حصار تغريدات التطرف على «تويتر»

إجراءات لاكتشاف محتوى التحريض

صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)
صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)
TT

حصار تغريدات التطرف على «تويتر»

صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)
صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)

جهود مكثفة تبذلها منظمات وهيئات دولية لكشف خطابات التحريض والكراهية، خاصة ضد الإسلام والمسلمين، والمدسوسة في الفضاء الافتراضي لبعض مواقع التواصل الاجتماعي، من أبرز هذه الجهود أداة «التعلم الآلي» وهي أداة جديدة أثبتت فاعليتها في كشف هذه الخطابات المسيئة، خاصة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وقد طورتها منظمة «حوار أفريقيا» في جنوب أفريقيا، لفهم واستيعاب خطورة الخطاب المتطرف. وقال باحثون وخبراء في الحركات الأصولية إن «هناك إجراءات لاكتشاف المحتوى المتطرف وحصار تغريدات الكراهية على الشبكات الاجتماعية، التي تعمل بشكل كبير على نشر كراهية الإسلام والمسلمين، وأيضاً كراهية الأجانب، ولذلك فإن سلطات الدولة تقوم بمحاولات لرقابة الإنترنت للحفاظ على السلام في الفضاء الإلكتروني».
ويؤكد الخبراء لـ«الشرق الأوسط» أن «التعليم الآلي» يتمكن من تصنيف ما إذا كان المحتوى معاديا للإسلام أم لا، وما إذا كان الخوف من الإسلام قوياً أم ضعيفاً. مرصد «الإسلاموفوبيا» التابع لدار الإفتاء المصرية، قال إن «التعلم الآلي» يسعى إلى فهم أفضل لمدى انتشار وخطورة الخطاب الذي يحرض على كراهية الإسلام والمسلمين على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً «تويتر»... ومثل هذا الخطاب يضر بالضحايا المسلمين، ويخلق شعوراً بالخوف بين المجتمعات المسلمة، وينتهك المبادئ الأساسية للعدالة، لذلك شرعت منظمة «حوار أفريقيا» بجنوب أفريقيا في إنشاء أداة تصنيف باستخدام «التعلم الآلي» الذي يكتشف تلقائياً ما إذا كانت التغريدات تحتوي على «الإسلاموفوبيا» أم لا.

عنف لفظي

وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، إنه «تم تحقيق خطوات كبيرة في استخدام (التعلم الآل)» لتصنيف الكلام الذي يحض على الكراهية بشكل عام وبقوة وعلى نطاق واسع وفي الوقت المناسب... وعلى وجه الخصوص تم إحراز كثير من التقدم لتصنيف المحتوى استناداً إلى كونه أمراً يدعو إلى الكراهية أم لا».
لافتاً إلى أن من أهم مميزات أداة «التعلم الآلي» أنها ترصد درجات شدة خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وهو يشمل سلسلة متصلة من الهجوم اللفظي، وتحقير المسلمين وإهانتهم والدعوة لتجاهلهم... ومن ثم رصد شدة خطاب الكراهية بدءاً من كيف يُنظر إلى المسلمين على أنهم «مختلفون»؟، إلى القول إنهم ليسوا أعضاء شرعيين في المجتمع؛ فهو يتراوح بين العنف اللفظي والدعوة إلى عزل المسلمين عن المجتمع؛ وبهذا تتمكن الأداة من تصنيف ما إذا كان المحتوى معاديا للإسلام أم لا، وما إذا كان الخوف من الإسلام قوياً أم ضعيفاً.
محاصرة تغريدات الكراهية في أفريقيا باتت مهمة، خاصة أن تنظيم القاعدة الإرهابي يستغل الأوضاع المتردية في دول القارة كي يتغلغل وينتشر بين المجتمعات، كما أسس كثيرا من الخلايا النائمة في دول أخرى بشمال أفريقيا وجنوب الصحراء. وأعلن «تويتر» في نهاية 2017 عن قواعد جديدة صارمة لمراقبة المحتوى المنشور عليه، للتقليل من كمية السلوك المسيء والمثير للكراهية... وقرر حينها وقف حسابات الذين يرتبطون بمجموعات تحتفي بالعنف أو تستخدمه لتحقيق أهدافها بشكل دائم، وأخفى الرسوم التي تحض على الكراهية.
وعرف «تويتر» رسومات الكراهية على أنها «الشعارات، والرموز، والصور، التي تهدف لإثارة العداوات والكراهية على أسس عرقية أو دينية أو النوع أو على أساس التوجه الجنسي أو الأصل القومي».
ومحا «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تويتر» في نهاية 2017 أي محتوى يحض على الكراهية في الفضاء الإلكتروني، للحد من انتشار الإرهاب ووقف الهجمات الإرهابية التي انتشرت في أوروبا... وبلغت نسبة محو «فيسبوك» لرسائل الكراهية بنحو 30 في المائة، و«يوتيوب» بنحو 26 في المائة، أما «تويتر» فجاء بنسبة 31.5 في المائة.

استخدام آمن

وأشار مرصد «الإسلاموفوبيا» في مصر في تقرير له إلى أن أداة «التعلم الآلي» عرّفت خطاب الكراهية المعادي للإسلام بأنه «أي محتوى يتم إنتاجه أو مشاركته يعبر عن السلبية ضد الإسلام أو المسلمين»... وبموجب هذا التعريف، فإن «الإسلاموفوبيا» القوية تتضمن عبارات مثل «كل المسلمين برابرة»، في حين أن كراهية الإسلام الضعيفة تتضمن تعبيرات أقل حدة، مثل «المسلمون يأكلون طعاماً غريباً». لافتاً إلى أن القدرة على التمييز بين كراهية الإسلام الضعيفة والقوية لن تساعد فقط على كشف الكراهية وإزالتها بشكل أفضل؛ لكن أيضاً تُمكن من فهم ديناميات كراهية الإسلام، والتحقيق في عمليات التطرف، حين يصبح الشخص أكثر فأكثر معاديا للإسلام، وتقديم دعم أفضل للضحايا.
وأكد مرصد «الإسلاموفوبيا» أن كشف خطاب الكراهية ضد الإسلام يمثل تحدياً حقيقياً وملحاً للحكومات وشركات التكنولوجيا والأكاديميين، وللأسف، فإن هذه المشكلة لن تختفي ولا توجد حلول بسيطة؛ لكن إذا كانت هناك رغبة جادة في إزالة خطاب الكراهية والتطرف من الفضاءات على الإنترنت، وجعل منصات التواصل الاجتماعي آمنة لجميع الذين يستخدمونها، فعندئذ نحتاج إلى البدء بالأدوات المناسبة... وتوضح أداة «التعلم الآلي» الجديدة أنه من الممكن تماماً إنشاء هذه الأدوات ليس فقط لاكتشاف المحتوى البغيض تلقائياً فحسب؛ بل أيضاً بطريقة دقيقة.
من جانبه، قال الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في الحركات الأصولية، إن «رسائل الكراهية على الشبكات الاجتماعية، تعمل بشكل كبير على نشر كراهية الإسلام، وأيضاً على كراهية الأجانب».
بينما أشار الدكتور محمد الضويني، عضو مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، إلى «ضرورة القضاء على أسباب التطرف من خلال قصر العمل الدعوي على المتخصصين، والتواصل مع الشباب، وفتح أبواب الحوار معهم لحمايتهم من الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة، والتحصين المبكر للأطفال والناشئة، والرد على شبهات الجماعات المتطرفة».

توسعات «القاعدة»

وعن نشاط «القاعدة» في أفريقيا على حساب «داعش» مما يزيد خطاب الكراهية، أكد مراقبون أن تنظيم القاعدة يحاول الاستفادة القصوى من تراجع «داعش» واندحاره، من خلال تثبيت أقدامه في شمال أفريقيا والقرن الأفريقي... ففي حين تفكك «داعش» وانحسر تأثيره في المنطقة، أقدم «القاعدة» على دمج كل من جماعة «أنصار الدين»، وجبهة «تحرير ماسينا»، و«إمارة منطقة الصحراء الكبرى»، وتنظيم «المرابطين» في جماعة هي «نصرة الإسلام والمسلمين» على يد إياد حاج غالي، الذي قدم البيعة لأيمن الظواهري.
وقال الدكتور إبراهيم نجم، إن «القاعدة» يسعى لبسط نفوذه في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء وفق استراتيجية تستند إلى سعي التنظيم للتوسع في تحالفاته مع الجماعات المختلفة في المنطقة، والتي تنتهج آيديولوجيته وتتلاقى معه في المصالح والأهداف. مضيفاً: هدف تنظيم القاعدة أيضاً الضرب على وتر العرقية، حيث يحرص على الاحتفاظ بظهير عرقي يمثل مصدراً رئيسياً للعناصر الإرهابية التي يمكن أن تنضم إليه، كي يتخطى الخسائر التي يتعرض لها بسبب العمليات العسكرية ضده؛ مما يشكل تهديدات خطيرة لأمن واستقرار دول منطقة الساحل والصحراء، مما يضفي على الهجمات التي يشنها التنظيم طابعاً عرقياً... فضلاً عن أن التنظيم يحاول أن يرد على الهجمات التي تشن ضده بأساليب مختلفة وسريعة، خشية أن يؤثر عدم الرد على تماسكه الداخلي وإضعاف قدرته على التوسع في المنطقة، مما يدفعه إلى الاستعانة بأساليب منافسه اللدود (أي «داعش») باستخدام العمليات الانتحارية والدفع بالنساء لتفجير أنفسهن في الأسواق والتجمعات البشرية لزيادة الخسائر البشرية والمادية. بالإضافة إلى الاعتماد على الشباب، ومعظمهم غير معروفين ولديهم مهارة قتالية عالية، كما أن معظمهم من قاطني الصحراء، إضافة إلى أن تنظيم القاعدة يستعين بعناصره من الشباب للقيام بمهام «الذئاب المنفردة».

«الشباب» و«داعش»

في السياق نفسه، أكدت دراسة لدار الإفتاء المصرية أن «الصراع ما زال محتدماً بين تنظيمي القاعدة وداعش، وأنه في إطار هذا الصراع الدامي، تعهدت حركة الشباب الصومالية التابعة للقاعدة بمحو (داعش)، متهمة إياه بإثارة المشكلات (لبقية المجاهدين). ووصفت حركة الشباب مسلحي (داعش) مؤخراً بـ(السرطان) و(المرض المميت)، وأنها سوف تلاحق أي شخص على صلة بـ(داعش)».
وقالت في بيان أخير لها: «ما يطلق عليهم أعضاء (داعش) في الصومال أثاروا اضطرابات ومشكلات عدة لبقية المجاهدين - على حد وصفهم -، لا يقاتل أعضاء (داعش) من أجل الله؛ لكنهم هنا لتقسيم المسلمين»... ويعود تأسيس حركة «الشباب» الصومالية إلى عام 2004 غير أن كثافة نشاطها وتداول اسمها في الإعلام يعود إلى عام 2007.
وقالت دراسة الإفتاء إنه رغم انحسار تنظيم داعش وهزيمته في معاقله الأساسية في سوريا والعراق، فإنه يحرز تقدماً في الصومال؛ حيث باتت أعداد مقاتلي «داعش» في المناطق الصومالية كبيرة، وقام عناصره بتنفيذ سلسلة من عمليات القتل التي استهدفت رجال الأعمال في مقديشو العاصمة وما حولها. مشيرة إلى أن «داعش» في الصومال يحاكي تكتيك حركة «الشباب» لترهيب الشركات والتجار الأثرياء للحصول منهم على «إتاوات» لتمويل أنشطته الإرهابية في المنطقة.
من جهته، قال الزعفراني، إن حركة الشباب أعلنت مراراً ولاءها لتنظيم القاعدة... ويتبع عناصر حركة الشباب أساليب مشابهة لأساليب «القاعدة»، من حيث العبوات الناسفة على الطرق، أو السيارات المفخخة، والعمليات الانتحارية، والقصف المدفعي.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».