رئيسة جمعية الصحافيين البحرينية لـ «الشرق الأوسط»: الصحف الورقية لن تموت

عهدية أحمد تأخذ على عاتقها دعم المرأة في معترك الصحافة

رئيسة جمعية الصحافيين البحرينية لـ «الشرق الأوسط»: الصحف الورقية لن تموت
TT

رئيسة جمعية الصحافيين البحرينية لـ «الشرق الأوسط»: الصحف الورقية لن تموت

رئيسة جمعية الصحافيين البحرينية لـ «الشرق الأوسط»: الصحف الورقية لن تموت

تؤمن بأن الصحف الورقية لن تموت، وستبقى لها نكهتها ودورها المهم في المجتمع. وترى أنه قد يحدث بعض التغييرات حتى تتكيف الصحف مع الواقع الحالي من تراجع في إيراداتها، وعليها أن تبتكر طرقاً أخرى لتعويض الفاقد من مداخيل الإعلان. وعلى المستوى الأعلى، هي مؤمنة بأن الصحافة البحرينية تتطلع إلى قانون عصري يعكس حجم التطور الذي تعيشه البلاد.
في هذا الحوار مع الصحافية البحرينية عهدية أحمد، التي سجلت اسمها كأول سيدة تقود جمعية الصحافيين في مملكة البحرين والتي تشغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة «الديلي تريبيون» البحرينية، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن وصول المرأة لرئاسة الجسم الصحافي، سيمنحها القدرة على تلمس احتياجات زملاء مهنة المتاعب والعمل معهم لتحسين ظروفها ما أمكنهم. وفي ما يلي نص الحوار:
-ما رأيكِ بالدور الذي شغلته المرأة البحرينية في مجال الصحافة؟
- بدايةً، لا بد من الإشارة إلى أن وجود المرأة البحرينية في عالم الصحافة ليس بالجديد. هي موجودة مسبقاً على هرم المهنة من خلال قلمها الحر، ووجودها في التغطيات الميدانية، ودورها المؤثر والمحرك لقضايا الرأي العام، وللموضوعات المتعلقة بالمرأة بشكل خاص، وقد استطاعت الصحافية البحرينية إثراء المجالات الإعلامية المختلفة لتكون بذلك محركاً ودافعاً للارتقاء بالمادة الإعلامية التي تتناول المجالات كافة، كما استطاعت إحداث تطور ملموس في مجال الإعلام.
- ماذا يضيف وصولكِ كأول امرأة إلى قيادة جمعية الصحافيين؟
- وصول المرأة إلى مراكز قيادية له رمزيته، خصوصاً أن التقارير الدولية المرتبطة بمجالات التنمية المستدامة وتحديداً ما يتعلق بالأهداف المرتبطة بالمرأة تولي اهتماماً كبيراً لهذا الجانب. وعلى أرض الواقع، ومن خلال عملي في مجال الصحافة والإعلام لمدة تزيد على 30 سنة أعتقد أن المرأة قادرة على تلمس احتياجات زملاء وزميلات مهنة المصاعب، لذا أتطلع من خلال رئاستي لجمعية الصحافيين إلى تقليل تلك المعوقات التي تواجه الصحافيات في المجال، خصوصاً في ما يتعلق بالموازنة بين البيت والأسرة من جهة، وبين العمل الإعلامي وضغوطه من جهة أخرى. هنا أيضاً أود أن أشيد بدعم زملاء المهنة في الصحف السعودية منذ إعلان الترشح في الانتخابات لرئاسة الجمعية، وما أبدوه من احتفالية بعد ظهور النتائج، وردود الفعل التي غمروني بها كانت حافزاً مهماً لخوض التحدي.
> ما تصوراتكِ بعد تسلمكِ منصب رئيسة جمعية الصحافيين البحرينية؟
- هناك عدة محاور رئيسة لطالما شكلت هاجساً بالنسبة إليّ وإلى العديد من الزملاء العاملين في المجال الإعلامي، وقد ناقشناها خلال اللقاء المفتوح الذي عقدناه في الجمعية، ولعل أبرزها إصدار قانون الصحافة الذي سيضمن منح مساحة أكبر من الحماية للصحافيين والإعلاميين، وسيرفع من سقف حرية التعبير التي كفلها الملك من خلال ميثاق العمل الوطني، فضلاً عن إنشاء صندوق لدعم الصحافيين يهدف إلى مساعدتهم حين يمر أحدهم بظروف تتطلب دعماً مالياً بهدف حفظ كرامتهم.
كما يعد ملف التدريب إحدى الأولويات بالنسبة إلينا في مجلس إدارة الجمعية، وسنركز من خلال خطة العمل على فئة الشباب بهدف تمكينهم وتطوير قدراتهم في المجال الإعلامي، وغرس الحس الوطني وتهيئة الأجيال المقبلة.
نحن نرى أن المهام الإعلامية باتت أكثر اتساعاً في ظل تزايد دور وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا على قناعة في المقابل بأن الصحف لن تموت، لذا لا بد من الاهتمام بتدريب جيل صحافي شامل قادر على صناعة الإعلام.
> كيف تقيّمين وضع الصحافة في البحرين على وجه الخصوص، وفي منطقة الخليج عموماً؟
- بدأت التجارب الصحافية الأولى في مملكة البحرين منذ مدة طويلة، وكذلك هي دول الخليج، وربما لا تزال الأسماء اللامعة التي كانت الأساس تمثل مدرسة وقدوة لجيلنا وللأجيال المقبلة. وقد شهد أغلب الصحف تطوراً كبيراً على مستوى معالجة الموضوعات والطرح الإعلامي. وفي المقابل نحن نلمس تفاعل الجهات والمؤسسات المختلفة وحتى كبار المسؤولين مع ما يتم نشره في الصحف، وهو ما يعد معياراً ودليلاً على دورها الفاعل كسلطة رابعة، ودورها في البناء والتطوير.
> تشهد المؤسسات الصحافية تراجعاً بسبب الضائقة المالية. كيف يمكن تجاوز هذا؟
- بطبيعة الحال، خلقت الأوضاع المالية العديد من التحديات بالنسبة إلى الصحف، وربما يكون لتزايد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً دور في ذلك، مما اضطر العديد من الصحف إلى أن تغلق أبوابها وتسرح الصحافيين العاملين فيها على مستوى العالم ككل، بينما لجأ بعض الصحف إلى تقليل النفقات من خلال الاكتفاء بأعداد أقل من الصحافيين، أو التحول نحو الصحافة الإلكترونية. في هذه الحالة لا بد من استمرار القطاع الخاص في دعم الصحف، كما أن الصحف عليها أن تتكيف مع الوضع وتبادر بإيجاد الحلول لضمان استمرارها.
أود أن أشير إلى أن أحد الملفات التي سنطرحها خلال الفترة القادمة ملف بعنوان «صحافيين في طي النسيان»، سنسعى من خلاله للتواصل مع الجهات المعنية بالتوظيف في القطاعين، وسنجتمع مع المسؤولين في ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية للبحث عن بدائل لأولئك الصحافيين الذين اضطروا إلى التخلي عن أقلامهم، وبات بعضهم يعمل في وظائف لا تتناسب مع قدراتهم وميولهم. ربما نلجأ أيضاً إلى التعاون مع بعض المؤسسات الإعلامية في الدول الشقيقة لإيجاد فرص مناسبة لهم من منطلق مسؤوليتنا تجاه زملائنا، وإيماناً منا بكفاءتهم.
- ما رؤيتكِ لتفعيل دور الصحافة والإعلام كسلطة رابعة؟
- حين تدرك المؤسسة الإعلامية أو الصحيفة والقائمون عليها دور الإعلام ومسؤوليته في المجتمع، يتم تفعيل دورها كسلطة رابعة بشكل تلقائي، بحيث تطرح وتقدم قضايا حيوية على مستوى عالٍ من المهنية، وأكرر مرة أخرى أن التدريب المستمر للكوادر الشابة من شأنه أيضاً تفعيل هذا الدور، لأن الصحافيين في الميدان وهم غالباً من فئة الشباب، يمثلون حلقة الوصل ما بين أفراد المجتمع، وإدارات التحرير في الصحف والمسؤولين أيضاً.
- كيف ترين ضمانات الحريات الصحافية في البحرين؟
- لقد كفل الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لنا من خلال ميثاق العمل الوطني هامشاً كبيراً من حرية التعبير والديمقراطية، وذلك من خلال نصوص واضحة منها أن «لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى من طرق التعبير عن الرأي أو الإبداع الشخصي، وبمقتضى هذا المبدأ فإن حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة مكفولة في الحدود التي يبينها القانون»، وفضلاً عن رفع هامش الحرية، زاد عدد الصحف في مملكة البحرين. هناك دائماً توجيهات من قبل بضرورة تعاون كل المسؤولين والمؤسسات في الدولة مع الصحافة لأنها تعكس اتجاهات المجتمع المحلي، وتسهم في تشكيل اتجاهات الرأي العام، إلا أننا وكما سبق وذكرت نتطلع إلى قانون صحافة عصري ومواكب للمتغيرات المتسارعة، ونأمل أن يرى هذا القانون النور قريباً.
- مرت البحرين بتجربة صعبة خلال الفترة الماضية، ما برأيكِ الدور الذي يمكن أن تقوم به الصحافة لبناء جسور تواصل بين مكونات المجتمع البحريني؟
- كانت بالفعل هناك أوقات صعبة، إلا أننا الآن تجاوزنا كل ما تعرضنا له، وعادت البحرين كما كانت في السابق، وستكون أفضل دائماً، وكما الحال في كل مجتمع، هناك أيضاً أقلام غير مسؤولة استغلت حرية التعبير وأساءت إلى الوطن، ونحن نرى أن تلك الأقلام لا تمثل الصحافة، إذ إن دور الصحف يجب أن يكون حماية الأوطان لا تدميرها، مهما اختلفنا مع الآخرين في وجهات النظر، ما يهمنا جميعاً هو أمن واستقرار مملكة البحرين ودول الخليج.



كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».