مقتل شرطي يثير جدلاً في السودان والبشير يصف الوضع بـ«الابتلاء»

فوجئ السودانيون بالإعلان عن مقتل أحد رجال الشرطة جراء حصبه بالحجارة في أحد أحياء الخرطوم، كأول «حادث عنف» يسجل على المحتجين السلميين ضد القوات النظامية، في العاصمة الخرطوم على الأقل، في مقابل مقتل العشرات من المتظاهرين، وجرح المئات، دون محاسبة من قتلهم، وذلك فيما قال البشير، في خطاب لاجتماع مجلس شورى الحركة الإسلامية الذي عقد بالخرطوم أمس، إن ما يمر به السودان من «أزمات ومصاعب وابتلاءات» ستستطيع البلاد الخروج منها وهي أكثر قوة.
وفور إعلان مقتل الشرطي، تم تداول «رواية» موزاية للرواية الرسمية، أطلقها نشطاء، تزعم أن الشرطة «فبركت» الرواية للنيل من المتظاهرين، خصوصاً أن رواية مدير شرطة ولاية كسلا، وزعمه أن المدرس أحمد الخير عوض الكريم، الذي لقي حتفه تحت التعذيب، توفي متأثراً بتسمم غذائي. وتتصل الأحداث التي تقلل من الرواية الرسمية بحادث اتهام الشرطة للطالب عاصم عمر بقتل أحد أفرادها في احتجاجات سابقة، وبقائه سجيناً لثلاث سنوات. وتذكر ما تم تداوله من مزاعم بأن مدير الشرطة الأسبق اللواء محجوب حسن سعد أبعد من منصبة لرفضه «ارتداء قوات أخرى» لأزياء الشرطة، واستخدامها للعنف ضد المتظاهرين السلميين.
وفور إعلان الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة السودانية، اللواء هاشم علي عبد الرحيم، مقتل شرطي متأثراً بالحجارة، في أثناء عودته من مهمة تدريبية عند حي «الامتداد» الخرطومي، سارع نشطاء ومعارضون للتشكيك في الرواية الشرطية، وربطوا بينها وبين اتهامات وجهها وزير الدولة بالإعلام مأمون حسن إبراهيم للمعارضة باتخاذ إجراءات قانونية ضد المعارضة، والرد على المنادين بالعنف والإرهاب السياسي والفكري، والساعين للتغيير بالقوة، واعتبروه امتداداً لها.
رواية الشرطة حول مقتل منسوبها تقول إن الرجل دون أن يكون مشاركاً في فض أي احتجاجات، تم حصبه في أثناء مرور ناقلته بالحجارة، بالقرب من مركز صحي سمير بالامتداد، من قبل مجموعة «متفلتين»، بصورة كثيفة، مما أدى لوقوع إصابات توفي على أثرها.
لكن الصحافي المختص بالجريمة طارق عبد الله أرجع التشكيك في رواية الشرطة إلى أن «الجو العام» الناتج عن الاحتجاجات والمظاهرات في البلاد يساعد على «إضعاف المصداقية» في البيانات والتصريحات الصادرة من المؤسسات الرسمية بشكل عام.
ويشدد المعارضون على عدم إلقاء الشرطة «القبض» على قتلة عشرات المحتجين منذ مظاهرات سبتمبر (أيلول) 2013، وعشرات القتلى في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد حالياً، ويربطون بينها وبين «القبض بسرعة رهيبة» على متهمين في حادثة قتل أحد أفرادها، معتبرين ذلك مؤشراً على حال الشرطة في البلاد.
وفي غضون ذلك، وعلى نحو مفاجئ، أعلن البرلمان السوداني تأجيل اجتماع كان مقرراً عقده اليوم، لبحث تعديلات دستورية تسمح للرئيس الحالي بالبقاء في السلطة مدى الحياة، فيما قال البشير إن «الحكم والسلطة» ليس من الغايات التي تسعى إليها «الحركة الإسلامية»، موجهاً اتهامات لجهات لم يسمها بـ«الكيد للسودان». ومن جانبه، قال البشير في خطاب لاجتماع مجلس شورى الحركة الإسلامية، الذي عقد بالخرطوم أمس، إن ما يمر به السودان من «أزمات ومصاعب وابتلاءات» ستخرج منها البلاد أكثر قوة.
ووجه اتهامات لجهات لم يمسها بالكيد للسودان، بقوله: «رغم الكيد ضد السودان، والأزمات التي تواجهه، فإنه لم يُهزم، ومستمر في مشروعات التنمية»، وتابع: «ثورة الإنقاذ فجرت ثورة التعليم لتحرير العقول، ومنح مزيد من الحريات للتحرر من قيود الطائفية والقبلية».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، عن رئيسة اللجنة المعنية ببحث التعديلات الدستورية، بدرية سليمان، أن اجتماع اليوم تأجل إلى موعد لاحق لارتباطات تتعلق برئاسة اللجنة، دون أن تنقل أي معلومات إضافية.
وكان رئيس البرلمان قد عرض على الصحافيين، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقترحاً مقدماً من 33 حزباً، ينص على تعديل الدستور الانتقالي لعام 2005، للسماح للبشير بالترشح لدورات رئاسية مفتوحة، وأبلغهم بتكوين لجان لدراسته.