خلف إعلان السلطات التونسية عن تسلمها 4 عناصر إرهابية خطيرة للغاية من الجانب السوري، وإيداعهم السجن في انتظار محاكمتهم، جدلاً سياسياً حاداً حول ملف عودة الآلاف من الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر، ومدى تأثير هذه العودة على أمن البلاد واستقرارها. وفي حين أكد مختار بن نصر، رئيس اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (لجنة حكومية)، على أن أجهزة الدولة التونسية «مهيأة» لاستقبال المجموعات الإرهابية العائدة من مناطق النزاعات، أو التي جرى ترحيلها إلى تونس، فإن عدة أطراف سياسية وحقوقية تشكك في هذه الاستعدادات، نتيجة صعوبة إدماج من تدرب على حمل السلاح واستعماله في تنفيذ أعمال إرهابية، وعودته إلى الحياة الطبيعية. وأفاد بن نصر أن تونس استقبلت خلال السنوات الماضية دفعات من الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر، بلغ عددهم حالياً نحو ألف إرهابي، وقد أصدر القضاء أحكاماً قضائية تتماشى وطبيعة الجرائم التي ارتكبوها. وكانت تونس قد استقبلت خلال الفترة المتراوحة بين 2012 و2016 نحو 800 إرهابي. وكشف بن نصر عن مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة العامة للسجون والإصلاح في تونس ضد العناصر الإرهابية الخطيرة، واعتبرها «إجراءات خاصة»، على غرار تخصيص قاعات وزنزانات خاصة بهم، حتى لا يختلطوا بسجناء الحق العام. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر أمنية وقضائية تونسية أن عملية تنسيق كبرى تمت بين المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية في تونس من أجل اتخاذ الاحتياطات الضرورية للتعامل مع العناصر الإرهابية الخطيرة التي تسلمتها تونس قبل أيام، وذلك تجنباً لأي خطر ممكن على بقية المساجين، أو تهديد الأمن العام في تونس.
واعتبر بن نصر أن الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر يبحثون حالياً عما سماه «ملجأً آمناً»، واستبعد في هذا السياق أن يعودوا إلى بلدانهم حاملين الأسلحة لمواصلة تلطيخ أياديهم بالدماء، كما يعتقد البعض، على حد قوله.
ويؤكد خبراء أمنيون تونسيون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن قادة تنظيم داعش الإرهابي لن يعودوا إلى تونس، وأن العودة ستشمل بالخصوص الكوادر الوسطى والمقاتلين الصغار، إن صحت العبارة.
وفي هذا السياق، أكد علية العلاني، الخبير الأمني المختص في الجماعات المتطرفة، أن «عدد المقاتلين الذين سيعودون إلى تونس لن يتجاوز الألفي شخص، في أقصى الحالات، رغم تقدير عددهم بالآلاف، وذلك لقضاء كثير منهم في الهجمات الأخيرة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن العدد الفعلي للمقاتلين لا تملكه أي دائرة، سواء أكانت حكومية أو حقوقية، لأن كثيراً من الإرهابيين تسللوا بطرق غير شرعية إلى مناطق النزاع، واستعملوا طرقاً ملتوية للوصول إلى سوريا والعراق، من بينها العبور عن طريق ليبيا وتركيا وعدد من دول شرق أوروبا. ويعتبر ملف عودة الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر من أبرز الملفات الخلافية بين الأحزاب السياسية في البلاد، وتوجه اتهامات إلى حركة النهضة (حزب إسلامي) بالتغاضي عن أنشطة شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، وهو ما تنفيه الحركة بشدة.
كانت منظمات حقوقية تونسية، ونقابات أمنية، قد طالبت بسحب الجنسية التونسية من الإرهابيين الذين التحقوا بتلك التنظيمات الإرهابية، وعبرت عن رفضها لعودتهم إلى البلاد، ووصفتهم بـ«القنابل الموقوتة». وأعلنت تونس خلال السنة الماضية عن إعداد برنامج حكومي لإعادة تأهيل المقاتلين العائدين من بؤر الإرهاب، فيما تعمل مجموعة من الوزارات التونسية، من بينها وزارات العدل والداخلية والخارجية والدفاع، على إعداد برنامج تأهيلي متكامل لفائدة العائدين من جبهات القتال. ويستجيب هذا البرنامج لقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بـ«المقاتلين الأجانب»، وهو كذلك تجسيد للاستراتيجية التونسية لمكافحة التطرف والإرهاب.
وتشير أحدث إحصائيات رسمية قدمتها وزارة الداخلية التونسية إلى أن عدد الإرهابيين التونسيين الموزعين على سوريا وليبيا والعراق يقدر بـ2929 إرهابياً، غير أن عدة أطراف سياسية وحقوقية وأمنية ترى أن العدد المصرح به بعيد عن الواقع، وتؤكد أن العدد المحتمل قد يصل إلى حدود الـ10 آلاف تونسي.
ألف إرهابي عادوا من بؤر التوتر إلى تونس
أثاروا جدلاً واسعاً حول طريقة التعامل معهم
ألف إرهابي عادوا من بؤر التوتر إلى تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة