د. شيرين أبو النجا: دور المثقف في العالم العربي هو إنتاج المعرفة وليس قيادة الجماهير

الناقدة المصرية ترى أنه علينا أن نعيد قراءة السياسي لنفهم الثقافي

د. شيرين أبو النجا
د. شيرين أبو النجا
TT

د. شيرين أبو النجا: دور المثقف في العالم العربي هو إنتاج المعرفة وليس قيادة الجماهير

د. شيرين أبو النجا
د. شيرين أبو النجا

الدكتورة شيرين أبو النجا، ناقدة وروائية مصرية تعمل أستاذة للأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، ولها مساهمات بارزة في مجال النقد والكتابة النسوية، كما أن آراءها الخاصة كثيرا ما تثير الجدل في المحافل الثقافية.
وفي حوارها هذا، أثارت الكثير من القضايا الثقافية والسياسية ذات الصلة؛ أهمها علاقة المثقف بالسلطة، وتأثير المشهد السياسي العربي على أحوال الثقافة والمثقفين، وخطورة الخطاب اليميني المتطرف على مستقبل الإبداع، وحقيقة وجود مصطلح الإبداع النسوي، ووضعية المبدعة العربية ومدى معاناتها احتكار الرجل. هنا نص الحوار:

* بداية، ما تقييمك للمشهد الثقافي المصري والعربي في ضوء ما يمر به من أحداث مهمة؟
- الوضع شديد التعقيد، سواء فيما يتعلق بعلاقة المثقف بذاته (الشك، التردد، الغضب، الانعزال الفكري)، أو علاقته بجماعة المثقفين الواسعة (الاتهام، الشجب، الرفض، الانقسام، التعاطف)، أو علاقته بالسلطة (الانسحاب، الهجوم، التقوقع، المقاومة، المعارضة، المساندة، التواطؤ). يبدو الأمر منطقيا أن تكون العلاقات متشابكة، ومتضمنة تواصلا وانقطاعا بهذا القدر. فاللحظة المعرفية والسياسية التي يمر بها العالم بأكمله، والانقلابات المهولة في مجال التكنولوجيا والمعلومات، بالإضافة إلى التطور الخيالي في صناعة الأسلحة (المصاحب لانتشار الأوبئة والظواهر الاجتماعية الفريدة)، وصعود خطابات يمينية متطرفة في المنطقة العربية - كل ذلك يجعل العالم يبدو كأنه يمر من ثقب إبرة، في محاولة مستميتة لإعادة صياغة علاقات القوى. في هذا السياق المضطرب المخيف، يتحول المثقف والمشهد الثقافي معه - بالضرورة - إلى أضعف حلقة، يمكن من خلالها النفاذ إلى قلب المجتمع بسهولة ويسر لإضفاء اللون المرغوب عليه، ولنا في تاريخ إيران وفرنسا الحديث نماذج صارخة لذلك. وعليه، لا يمكن أن نفْرط في المثالية ونتوقع تغييرا مباشرا في المشهد الثقافي برمته، كل ما يمكن فعله هو رصد خطاب المثقف كفرد. تقييم المشهد يحتاج إلى فترة أطول من ذلك، كما أن الثقافي ليس منفصلا بأي حال من الأحوال عن السياسي. ربما علينا أن نعيد قراءة السياسي لنفهم الثقافي.
* هل يمكن عدّ الأحداث الثقافية الكبرى والمتنوعة في المنطقة العربية مؤشرا على تطور الثقافة والإبداع في العالم العربي؟
- الحدث - والثورة حدث بكل المقاييس - لم ينته بعد، بل هو في صيرورة دائمة. بل إن الثورة نفسها، بمعنى الخروج إلى الشارع وإعادة تعريف المجال العام في علاقته بالمجريات السياسية، هي في حد ذاتها مؤشر على تطور الثقافة، أو بالأحرى على اكتساب مساحات جديدة ثقافيا. كما أن الثورة أنتجت أشكالا إبداعية جديدة لم تكن موجودة من قبل، وأهمها فن الغرافيتي، وإعادة الاعتبار للأفلام التوثيقية، ناهيك بتطور فن السخرية والمفارقة.
* ما رأيك في ثورات الربيع العربي وتأثيرها على المثقف العربي؟
- لا أعتقد أن المثقف العربي كان مستعدا للثورة، لا أعتقد أن أيا منا كان على استعداد، كانت الثورة حلما ليس إلا، وفجأة تحقق الحلم كأننا ننظر إلى ضوء باهر فلا نتمكن من الرؤية بوضوح. ظلت العلاقة بين الجماعة الثقافية والمؤسسة الرسمية راكدة، مشوبة باليأس، حتى انفجرت تماما كما حدث في بقية المجالات مع ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، إلا أن هذا الانفجار قد زاد من هشاشة الجماعة الثقافية في مواجهة خطاب يميني شديد المحافظة ينصب نفسه كأب جديد، وجيل جديد جل همه الإطاحة بسلطة الأب. لم يكن المأزق سهلا ولا متوقعا، رغم أن قراءة بسيطة للواقع كانت ستسهل للمثقف «الأبوي» فهم تطلعات جيل جديد ينهل من لغة جديدة، ومن ثم تعبر عن رؤية مغايرة للعالم.
* ألهمت ثورة يوليو (تموز) مبدعينا الكبار أعمالا خالدة، فلماذا لم نر ذلك مع ثورات الربيع العربي؟
- وهل انتهت الثورة؟ الثورة مستمرة طالما لم تتحقق الأهداف التي قامت من أجلها. كانت الكرامة هي المطلب، وحتى يتحقق ذلك يمكن أن نبحث عن «أعمال خالدة».
* هل كشفت تلك الثورات فشل المثقف العربي في التعاطي مع الأحداث والقيام بدور إيجابي؟
- دور المثقف هو إنتاج المعرفة فقط. هذا هو المعيار الذي ينبغي الأخذ به عند التقييم. بمراجعة تقارير المعرفة التي تصدر عن الأمم المتحدة بالتعاون مع مؤسسة آل مكتوم، ندرك أن العالم العربي بشكل عام متراجع في إنتاج المعرفة، وهذا هو ما يجب أن نوليه أهمية. على المثقف أن يذكر نفسه دائما بأن مهمته ليست الوصاية الأبوية (من دون وعي كأن يعيد إنتاج فكرة الأب - الرئيس) بوصفه مالكا للحقيقة، وليس مفروضا أن يقود الجماهير، بل أن يكون منها. فكلما كانت فكرته مرتبطة بالحركة الجماهيرية وتطلعاتها، كانت الفكرة عملية وقابلة للتحقق رغم كل القيود التي كانت تفرضها السلطة، وقادرة على خلخلة الخطاب السائد وإرباك مفرداته أملا في إنتاج لغة جديدة.
* ما رأيك في مصطلح «الإبداع النسوي»؟ وهل ما زال الجدل مستمرا حول النسوية؟ وهل توافقين على وصفك بناقدة للأدب النسوي؟
- البعض لا يزال يتعامل باستخفاف مع المصطلح، وهذا مفهوم. إلا أن طبيعة الجدل - إذا جازت تسميته هكذا - تغيرت كثيرا؛ لطبيعة الجيل الجديد المتخلصة من السلطوية الأبوية والمنفتحة أكثر في رؤيتها لما حولها. أما عن الوصف، فهذا غريب، كيف يمكن أن نصف أو نصنف الناقد! النقد هو النقد، كل ما في الأمر هو الرؤية التي يختار الناقد أن يقرأ بها العمل الفني أو المنتج الإبداعي. والحق، إنني أرى العالم بأكمله من خلال عدسة الجندر، وهو ما يمنحني مزيدا من القوة النقدية، لأن ما يستوقفني لا يلتفت إليه الآخر في أغلب الأحوال.
* في خضم تلك الأحداث، ما تقييمك لتأثيرها على وضع المبدعة العربية؟ وهل ما زالت المبدعة العربية تعاني احتكار الرجال؟
- طبيعة السؤال لا بد أن تتغير، لم يعد السؤال هكذا صالحا للواقع الإبداعي الحالي. فقد كان هذا السؤال مطروحا بقوة بصيغته الحالية حين كان إبداع النساء يعلن عن نفسه حثيثا، أما الآن فقد تغير خطاب «الاحتكار» أو «الاضطهاد»، وتمكنت المبدعة العربية من فرض نفسها على الساحة. الفكرة هي كيف يجري تقييم عملها، وما إذا كان العمل يلقى الاهتمام الجاد.
* ما تفسيرك لظاهرة هجرة المبدعين من بلدان عربية مختلفة، وهل ضاقت بهم الأرض العربية؟
- الساحة مثقلة بمشاكلها الداخلية، الأماكن والمساحات غير متاحة، التحقق الذاتي الذي يسهل استقبال الجديد منعدم تقريبا، والأهم هو غياب التربة القادرة على تطويع أشكال فنية جديدة لصالح المحلي. والأهم، أن المبدع لا يختار المكان الذي يهاجر إليه، بل إن المكان هو الذي يختاره، وهنا تظهر علاقات القوة بين الشمال والجنوب. مسألة الهجرة - التي لم تعد قاصرة على المبدع - لها علاقة برؤية مجتمعاتنا لأولوية الإبداع وأهمية المبدع، عندما تضيق البيئة المحلية بآراء المبدع وتطارده وتصادر أعماله وتحرمه من التواصل مع مجتمعه، فلا يكون أمامه سوى البحث عن سبيل آخر يشعر فيه بمكانته، ويستلهم منه طاقة تدفعه إلى إنتاج المزيد. هذا هو الفارق بين العالم الأول والعالم الثالث. نعم ضاقت بهم الأرض.. للأسف. كان لا بد من الثورة.
* إلى أي مدى ساهم ظهور أنواع كثيرة ومستحدثة من الفنون الأدبية في تراجع فنون أخرى أصيلة كالشعر مثلا؟
- الأمر من وجهة نظري يتعلق بالقراء، الرواية أسهل من القصيدة، وخاصة عندما تكون رواية «جاهزة»، بمعنى أنها لا تتطلب مجهودا من القارئ، فيؤدي ذلك إلى حجم المبيعات، أي السوق: العرض والطلب. لكن الملاحظ أن الثورة منحت الشعر ما كان قد فقده من بريق وتألق، فظهرت دواوين كثيرة أخيرا، منها شباب يقدم عمله الأول، وراجت ولها قراء كثيرون. وعلى ذكر الشعر، ظهرت الكثير من الشاعرات المصريات أخيرا في مجال الفصحى والعامية.
* هل ساهمت الكتابة باللغة العامية في تطور أم تدهور الأدب العربي؟
- وما رأيك في الراحل العملاق أحمد فؤاد نجم، وعبد الرحمن الأبنودي! حسمت هذه المعركة منذ زمن، ولم تكن معركة سهلة على الإطلاق، حتى إن أصداءها تلوح دائما في الخلفية.
* ما تأثير ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتراجع دور الكتاب على حركة الإبداع في العالم العربي؟
- المطابع لا تتوقف عن الدوران، ولم يتراجع دور الكتاب، كل ما في الأمر أن الجيل الجديد الذي يود أن يقرأ كل ما ينشر لا يمتلك الموارد المالية الضرورية لاقتناء كتاب، فكان أن سهلت بعض المواقع على الإنترنت الحصول على هذه الكتب، القراءة - أبسط حق - صعبة ماديا. أما مواقع التواصل الاجتماعي، فهي شيء آخر، الـ«فيس بوك» و«تويتر»، وسائل تبادل أخبار، وأخيرا وسائل تجييش وتشكيل للوعي. بل إن بعض الكتب لاقت رواجا بسبب الحديث عنها على هذه المواقع. كما أن كل الشباب لا يقنع بنفسه ككاتب إلا إذا رأى كتابه مطبوعا في شكل ورقي.



ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

أفلاطون
أفلاطون
TT

ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

أفلاطون
أفلاطون

في اليوم العالمي للتسامح الذي صادف أمس، ينبغي لنا، نحن العرب تحديداً، أن نتساءل: ما بال العالم كله ينعم بالسلام ويتقلب في رغد العيش، ونحن نخرج من حرب لنلبس لأمة الحرب من جديد؟ وإن كانت أوكرانيا قد خرقت القاعدة، إلا أن الأعم الأغلب من دول العالم يعيش حياة طبيعية، تختلف عما نراه في أفلام السينما. بمناسبة اليوم، سنمر بمحطات تاريخية ذات علائق بالموضوع، ولعل أول رمز للتسامح في تاريخ الفكر هو سقراط، كما تجلّى في محاورات تلميذه أفلاطون، وتجلّت معه روح التسامح في أسلوبه الحواري كجزء من بحثه عن الحقيقة.

في المحاورات، كان متسامحاً للغاية مع محاوريه، ويدعوهم للسعي وراء الحقيقة أينما انطلق بهم هذا السعي. ولطالما شجّع خصومه على تفنيد كل ما يقول، وأن هذه هي الطريقة المُثلى للكشف عن وجه الحقيقة. وفي إحدى المحاورات يصف نفسه بأنه يبتهج بدحض الآخرين لأقواله أكثر من ابتهاجه بدحضه أقوال الآخرين، لأن النجاة من الشر خير من إنقاذ الآخرين.

السعي وراء الحقيقة، بالنسبة إلى سقراط، مرتبط بالعقل المنفتح، وهذا الشكل من التسامح الحواري يفترض بالطبع أن يؤدي إلى رؤية موحدة للحقيقة. لا بد أن تشعر في بعض الأحيان بأن تسامح سقراط مبالغ فيه للغاية، لكن ربما هذا هو أساس فكرة «المحاورات»، أن تخلق الإنسان الكامل المرجعي في كل شيء، مع أننا نعلم أنه في النهاية إنسان، ولا بد أن يكون غضب ذات مرة، بل مرات.

محطة التسامح الثانية يمكن أن نراها واضحة وأكثر تطوراً في رواقية إبكتيتوس وماركوس أوريليوس وسينيكا، فالفكرة الرواقية هي وجوب التركيز على تلك الأشياء التي يمكننا التحكم فيها، مثل آرائنا وسلوكياتنا، مع تجاهل تلك الأشياء التي لا يمكننا التحكم فيها، وخاصة آراء وسلوكيات الآخرين. ترتبط الفكرة بالاستسلام واللامبالاة، كما هو واضح في حالة إبكتيتوس، الذي قد يفسر وضعه الاجتماعي نصائحه بالتحرر الذهني، لا الجسدي، فقد نشأ مستعبداً عند الرومان.

بطبيعة الحال، صبر المستعبد ليس مثل تسامح المتسامح الذي يملك القدرة على الرفض، قدرة لا يمتلكها المستعبد، فالتسامح فضيلة القوي، كما يقول الإمبراطور ماركوس أوريليوس. وقد يرتبط الأمر بفضائل أخرى مثل الرحمة والإحسان، غير أن نظرة الرواقيين إلى التسامح لا تصل إلى درجة احترام الاستقلالية وحرية الضمير، كما الحال في الليبرالية الحديثة، إذ لم تكن الحياة السياسية الرومانية متسامحة مثل الحياة السياسية الحديثة، وعلى الرغم من أن «تأملات» ماركوس تحتوي على نصوص كثيرة تستحضر روح التسامح، فإن ماركوس نفسه كان مسؤولاً بشكل شخصي عن سحق واضطهاد المسيحيين في زمنه.

ولم يصبح التسامح موضوعاً جدياً للاهتمام الفلسفي والسياسي في أوروبا حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر، بل قبل ذلك خلال عصر النهضة والإصلاح في القرنين الخامس عشر والسادس عشر رفع الإنسانيون من مثل إيراسموس ودي لاس كاساس ومونتين شعار استقلالية العقل البشري ضد دوغمائية الكنيسة التي كانت توقد نيران محاكم التفتيش وتلقي بالناس فيها وتقتل المخالف.

في أعقاب الانقسامات التي خلّفها مشروع الإصلاح اللوثري والإصلاح «الكاثوليكي» المضاد، دُمرت أوروبا بسبب الحرب التي أثيرت باسم الدين، حروب بلغت ذروتها في حرب الثلاثين عاماً (1618 - 1648). بسبب هذه الحرب الشنيعة، وكل الحروب كذلك، أدرك العلماء والحكماء حجم القوة التدميرية الكامنة في التعصب، فنهضوا لاجتثاث ذلك التدمير من خلال استعادة نصوص التسامح وإعادة النظر في العلاقة بين المعتقد الديني والسلطة السياسية.

لافونتين

وكان هناك تأثير ثقافي للتيار الذي قام من أجل تعريف معنى السيادة وتطهير الدين في بريطانيا مما علق به خلال الحروب الأهلية البريطانية (1640 - 1660)، ويضاف إلى كل ذلك تكاثر المعلومات عن الاختلافات الثقافية مع بداية عهد الرحلات واكتشاف العالم، وكان لاكتشاف الصين تحديداً أعظم الأثر، فقد صُدم المسيحيون صدمة فكرية عنيفة عندما وجدوا شعباً أخلاقياً لا يؤمن بدين، بمعنى أنهم وصلوا إلى أن الدين ليس مصدر الأخلاق. ورفع الإنسانيون في حركة الإصلاح شعاراً يقول: هل لديكم معرفة منقولة عن الله معصومة من الخطأ تبرر قتل من يُتهم بالزندقة؟ ولم يلبث هذا القلق بشأن قابلية الإنسان للخطأ أن فتح الطريق إلى ما يعرف باسم «التسامح المعرفي»، ومع اقتران الاعتراف بقابلية الإنسان للخطأ وانتقاد السلطة الكنسية، نشأت أشكال جديدة وأكثر عمقاً، من التسامح السياسي. وأخذ التسامح في القرن السابع عشر صورة الممارسة العملية في أجزاء معينة من أوروبا.

ربما حدث هذا نتيجة زيادة التجارة والحراك الاجتماعي. وصاغ سبينوزا حجة للتسامح ترتكز على 3 دعاوى، أولاً، تقييد حرية الفكر مستحيل. ثانياً، السماح بحرية الفكر لا يمس بسلطة الدولة. وثالثاً، يرى سبينوزا أن السلطة السياسية يجب أن تركز على التحكم في الأفعال، وليس على تقييد الفكر. هذا التركيز على الفرق بين الفكر والفعل أصبح قضية جوهرية في مناقشات المفكرين اللاحقة حول التسامح، خصوصاً عند لوك، وميل، وكانط. ويمكن العثور على صورة مختلفة إلى حد ما عن رؤى سبينوزا الأساسية في رسالة لوك الشهيرة حول التسامح (1689)، وهي مقالة كتبها أثناء منفاه في هولندا. وتركز حجة لوك بشكل خاص على الصراع بين السلطة السياسية والمعتقدات الدينية. لقد عبّر عن وجهة نظر مبنية على دعواه بأنه من المستحيل على الدولة فرض المعتقد الديني بالإكراه. وقال إن الدولة يجب ألا تتدخل في المعتقدات الدينية التي يختارها الأفراد، إلا عندما تؤدي هذه المعتقدات الدينية إلى سلوكيات أو مواقف تتعارض مع أمن الدولة. رسالة جون لوك اليوم لا تزال هي المانيفستو الأساس لكل مطالب التسامح، رغم أنها لم تكن كاملة في البداية.