نقابة معلمي العراق تهدد بالتصعيد إذا لم تستجب الحكومة لمطالبها

بعد إعلانها الإضراب العام ليومين

نقابة معلمي العراق تهدد بالتصعيد إذا لم تستجب الحكومة لمطالبها
TT

نقابة معلمي العراق تهدد بالتصعيد إذا لم تستجب الحكومة لمطالبها

نقابة معلمي العراق تهدد بالتصعيد إذا لم تستجب الحكومة لمطالبها

هددت نقابة المعلمين في العراق، أمس، بالقيام بخطوات تصعيدية أخرى في حال عدم استجابة حكومة عادل عبد المهدي إلى مطالبهما المتمثلة في حل مشكلات العملية التربوية، سواء تلك المتعلقة بالبنى التحتية، والمناهج الدراسية، أو أوضاع المعلمين المعيشية وتطوير قدراتهم التدريسية.
يأتي الإضراب الذي يستمر ليومين (بدأ أمس وينتهي اليوم) مباشرةً بعد انتهاء العطلة الربيعية لطلاب المراحل الابتدائية والثانوية، كما أنه يأتي في ظل الفراغ الوزاري الذي تعاني منه وزارة التربية نتيجة عدم اتفاق الكتل السياسية على اختيار مرشح لهذا المنصب.
ويعد إضراب المعلمين التحدي الأول من نوعه الذي يواجه حكومة عادل عبد المهدي، التي صوت عليها البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وسبق أن دعت منظمات مدنية إلى إضراب مماثل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في المدارس العراقية احتجاجاً على سوء الأوضاع التعليمية، لكن نقابة المعلمين نأت بنفسها عن المشاركة في ذلك التاريخ.
وقال نقيب المعلمين العراقيين عباس كاظم السوداني، إن «قرار الإضراب شجاع ورسالة موجهة إلى الحكومة بعد التدني الكبير في العملية التربوية، وهناك تأييد ودعم نقابي عربي وعالمي لمطالبنا». وحول أهم المطالب التي تريد النقابة تحقيقها من خلال الإضراب، ذكر السوداني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المطلب الأكبر هو إصلاح القطاع التربوي الذي يتضمن إصلاح المنهج التعليمي والبنى التحتية المهدمة للمدارس، وإيجاد سكن لائق للمعلمين والمدرسين وتطوير مهاراتهم، ويجب أن يحصلوا على ترقياتهم الوظيفية بعد تاريخ الاستحقاق، وليس بعد صدور الأمر الإداري بذلك».
وأشار السوداني إلى أن «توقيت الإضراب ليس له علاقة بشغور منصب الوزير وإقرار الموازنة، لأن المجلس المركزي للنقابة كان قد تقدم بهذه المطالب للرئاسات الثلاث في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكنه لم يتلق أي استجابة»، مبيناً أن «الاستجابة للإضراب في عموم مدارس العراق بلغت أكثر من 90 في المائة، وهناك المزيد من الإجراءات التصعيدية في حال استمرت الأوضاع على حالها، ولم تتخذ الحكومة إجراءات جادة من شأنها إيجاد حلول حقيقية لمشكلات التعليم». لكن السوداني أكد أن «رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بعث (أمس) ممثلاً عنه لنقابة المعلمين للوقوف على مطالبها».
ولقى إضراب المعلمين اهتماماً كبيراً من الجهات النقابية والحكومات المحلية في بعض المحافظات، حيث أعلن محافظ واسط محمد جميل المياحي، أول من أمس، عن تعطيل الدوام الرسمي للمدارس ليومين في المحافظة استجابة لدعوة الإضراب. وذكر المياحي في بيان أنه «وجّه تربية واسط لمنح عموم الملاكات التربوية إجازة ليومي الأحد والاثنين وتعطيل الدوام الرسمي للمدارس، من أجل فسح المجال أمام الملاكات التعليمية في تربية واسط للمطالبة بحقوقهم المشروعة».
كما أعلنت محافظات بابل وكربلاء والنجف الأمر ذاته، وأكد مسؤول العلاقات العامة في نقابة المعلمين في البصرة شاكر رجب، استجابة جميع معلمي ومدرسي البصرة للإضراب الذي دعت له نقابة المركز. وقال رجب في تصريحات صحافية، إن «معلمي ومدرسي المحافظة الذين يتجاوزون الخمسين ألفاً استجابوا للإضراب، وتم تعطيل الدوام في كل المدارس».
وبدا صوت وزارة التربية الاتحادية الشاغرة من الوزير خافتاً في ظل أزمة الإضراب، لكن المتحدث باسمها فراس محمد، اعتبر في تصريحات أن «إضراب المعلمين عن الدوام الرسمي ليس من شأن وزارة التربية، وإنما يقع على عاتق نقابة المعلمين والحكومة»، مشيراً إلى أن «المديريات العامة للتربية في عموم العراق مرتبطة بمجالس المحافظات، ووزارة التربية ليس معنية بدوام المعلم أو غيابه، حتى توجه له عقوبة من عدمها». لكنه أشار إلى أن الوزارة «تقف بالضد من الإضراب وتعطيل الدوام الرسمي».
من جهته، قال مزهر الساعدي، رئيس مؤسسة «مدارك» التي أطلقت حملة «أنقذوا التعليم» قبل نحو شهرين، إنه مع «أي جهد يؤدي إلى تحسين الواقع التربوي على ألا يتم استغلاله من أي جهة». وذكر الساعدي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يؤيد الإضراب إن ساهم في تطوير الواقع التعليمي، وكنت أتمنى أن ينطلق قبل إقرار الموازنة للضغط باتجاه تخصيص الأموال اللازمة لتطوير التعليم». وعن أهم ما حققته حملة «أنقذوا التعليم» التي أطلقتها منظمة بمشاركة 7 منظمات مدنية أخرى، قال الساعدي: «استطعنا بعد أن اجتمعنا بنائب رئيس البرلمان ولجنة التربية تحويل مبلغ ترليون دينار عراقي إلى مبالغ تنمية الأقاليم لبناء المدارس المهدمة».
وكشف الساعدي عن «مستويات عالية من التهرب من المدارس إلى جانب اكتظاظ الصفوف بالطلبة ومشكلة الدوام المزدوج في المدارس، إضافة لتراجع التعليم إلى مستويات غير مسبوقة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم