الرئيس الفلسطيني يتدخل لإعادة اللحمة إلى «القائمة المشتركة»

TT

الرئيس الفلسطيني يتدخل لإعادة اللحمة إلى «القائمة المشتركة»

بعد تدخل مباشر من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، اجتمع قادة الأحزاب العربية الوطنية في إسرائيل (فلسطينيّي 48)، في مكتب رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، في محاولة «الساعة الأخيرة» لإعادة اللحمة إليها، وخوض الانتخابات البرلمانية العامة ضمن «القائمة المشتركة».
وقد صرح المرشح الأول عن قائمة الحركة الإسلامية للانتخابات البرلمانية، د. منصور عباس، بعد الاجتماع، أمس (الأحد)، أن الأحزاب الأربعة المشكلة لـ«المشتركة» باتوا أقرب ما يكون إلى إعادة اللحمة وخوض الانتخابات المبكرة للكنيست الـ21، في 9 أبريل (نيسان) المقبل، ضمن تشكيل القائمة المشتركة. وأكد منصور عباس: «أمضينا الأيام الماضية في جولات مباحثات مع ممثلي الأحزاب، وأعتقد أن هناك معادلة تلبي احتياجات الأطراف كافة، ويكون فيها معادلة (رابح ورابح)، وأعتقد أنه هذا هو التوجه العام، وكل الأحزاب السياسية، وبينها (العربية للتغيير) تتجه نحو إعادة تشكيل وبناء القائمة المشتركة».
المعروف أن القائمة المشتركة، التي تأسست لأول مرة في سنة 2015، وصوّت لها 84 في المائة من فلسطينيّي 48، حتى فازت بـ13 مقعداً، شهدت أزمة كبيرة لها في الشهر الماضي عندما أعلن رئيس الحركة العربية للتغيير انشقاقه عنها بسبب عدم حصول حركته على ما تستحقه من مقاعد ومراكز. وفي البداية بدا أنه يقدم على هذه الخطوة، لكي يتغير تركيب القائمة فعلاً لصالح حركته، إلا أن استطلاعات الرأي التي نشرت في حينه أظهرت أن الحركة يمكن أن تحصل على عدد المقاعد الذي يمكن أن تحصل عليه بقية الأحزاب مجتمعة. فازداد إصراراً على الانشقاق. لكن القيادة الفلسطينية في رام الله كانت ترى أن هناك خطراً حقيقياً على سقوط إحدى القوائم على الأقل، واضعة عشرات ألوف الأصوات، إذ إن نسبة الحسم عالية، وكل حزب يتمثل في الكنيست يجب أن يفوز بنحو 145 ألف صوت. ففي حال حصول أي قائمة على ما هو أقل من هذا العدد ولو بصوت واحد، فسيسقط، ويحترق عدد هائل من الأصوات.
وقد سُمع الرئيس الفلسطيني، عباس، يقول إنه لا يرى من حقه أن يتدخل في الانتخابات الإسرائيلية ولا حتى بين الفلسطينيين، لكن ضياع هذه الأصوات لا يجوز. وأبدى غضباً عارماً على أحمد الطيبي. وعندما أعلن رئيس بلدية الناصرة تأييده وشراكته للطيبي، أرسل عباس في طلبه. والتقاه الليلة قبل الماضية في مقر الرئاسة في رام الله. ودعاه إلى بذل جهود لإعادة توحيد الأحزاب العربية. وقال عباس، في لقائه مع وفد سلام، إن «تشكيل القائمة المشتركة قبل 4 سنوات، أحيا الروح المعنوية للشعب الفلسطيني ولسائر الوطنيين العرب الذين يعيشون إحباطاً شديداً بسبب التمزق الفلسطيني والانقسام الإجرامي إلى فرضته (حماس) على شعبنا». وأضاف: «صرنا نقول إنكم حققتم أملاً يراود شعوبنا العربية منذ عقود طويلة. فنحن تربينا على الشغف بالوحدة. فلا تخيبوا آمالنا».
وعندها أعلن علي سلام استعداده لبذل كل جهد لأجل الوحدة، واتصل مع قادة الأحزاب الأربعة (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة الإسلامية، والتجمع الوطني، والحركة العربية) ودعاهم إلى مكتبه. وفي يوم أمس بدأت اجتماعات ماراثونية بين قادة الأحزاب، للاتفاق على صيغة محددة لإعادة الوحدة. وبدا واضحاً أنه لا توجد بين الأحزاب أي خلافات حول البرنامج السياسي والأهداف. وكل ما في الأمر هو خلافات على من يقود القائمة؛ حيث إن الطيبي يطالب بها لنفسه، وكم عدد مقاعد كل حزب، وكيف توضع أسماؤهم في القائمة. وهو أمر يغيظ ويقلق فلسطينيّي 48، فيهدد كثيرون منهم بالامتناع عن التصويت، ويهدد بعضهم بالتصويت لقوائم انتخابية صهيونية.
وقال منصور عباس: «كنت قد اجتمعت مع أحمد طيبي، يوم الأربعاء الماضي، وفي الأمس عقدنا جلسة أخرى، وأؤكد أن وجهة الأخوة في (العربية للتغيير) نحو إعادة تشكيل القائمة المشتركة. ويمكنني القول بأن هناك مستجدات، وهذا موقف جديد توصلنا إليه، ولقد وضعنا معادلات يمكن أن تكون جيدة للجميع، وهناك موافقة من أحمد طيبي واستحسان من الأطراف الأخرى، وأعتقد أن كل تطلعات الأحزاب موجودة داخل هذه المعادلة».
النائب عن حزب الليكود، ميكي زوهر، وهو رئيس لجنة النظام في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، توجه إلى رئيس لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية مطالباً بفتح ملف تحقيق فوري بشبهات تدخل جهات خارجية في سير الانتخابات البرلمانية في إسرائيل، ومعاقبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يعتبر أول من يتدخل.
وجاء مطلب النائب الإسرائيلي زوهر، على ضوء ما نشر من أنباء عن لقاء عباس مع رئيس بلدية الناصرة علي سلام، لحثّه على العمل من أجل الحفاظ على القائمة «المشتركة». وقال زوهر: «إننا أمام مسألة غاية في الخطورة، فالحديث يدور هنا عن تدخل لجهة غريبة مناوئة لإسرائيل في الانتخابات، لقد توجهت إلى رئيس لجنة الانتخابات المركزية بطلب فتح ملف تحقيق عاجل، ولن أهدأ حتى يتم استيضاح الموضوع حتى النهاية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.