هل سنواجه «إيبولا» بعد «الكورونا»؟

مهمات الوقاية من الفيروس القاتل المسبب لنزف الدم

هل سنواجه «إيبولا» بعد «الكورونا»؟
TT
20

هل سنواجه «إيبولا» بعد «الكورونا»؟

هل سنواجه «إيبولا» بعد «الكورونا»؟

في السبعينات من القرن الماضي وأثناء دراستي للطب؛ استقدم أحد المختبرات العلمية في مدينة «ماربورغ» الألمانية قرودا أفريقية من زائير لمتابعة الأبحاث، من غير علم بأن هذه القرود تحمل فيروس «إيبولا»، وكانت النتيجة فاجعة علمية راح ضحيتها مجموعه من العلماء الكبار.

* واقعة تاريخية
هذه الواقعة كانت بالنسبة لي أول إحساس بالرعب والإرهاب الفيروسي في مشواري العلمي، وقد كنتُ حذرا في تعاملي مع حيوانات التجارب العلمية أثناء فترة تخصصي بألمانيا، وفي مرة أُعطيت عينة دم وبول من أحد المرضى في مدرسة الطب العالي قسم الميكروبيولوجيا في هانوفر عام 1978، ومن التاريخ المرضي عرفتُ أنه كان في إجازة في سواحل جنوب إسبانيا، وقال إنه ربما تعرض إلى عضًّة لإصبعه من أحد القوارض وهو نائم. ورصدت آثار عضة في أحد أصابع الرجل اليسرى، وهو يشكو من حمّى نزفية وبول داكن واصفرار في العيون.
وكان قرار البروفسور الذي كنت اعمل معه أن أزرع العينتين في اثنين من الأرانب، وقد قمت بذلك، وما هي إلا ثلاثة أيام حتى بدأت الأعراض على الأرنبين تتماثل، وكانت عبارة عن خمول واصفرار في العينين وحمى وبول داكن، وكانت الخطوة التالية هي جمع عينة من دم القلب لكلا الأرنبين وفحصها تحت المجهر الطبقي والمجهر ذي المجال المظلم (phasecontrast and darkfield microsopes)، وبالفعل وجدنا خيوطا جرثومية ملتوية في التحرك، وهو ما يثبت نوعا من البكتيريا الحلزونية (leptospira icterohemorrhagic)، ولاحظ هنا تشابه الأعراض فيما ستقوم بقراءته في ما بعد عن «إيبولا».
هذه النتيجة وفرت مشوارا من البحث عن مسببات أخرى مثل فيروس «إيبولا» القاتل. ولاحظ معي أن فيروسا واحدا من «إيبولا» يمكنه أن يقتل، بينما خمس إلى عشر جراثيم من الدوسنتريا الشيقيلية يمكنها أن تصيب بالمرض، وأن مائة جرثومة من الكوليرا تؤدي للإصابة بالإسهال. لتعرف مدى خطورة هذا الفيروس ذي الأصول الأفريقية فهو الآن يتمحور ابيدميولوجيا (وبائيا) في أربع دول، هي سيراليون وغينيا والكونغو وليبيريا، لكن في الواقع له مواطن أخرى مثل السودان وزائير وغابات التاي وبوندي بوغو وساحل العاج وريستون.

* فيروس قاتل
في الأصل فإن فيروس «إيبولا» ينقسم إلى خمسة أصناف من عائلة واحدة تسمى «filoviridea»، مستحدثة وجدت غالبا في خفاش الفاكهة والقردة.
اكتشف الفيروس المسبب للحمى النزفية عام 1976، وتكمن العدوى في أن الجرعة الفيروسية هي فيروس أحادي تبلعه خلية الجسم بما يسمى «endocytosis»، حيث يتكاثر في داخل السيتوبلازم الخلوي، وبعد ذلك يدخل الجسم من أوسع أبوابه فيضرب جهاز التخثر في الدم ويسبب زيادة عارمة في سيولة الدم، ومن ثم يفتك بنظام المناعة ويغلق مصانع إنتاج الدم في النخاع العظمي ويصبح المريض دون غطاء مناعي، وتكمل الحمى والإسهال في تنشيف الجسم، مما يوصل إلى هبوط في الضغط وضعف شديد يكمل بقية المشوار، وتساعد ذلك عدوى ثنائية بكتيرية لعدم وجود التغطية المناعية، فينهار الجسم تحت وطأة انهيارات أخرى مثل الفشل الكلوي، وتذهب الروح إلى بارئها.
الأعراض: قد تكون لهذا المرض بوادر يصعب على المختص التعرف من خلالها على «إيبولا»، كأن يبدأ بوجع في الرأس، واحتقان في الحلق، وألم في المفاصل، واحمرار في العينين، وطفح جلدي، قبل أن تنخرط الأعراض المفصلية المذكورة. وربما هنا في هذه الفترة تأتي المأساة في تزاحم الأقارب والمخالطين مع الزائرين والداعين بالشفاء العاجل، وهم لا يعون أنهم اللاحقون في طريق «إيبولا» القاتل.
العلاج: إذا استطاع مقدمو الرعاية الطبية الواعية إعادة سيولة الدم إلى مستوى مقبول وتعويض ما يفقده الجسم عن طريق ضخ أمصال الدم (FFP) التي تحوي عناصر التخثر وبروتينات مناعية وموازنة أملاح الدم ومنع العدوى الثنائية، فقد تنحدر نسبة احتمال الوفاة من تسعين إلى خمسين في المائة، ويأتي لك العلم ببشارة أخرى، حيث يقول إن مثبط إنزيم اسمه «adenosyl homocysteine hydrolase» يذيب الفيروس وأثبت فعاليته في التجارب العلمية على الحيوان، وقد أقرته إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA).

* مهمات الوقاية
الوقاية: اغسل يديك جيدا بعد المصافحة، لا قبلات أخوية، احمل دائما كمامة في جيبك في مثل هذه الظروف لزيارات المرضى الذين لا بد منهم.
خطوات مهمة: مهمتنا جميعا أن نطبق الخطوات التالية:
- تعليم المخالطين الصحيين (ممرضين وممرضات) طريقة عزل المريض وحماية النفس من الإصابة.
- على الجهات المختصة ألا تمنع ترخيص القادمين من الدول المصابة فحسب، بل والتمحيص في من يحمل جوازات سفر ثنائية الدول والعبور عن طريق دول أخرى.
- منع توريد أي مادة غذائية من هذه الدول والبحث عن مصادرها الأساسية.
- إدخال طرق مكافحة العدوى وبطرق مبسطة في النشرات الصحية والإعلامية والإخبارية في الإذاعة والتلفزيون والصحف، وشرح طرق مصافحة المريض، وعدم استخدام ما يخص المصاب، وعدم التعرض إلى الإبر المستخدمة، وطرق التخلص منها، والطرق الصحيحة للتخلص من إفرازات المريض سواء كانت بلغما أو بولا أو برازا، وتعقيم المرحاض بعد استخدامه.
- معرفة طرق التعرف على الأعراض في المراحل الأولى للحمى النزفية مثل الحرارة، ووجع الرأس، وألم المفاصل والعضلات.. والعين دائما على العين والبول.
- تحديد مسار المريض ومن أين هو قادم ومع من اختلط.
- الاستفادة من التعاون الدولي والخبرة العالمية في العمق لمنع انتشار المرض كوباء.
- دعوة الجهات العلمية البحثية السعودية لإجراء دراسة على القردة المستوطنة في مناطق جنوب المملكة.

* استشاري علم الأمراض



احذر... التمارين قد تضر وضعية جسمك... فكيف تحمي نفسك؟

من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)
من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)
TT
20

احذر... التمارين قد تضر وضعية جسمك... فكيف تحمي نفسك؟

من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)
من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)

إذا كنتَ ترتاد صالة الألعاب الرياضية بانتظام وتشعر بقوة أكبر، ولكنك تشعر أيضاً بقدر من التيبس وبانحناء أكثر، فقد يعني ذلك أنك تغفل عن عناصر أساسية تُحقق التوازن في تمارينك.

وعلى الرغم من حُسن النية، يُعزز الكثيرون، دون قصد، وضعية الجسم السيئة من خلال تمارين القوة، مما يؤدي إلى تشنج العضلات وتقييد الحركة وحتى الألم المزمن، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

ويمكن لبعض التعديلات البسيطة أن تساعدك على التدرب بذكاء، بحيث تعزز تمارينك قوتك مع تحسين وضعيتك، مما يُتيح لك حركة أفضل داخل وخارج صالة الألعاب الرياضية.

كيف يمكن أن تؤثر التمارين الرياضية على وضعية الجسم؟

تعكس وضعية الجسم كيفية توازن الجسم ودعمه لنفسه في أثناء الحركة. ويتطلب هذا التوازن محاذاة سلسة للرأس والكتفين والعمود الفقري والحوض. وتنشأ سوء وضعية الجسم (انحناء الكتفين وتقوس الظهر وانحناء الرأس للأمام) من اختلال التوازن العضلي، حيث تكون بعض العضلات مُرهقة ومتوترة، بينما تكون عضلات أخرى ضعيفة وغير مُستخدمة بالشكل الكافي.

ولسوء الحظ، فإن العديد من الممارسات الشائعة في تمارين القوة قد تُعزز هذه الاختلالات. فتركيز خطة التدريب على تمارين عضلات الصدر والبطن وتمرين الضغط، قد يقوّي عضلات مقدمة الجسم، بما في ذلك عضلات الصدر والبطن وعضلات ثني الورك، دون التركيز على عضلات الجزء الخلفي التي تُساعد على دعم وضعية الوقوف المستقيم، مثل عضلات منتصف الظهر والأرداف وأوتار الركبة. ومع مرور الوقت، قد يُؤدي هذا الخلل إلى انحناء الجسم للأمام في «وضعية مُقوّسة ومنكمشة».

وحتى مع تمارينك المتوازنة، فإن رفع الأثقال بطريقة خاطئة، مثل ترك كتفيك تنحنيان في أثناء تمارين التجديف أو القرفصاء، قد يُسبب خللاً في وضعية الجسم. وتزداد هذه المشكلة وضوحاً عند تكرار التمارين تحت حمل الأثقال.

كيف تتدرب بذكاء؟

هناك ثلاث استراتيجيات للتمارين تمكّنك من مواصلة بناء القوة بطريقة تُحسّن أيضاً وضعيتك وحركتك:

موازنة تمارين الدفع والسحب

من أبسط وأكثر الطرق فاعلية لدعم وضعية جيدة لجسمك من خلال تمارين القوة هي تحقيق التوازن في تمارينك. لكل حركة دفع، مثل تمارين الضغط، أضف حركة سحب مثل تمارين التجديف.

تُنشّط حركات السحب عضلات الجزء العلوي والوسط من ظهرك، مما يُساعد على مُواجهة تأثير السحب الأمامي لعضلات الجزء الأمامي المسيطرة. إذا كانت حركات حياتك اليومية، مثل معظم الناس، تتضمن الكثير من مد الجسم والدفع والجلوس، فمن الأفضل أن تُدرج تمارين السحب أكثر من الدفع في تمارينك.

يجب عليك أيضاً الاهتمام بتدريبات الجزء السفلي من الجسم لضمان تقوية الجزء الأمامي والخلفي من ساقيك، مثل: تمارين القرفصاء والاندفاع والأرداف ودفع الورك.

أدرج تمارين الحركة في روتينك

لا تقتصر تمارين الحركة على الإحماء أو أيام التعافي فحسب، بل هي جزء أساسي من التدريب للحفاظ على وضعية صحية والحفاظ على حركة جيدة. يمكن أن يحدّ شد العضلات الناتج عن تمارين القوة من نطاق حركتك. ومن دون تمارين الحركة، قد تبدأ في التعويض بطرق تزيد من إجهاد المفاصل والوضعية.

أضف تمارين الحركة التي تستهدف المناطق المقيدة عادةً، وخاصة الظهر والوركين والكتفين. حتى خمس دقائق فقط من اليوغا أو أي تمارين حركة متعمدة أخرى قبل التمرين أو بعده يمكن أن تقلل من التيبس وتُحسّن أنماط الحركة.

ومن أبرز تمارين الحركة الموصى بها: تمارين الانزلاق على الحائط أو (wall slides)، وتحرير مفصل الورك أو (Three-way hip flexor release)، ولفّ طاحونة الهواء أو (Windmill twist).

استخدم الوضعية الصحيحة

الوضعية أثناء التمرين مهمة. ويجب الالتزام بمحاذاة صحيحة أثناء أداء التمارين، وهذا يعني الانتباه إلى:

• وضعية الرأس والرقبة: تجنب بروز ذقنك للأمام أو شد رقبتك.

• وضعية الكتفين: حافظ على كتفيك منخفضتين للخلف، وليس مرفوعتين نحو أذنيك.

• محاذاة العمود الفقري: حافظ على وضعية جيدة ومستقيمة للعمود الفقري وتجنب التقوس.

• التنفس: الزفير مهم أثناء المراحل المجهدة في التمارين لدعم عضلات الجذع والمساعدة في الحفاظ على وضعية ثابتة.

وفي النهاية، فإن إجراء هذه التغييرات البسيطة على تمارينك سيعود عليك بفوائد جمة. ومن خلال التدريب بذكاء، يمكنك بناء قوة تدعم وضعية جيدة لجسمك وحركة صحية خالية من الألم.