قرية الباغوز السورية ساقطة عسكرياً... وتراجع سيطرة «داعش» إلى «أمتار مربعة»

مسؤول عسكري لـ «الشرق الأوسط»: القضاء على التنظيم بات مسألة وقت

قوات سوريا الديمقراطية في تمرين عسكري قرب حقل نفط عمر شرق دير الزور أمس (أ.ف.ب)
قوات سوريا الديمقراطية في تمرين عسكري قرب حقل نفط عمر شرق دير الزور أمس (أ.ف.ب)
TT

قرية الباغوز السورية ساقطة عسكرياً... وتراجع سيطرة «داعش» إلى «أمتار مربعة»

قوات سوريا الديمقراطية في تمرين عسكري قرب حقل نفط عمر شرق دير الزور أمس (أ.ف.ب)
قوات سوريا الديمقراطية في تمرين عسكري قرب حقل نفط عمر شرق دير الزور أمس (أ.ف.ب)

يدافع عدد من مقاتلي تنظيم داعش بعناد عن آخر بقعة من سلطة، متحصنين داخل ما تبقى لهم في الشرق السوري، مانعين المدنيين من الفرار في وجه عملية تقودها «قوات سوريا الديمقراطية» مدعومة من التحالف الدولي.
وباتت قوات سوريا الديمقراطية على وشك إعلان انتصارها «في الأيام المقبلة»، لكن مقاتلي التنظيم المتحصنين في جيب في قرية الباغوز مساحته أقل من نصف كيلومتر مربع، يظهرون مقاومة شرسة. وعلى مقربة من الباغوز، كانت هناك نقطة لاستقبال الفارين من التنظيم خالية، أمس الأحد، كما لاحظ فريق وكالة الصحافة الفرنسية، حيث كانت عشرات الخيم والشاحنات المستخدمة في عمليات النقل فارغة، وقال أحد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية للوكالة: «لم يخرج أحد منذ يومين». وأوضح مصطفى بالي وهو متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية أن «تنظيم داعش أغلق كل الطرقات» من الجهة التي يسيطر عليها من الباغوز، مضيفاً أن أكثر من 2000 مدني قد لا يزالون متواجدين هناك. وتابع على «تويتر» أن مقاتلي التنظيم محاصرون «في بضعة أمتار مربعة ويحتجزون عدداً من المدنيين ويرفضون تحريرهم».
من جهته، قال المتحدث باسم التحالف الدولي شون راين لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «مدنيين فروا يتحدثون عن استخدام التنظيم لهم دروعاً بشرية، حتى إنه يقتل أبرياء لردع الآخرين عن الفرار». ومنذ بداية ديسمبر (كانون الأول)، فر نحو 40 ألف شخص من المنطقة الخاضعة لسيطرة التنظيم، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
إلى ذلك، قال القيادي العسكري في «قوات سوريا الديمقراطية» جيا فرات لـ«الشرق الأوسط» من حقل العمر النفطي، ويقع على بعد 70 كم جنوب شرقي مدينة دير الزور السورية، إن «قرية الباغوز ساقطة نارياً، والتنظيم محاصر بداخل مساحة جغرافية لا تتعدى 700 متر مربع»، مشيراً إلى أن إنهاء وجود تنظيم داعش شرق نهر الفرات بات مسألة وقت، وقال: «في الأيام القليلة القادمة وفي وقت قصير جداً ومن جبهات القتال؛ سنبث بشرى سارة إلى كل شعوب المنطقة والعالم بإعلان نهاية الوجود العسكري لتنظيم (داعش) الإرهابي». وذكر جيا فرات قائد «حملة عاصفة الجزيرة» للقضاء على التنظيم المتشدّد: «استطعنا إجلاءهم عبر ممر آمن ونقلهم إلى مخيمات الإيواء وتقديم الخدمات الإنسانية لهم». ويعزو تأخر معركة الباغوز رغم أنها باتت تحت السيطرة النارية، إلى «وجود آلاف المدنيين الذين تحتجزهم عناصر التنظيم دروعاً بشرية. نحن نتحرك ببطء لتجنيب سقوط هؤلاء وعزلهم من نيران المعركة ومخاطر الاشتباكات».
وكشف المسؤول العسكري إلى وجود أسرى من «قوات سوريا الديمقراطية» لدى تنظيم داعش وقال: «نتعامل بحذر مع هذا الملف. تم تحرير عشرة من مقاتلينا خلال الأيام الماضية أثناء تقدم قواتنا، لكن هناك العشرات لا يزالون أسرى لديه». وبعد طرد عناصر تنظيم داعش من معقله الأبرز في سوريا مدينة الرقة بشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2017، شنت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية ومشاركة 79 دولة غربية وعربية، هجوماً واسعاً نحو الريف الشمالي لمدينة دير الزور منذ سبتمبر (أيلول) العام الفائت، في المنطقة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، لكن عناصر «داعش» يبسطون السيطرة على جيب صحراوي إلى الغرب من نهر الفرات، تحيط به القوات النظامية الموالية للأسد، وميليشيات إيرانية والحشد الشعبي من الجهة العراقية.
وفي الخطوط الأمامية لجبهة الباغوز، غلبت الفرحة على الذكريات الأليمة عند مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية»، ويقول موسى (23 سنة) المتحدر من مدينة الحسكة ويشارك في الحملة منذ بداية إعلانها سبتمبر العام الماضي: «نحن فرحون جداً. تم تحرير هذه الأرض بدماء أبنائها من قبضة عناصر (داعش) الذي أرهب البشر والحجر على مدى أكثر من 5 سنوات».
أما المسؤول العسكري وليد وهو من أبناء مدينة منبج غرب نهر الفرات، ويقود مجموعة عسكرية منتشرة في الخطوط الأمامية للمعركة، فيقول «بعد إعلان هزيمة التنظيم، نريد عودة كل المدنيين وسكان هذه المناطق إلى بيوتهم وممتلكاتهم حتى وإن كانت مدمرة. نريد خلاص أهلنا من النزوح واللجوء». وفي الطريق الصحراوي الفرعي من حقل العمر بريف دير الزور الشمالي، ويبعد نحو 80 كيلومتراً شمال غربي جبهة الباغوز، انعدمت الحياة وبالكاد تشاهد عربات عسكرية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لأن المنطقة قريبة من الخطوط الأمامية للمعركة الحاسمة.
في هذه البقعة الصحراوية يحظر على المدنيين التجول فيها، وكان بالإمكان مشاهدة سيارات ومصفحات عسكرية محترقة على حافة الطريق، كانت في يومٍ ما مفخخات لعمليات انتحارية قام بها عناصر «داعش». وفي نقطة متقدمة من جبهة المعركة بقرية الباغوز، يقف المقاتل عبد القادر المتحدر من مدينة الرقة، مصوبا فوهة بندقية إلى طريق ترابي فرعي تسلل عبره خلال الأيام الماضية عدد من عناصر التنظيم ونفذوا عملية انتحارية، وقال: «ننتظر بفارغ الصبر انتهاء المعركة. سقط الكثير من أصدقائي في هذه الجبهة، وكل السوريون ذاقوا الأمّرين من ممارسات هذا التنظيم».
ومنذ يناير (كانون الثاني) وبعد إعلان التنظيم «خلافة إسلامية» مزعومة في المناطق التي كان يسيطر عليها سابقاً في سوريا والعراق المجاور، عمدَ إلى بثّ الرعب من خلال نشر صور وأفلام مروعة، مثل مشاهد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً بشهر فبراير (شباط) 2015، وتعليق رؤوس جثث عشرات الجنود السوريين - شبه عراة - الذين أُسِروا في مطار الطبقة العسكري في يوليو (تموز) 2014، وتصفية عشرات الصحافيين الأجانب والعاملين في منظمات إغاثة من جنسيات غربية وأوروبية. ويقول محمود الذي يعمل في الكتيبة الهندسية التابعة لـ«مجلس دير الزور العسكري» المنضوي في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية، والمتحدر من مدينة البوكمال: «نقوم بتنظيف المناطق المحررة من الألغام والمفخخات والعبوات الناسفة التي زرعها الدواعش. نعمل على تأمين المنطقة لضمان وسلامة عودة سكانها وتجنب وقوع ضحايا جراء مخلفات الحرب».
ولا تزال كثير من كتابات التنظيم منتشرة على جدران المنازل والمرافق العامة في مداخل البلدات الواقعة على قارعة الطريق، إحداها كتبت على خزان المياه في ناحية السوسة المحررة قبل أسبوعين، تقول: «عندما أعلنا الخلافة لم نكن نكذب على الله»، لتذكير أبنائها بحقبة سوداء قضوها في ظل التنظيم المتطرف.



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.