فإنه يحتل المركز الثالث عشر في جدول الترتيب بفارق تسع نقاط عن الفريق الذي يحتل المركز السادس ضمن المراكز الأربعة المؤهلة لتصفيات التأهل إلى الدوري الممتاز. وإضافة إلى وضعه في جدول الترتيب تسود النادي حالة من الفوضى وسوء الإدارة.
بينما كانت عقارب الساعة تشير إلى نهاية اليوم الأخير من فترة الانتقالات الشتوية الماضية، كانت هناك حالة من الفوضى تدور خلف الكواليس في نادي سوانزي سيتي، وهو الأمر الذي دعا لاعب الفريق كونور روبرتس لنشر تغريدة على حسابه الخاص على موقع «تويتر» ينتقد فيها ضمنيا عدم إبرام النادي لصفقات قوية لتدعيم صفوف الفريق. ورغم أن اللاعب الويلزي الدولي قد حذف التغريدة بعد وقت قصير، لكن الاستنتاج كان واضحاً تماماً، وهو أن لاعبي سوانزي سيتي يشعرون بالإحباط وخيبة الأمل مثلهم في ذلك مثل جمهور النادي.
وقد حدث نفس الشيء في أغسطس (آب) الماضي، عندما رحل أربعة لاعبين عن الفريق في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة من فترة الانتقالات الصيفية، لكن اللاعب الذي نشر تغريدة غاضبة وحذفها بسرعة هذه المرة كان مهاجم وهداف الفريق أولي ماكبيرني. ولم يقتصر الأمر على روبرتس وماكبيرني، حيث يشعر لاعبو الفريق بالفزع من الطريقة التي تتم بها إدارة النادي ويشعرون بتعاطف كبير مع المدير الفني للفريق، غراهام بوتر. وكان لوري فير، قائد الفريق، محبطاً للغاية من احتمال رحيل دانيال جيمس في فترة الانتقالات الشتوية الماضية للدرجة التي جعلته يتصل بمالكي النادي الأميركيين، ستيف كابلان وجاسون ليفين، لكي يسأل عما يجري داخل النادي. لكن صفقة انتقال جيمس إلى ليدز يونايتد توقفت في اللحظات الأخيرة واستمر اللاعب مع سوانزي سيتي.
وربما يجب التأكيد الآن على أن سوانزي سيتي لم يعد ذلك النادي الذي كان نموذجا يحتذي به الآخرون في السابق. وكان يُنظر إلى هو جينكينز على أنه بطل عندما ترأس سوانزي سيتي خلال الفترة التي شهدت تألق الفريق بشكل لافت، لكن بات يُنظر إليه الآن على أنه رجل شرير بعد أن استقال من منصبه كرئيس للنادي قبل نحو أسبوعين، في الوقت الذي يخوض فيه أنصار النادي نزاعاً قانونياً مريراً مع أولئك الذين باعوا أسهمهم لرجلي الأعمال الأميركيين عام 2016.
أما بالنسبة لكابلان وليفين، فقد مر النادي بموسمين ونصف موسم مأساويين تحت قيادتهما. ولا شيء يعكس هذا الوضع المأساوي أكثر من غلاف المجلة التي تصدر باسم النادي والذي ربما يلخص شعور الغالبية العظمى من جمهور النادي تجاه كابلان وليفين، حيث حملت الصفحة الرئيسية للمجلة صورة رجلي الأعمال الأميركيين وعليها عبارة: «اخرجا من نادينا». وفي الحقيقة، لا يوجد كابلان وليفين في سوانزي سيتي، ونادرا ما يزورا النادي، ويكتفيان بإصدار القرارات من الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وبعيدا عن قرارهما بإسناد مهمة تدريب الفريق لغراهام بوتر، الذي سبق وأن قاد نادي أوسترسوند للترقي من الدرجة الرابعة إلى الدوري الممتاز في السويد، فمن الصعب أن تتذكر الكثير من الأمور الجيدة الأخرى التي قاما بها.
وكانت الاستراتيجية التي يتبعها النادي منذ هبوطه من الدوري الإنجليزي الممتاز واضحة تماما وتتلخص في تقليص النفقات إلى أقصى حد ممكن، أو ما يطلق عليه الأميركيون «العلاج الصعب». ومنذ ذلك الحين، رحل عن الفريق 16 لاعبا ولم يتعاقد النادي سوى مع خمسة لاعبين جدد. وعقب إغلاق فترة الانتقالات الصيفية الماضية، وجد بوتر فريقه لا يضم سوى مدافع واحد فقط بعدما باع النادي اثنين من مدافعيه في اليوم الأخير من فترة الانتقالات!
ونتيجة لذلك الموقف الصعب، بدأ بوتر يعتمد على اللاعبين الشباب لدرجة أن نادي سوانزي سيتي، الذي قضى سبعة مواسم بالدوري الإنجليزي الممتاز ولم يهبط لدوري الدرجة الأولى إلا منذ تسعة أشهر فقط، بات يلعب بتشكيلة من اللاعبين في دوري الدرجة الأولى - من حيث معدل أعمار اللاعبين - تشبه تشكيلة الفرق التي تلعب في دوري الدرجة الثالثة. وقبل انطلاق مباريات نهاية هذا الأسبوع، شارك اللاعبون الذين يصل متوسط أعمارهم إلى 23 عاما أو أقل في 17.357 دقيقة من مباريات سوانزي سيتي في دوري الدرجة الأولى هذا الموسم - وهو ثالث أعلى عدد من الدقائق للاعبين في هذه الفئة العمرية بين جميع الأندية الـ72 التي تلعب في دوريات المحترفين في إنجلترا، خلف ناديي يوفيل وسويندون، في حين جاء نادي كرو في المركز الرابع. أما الناديان الآخران اللذان هبطا من الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، وهما وست بروميتش ألبيون وستوك سيتي، فجاء في المركزين الخامس والستين بـ5.101 دقيقة، والمركز الحادي والسبعين بـ 2.717 دقيقة على التوالي.
ويعود السبب الرئيسي وراء كل هذا إلى أن سوانزي سيتي بات في وضع صعب للغاية من الناحية المالية، لأنه يدفع مرتبات وأجورا كبيرة للغاية سُمح لها أن تصل إلى مستويات خارج السيطرة على مدى عدة سنوات، فضلا عن إبرام النادي لعدد من التعاقدات الكارثية خلال الموسم الأخير للفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز على وجه التحديد. وسوف يستشهد كل طرف من أطراف الأزمة ببعض الظروف لكي يبرر القرارات التي اتخذها، لكن الحقيقة هي أن جينكينز وماكي النادي - من دون استثناء قد أسهموا في وصول النادي إلى هذه الفوضى.
ويكفي أن نعرف أن النادي أنفق 45 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع سام كلوكاس وويلفريد بوني وأندريه آيو الموسم الماضي، بالإضافة إلى 25 مليون جنيه إسترليني على صفقات وأجور لاعبين على سبيل الإعارة مثل ريناتو سانشيز وتامي أبراهام وروكي ميسا. واستعاد سوانزي سيتي بعضا من هذه الملايين عندما باع كلوكاس إلى ستوك سيتي في اليوم الأخير من فترة الانتقالات الصيفية الماضية. وكان بوني يحصل على 4.5 مليون جنيه إسترليني سنويا وهو يلعب في دوري الدرجة الأولى، نظرا لأن عقده مع النادي لم يكن ينص على بند يسمح بتخفيض أجره في حال هبوط الفريق. وفي نفس الوقت، لم يعثر سوانزي سيتي على ناد يرغب في التعاقد بشكل دائم مع أندريه آيو الصيف الماضي.
وبالمناسبة، يجب الإشارة إلى أن سوانزي سيتي كان قد تعاقد مع كل من بوني وآيو في اليوم الأخير من فترة الانتقالات الصيفية واليوم الأخير من فترة الانتقالات الشتوية الموسم الماضي على التوالي. إن الطريقة التي كان يتعاقد بها سوانزي سيتي مع اللاعبين تشبه توجه شخص إلى شارع أكسفورد في الوقت الذي تستعد فيه المتاجر للإغلاق عشية عيد الميلاد ثم يقوم بشراء هدية غير مناسبة تماما لزوجته ويدفع مقابلا ماديا كبيرا للغاية، ثم يجد في نهاية المطاف أنه لا يوجد أي شخص يريد أن يحصل على هذه الهدية!
وهناك شيء آخر يدعو للقلق في سوانزي سيتي وهو أن آيو، الذي يلعب على سبيل الإعارة مع نادي فنربشخة التركي، سيظل أمامه عامان آخران في عقده مع سوانزي سيتي عندما ينتهي هذا الموسم. وعلاوة على ذلك، يلعب بورجا باستون، الذي كان يحمل الرقم القياسي لأغلى لاعب في تاريخ النادي مقابل 15.5 مليون جنيه إسترليني قبل عودة آيو إلى النادي من وستهام يونايتد، يلعب هو الآخر على سبيل الإعارة. ولم يشارك اللاعب الإسباني سوى في أربع مباريات فقط بالدوري مع سوانزي سيتي على مدار ثلاث سنوات، وما زال عقده مع النادي مستمرا حتى عام 2020.
أما بالنسبة لجوردان آيو وجيفرسون مونتيرو وتوم كارول، الذين يلعبون على سبيل الإعارة لأندية كريستال بالاس ووست بروميتش ألبيون وأستون فيلا على التوالي، فإن عقودهم مع سوانزي سيتي سوف تستمر لمدة 16 شهرا أخرى. وينطبق نفس الشيء على ناثان داير وكايل نوتون.
كل ذلك يعني أنه رغم أن سوانزي سيتي يسعى للعودة إلى المسار الصحيح، فإنه لم يتمكن من التغلب على آثار الإسراف المالي المبالغ فيه عندما كان يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهي الآثار التي ألقت بظلالها على الفريق في الموسم الحالي. وعلاوة على ذلك، فإن النادي مطالب بتوفير 30 مليون جنيه إسترليني أخرى خلال الصيف المقبل، وسننتظر لنرى ما إذا كان النادي سيتمكن من بيع اللاعبين الذين يحصلون على رواتب عالية أم لا، وما إذا كان سيجد مشترين لهؤلاء اللاعبين من الأساس!
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل ملاك النادي ليس لديهم الرغبة أم ليس لديهم القدرة على ضخ أموال في النادي للتعامل مع هذه المشاكل المالية؟ وقال كابلان وليفين بعد استحواذهما على حصة الأغلبية في النادي: «سنعمل بكل عزم وإرادة على مواصلة تحسين هذا النادي، ولدينا الموارد المالية اللازمة للقيام بذلك». وهناك قلق الآن من أن يضطر بوتر لبيع لاعب أو أكثر من اللاعبين الشباب الذين تألقوا تحت قيادته ولعبوا بكل قوة في مثل هذه الظروف الصعبة من أجل إعادة الثقة لجمهور وعشاق النادي.
ولعل الشيء اللافت للنظر يتمثل في أنه رغم كل هذه الصعوبات وكل هذا الغموض والتوتر المسيطر على أجواء النادي والشعور بأن النادي يسير من سيئ إلى أسوأ، فإن المدير الفني للفريق غراهام بوتر ما زال يواصل عمله بكل قوة وحماس، رافضاً أن يتملكه التشاؤم، ومستمرا في القيام بمهام عمله الذي بدأ الصيف الماضي. وبالتالي، يمكن القول بأن بوتر هو الشخص الذي يجمع زمام الأمور في النادي، وفي حال رحيله فإن كل شيء سينهار سريعا.
سوانزي سيتي يتحول من نادٍ يحتذى به إلى قصة بائسة
تأهل إلى دور الثمانية بكأس إنجلترا لكنه يواصل تعثره في دوري الدرجة الأولى
سوانزي سيتي يتحول من نادٍ يحتذى به إلى قصة بائسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة