المعارضة الجزائرية تسعى لاختيار «مرشح توافقي» للرئاسية

في سباق مع الوقت لعقد لقاء جامع في «ربع الساعة الأخير»

TT

المعارضة الجزائرية تسعى لاختيار «مرشح توافقي» للرئاسية

تسعى أحزاب وشخصيات من المعارضة الجزائرية إلى عقد لقاء يوم الأربعاء، بدعوة من الإسلامي عبد الله جاب الله رئيس «جبهة العدالة والتنمية»، في مقر حزبه، لمحاولة اختيار «مرشح توافقي للمعارضة»، يمثلهم في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 18 أبريل (نيسان) المقبل. وتبدو هذه المحاولة سباقاً مع الزمن قبل ستة أسابيع من موعد إيداع ملفات الترشيح في «المجلس الدستوري». ويوجد أمام المعارضة خياران، إما الاتفاق على شخصية تستطيع جمع كل أصوات أنصارها لمواجهة مرشح السلطة، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أو الدخول في المعترك الانتخابي بترشيحات متعددة وأصوات مشتتة، مما يعني هزيمة جديدة أمام خصم قوي، وصاحب حظوظ كبيرة في تمديد حكمه.
والمعنيون بلقاء الأربعاء، هم عبد الرزاق مقري مرشح «حركة مجتمع السلم» الإسلامية التي يترأسها، وعلي غديري وهو لواء متقاعد يناصبه رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح عداء شديداً، ومجموعة من الأحزاب الصغيرة التي تنتمي للمعارضة. وبحسب معلومات توصلت إليها «الشرق الأوسط»، يرفض مقري رفضاً قاطعاً أن يتنازل لغيره عن ترشحه، وخصوصا لغديري، الذي يعتبر في نظره «معارض ربع الساعة الأخير»، على أساس أنه قضى مساره المهني في الجيش، وبالتالي فهو العمود الفقري للنظام.
ونقل عن مقري قوله لجاب الله، عندما اقترح عليه توافقاً على مرشح واحد: «إذا كان لا بد للمعارضة أن تخوض المعترك الرئاسي بمرشح واحد، فهو مرشح حركة مجتمع السلم، لأنها حزب معارض جاد وتملك برنامجاً حقيقياً بديلاً لسياسات بوتفليقة». يشار إلى أن حركة «مجتمع السلم» شاركت بوزرائها في حكومات كثيرة في عهد الرئيس اليمين زروال (1995 - 1998) وأيضاً في عهد بوتفليقة. لكنها أعلنت طلاقها مع السلطة عام 2012 على خلفية أحداث «الربيع العربي» التي وقعت في تونس ومصر. ويحلو لقيادات «مجتمع السلم» القول إنهم «كانوا في الحكومة وليس في الحكم»، وهي محاولة، بحسب خصومهم، للتهرب من مسؤولية سوء التسيير.
وأبدى الموقف نفسه الفريق الذي يحيط بالمترشح غديري، وعلى رأسهم مدير حملته المحامي والحقوقي المعروف مقران آيت العربي ومسؤول الإعلام بها، الكاتب المسرحي أحميدة عياشي. فهو يرفض التنازل لمقري على أساس أن حزبه مشارك في تنفيذ سياسات الرئيس بوتفليقة، بينما يقول هو إنه يبحث عن تغييرها ومحو آثار المسيَرين السابقين، ومنهم وزراء «مجتمع السلم»، البالغ عددهم أكثر من 20 وزيراً تعاقبوا على مناصب المسؤولية. ويبدي غديري عزماً على «قلب المعادلة» ويعد أنصاره بـ«مفاجأة مدويَة» يوم الانتخاب، فيما يسود اعتقاد بأن غديري يلقى دعماً داخل الجيش الذي غادره منذ ثلاث سنوات فقط، وهو نفسه صرَح بأن لديه أنصاراً داخل المؤسسة العسكرية. لكنه يواجه خصماً قوياً يتمثل في قائد أركان الجيش، الموالي للرئيس المترشح.
وعلى أساس هذه المعطيات، يرجّح البعض فشل لقاء الأربعاء، ومن ثم دخول المعارضة سباق الانتخابات بمرشحين بارزين، بالإضافة إلى آخرين دأبوا على أداء دور «ديكور» في المشهد الانتخابي، يرافقون مرشح السلطة نحو لحظة فوزه. وأبرز هؤلاء فوزي رباعين رئيس حزب «عهد 54» صاحب ثلاث مشاركات في الرئاسيات، وبلعيد عبد العزيز رئيس «جبهة المستقبل» الذي لمَح أول من أمس إلى احتمال انسحابه، من دون دعم أي مترشح آخر. وما أضعف صفوف المعارضة، بحسب مراقبين، هو إعلان أحزاب كبيرة عزوفها عن ترشيح قيادييها للانتخابات ورفضها دعم مرشحين من التوجه نفسه ويعتبرون من أشدَ الخصوم السياسيين للسلطة، وفي مقدمتها أقدم حزب معارض «جبهة القوى الاشتراكية»، وأيضاً متزعم التيار العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، وكلاهما غاب عن استحقاقات ماضية بذريعة أنها «محسومة النتيجة لصالح مرشح النظام».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.