اليمن: اعتقال 4 من حراس صالح في عملية النفق

مقتل وجرح 42 شخصا بينهم ضابط كبير في لحج

اليمن: اعتقال 4 من حراس صالح في عملية النفق
TT

اليمن: اعتقال 4 من حراس صالح في عملية النفق

اليمن: اعتقال 4 من حراس صالح في عملية النفق

كشف السكرتير الصحافي للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح عن اعتقال أربعة جنود من الحراس الشخصية لصالح، إضافة إلى ملاحقة أربعة آخرين، وشخصين من جنسيات عربية، متهمين في محاولة اغتيال صالح عبر نفق تم حفره بالقرب من قصره جنوب العاصمة صنعاء، فيما قتل وجرح 43 شخصا معظمهم جنود، أمس الأربعاء، في انفجار عبوة ناسفة، في محافظة لحج جنوب البلاد، بحسب ما أفاد محافظها أحمد المجيدي «الشرق الأوسط».
وقال أحمد الصوفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن أحد المشاركين في العملية، وهو جندي، كشف المخطط قبل مرحلة تنفيذ التفجير، وهو بمثابة شاهد ملك على هذا المخطط الإجرامي». وأوضح الصوفي أن «المنفذين للعملية وصلوا إلى عمق قريب من مسجد الرئيس السابق، الذي يقع داخل منزله، وكانت لديهم خطة متكاملة لنسف الجامع بمن فيه من المصلين»، مؤكدا أن «المشتبه بهم تم تسليمهم لوزارة الداخلية ولجنة التحقيقات المكلفة من الرئيس عبد ربه منصور هادي، فيما تتم ملاحقة أربعة آخرين، وأجنبيين من الجنسية العربية». وفيما لم يتهم أي جهة بعينها قال الصوفي «إن القوى التي تقف وراء العملية كانت تريد إعادة تنفيذ جريمة دار الرئاسية من خلال هذا النفق، الذي يوضح أن المنفذين استعانوا بخبرات عربية، كانت تخطط وتشرف على العملية». ولفت الصوفي إلى أن عملية حفر النفق تشير إلى أن من يقفون وراءها استفادوا من ثقافة الأنفاق التي أصبحت موضة سياسية بالمنطقة كما يقول، معتبرا أن لجنة التحقيق الأمنية هي المعنية بكشف تفاصيل هذا المخطط، وإعلان الجهة الممولة والراعية والمستفيدة، وذلك يحتاج إلى وقت.
في سياق آخر، قتل تسعة أشخاص وجرح 34 آخرون معظمهم من الجنود، أمس الأربعاء، في انفجار عبوة ناسفة، في محافظة لحج جنوب البلاد، بحسب ما أفاد محافظ لحج أحمد المجيدي، لـ«الشرق الأوسط». وذكر المجيدي أن «العبوة ربما تكون لغما أو عبوة ناسفة كبيرة، وضعت وسط الطريق العام، الذي يربط محافظة عدن بلحج»، مشيرا إلى أن السلطات رفعت الجاهزية في وحدات الجيش والأجهزة الأمنية، لمواجهة العناصر الإرهابية، التي أضرت بالأمن والاستقرار والسكينة العامة. وقال المجيدي «إن العناصر الإرهابية تستخدم أساليب العصابات، في استهداف أفراد الأمن والجيش، عبر تنفيذ هجمات غدر جبانة»، مستبعدا أن تسيطر عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي على محافظ لحج، لأنهم عاجزون عن السيطرة على أي منطقة، مشيرا إلى أن «رجال الأمن والجيش، ومعهم المواطنون واللجان الشعبية، سيكونون لهم بالمرصاد». ولفت إلى أن «الجيش والأمن في جاهزية قتالية لمواجهة هذه العناصر الإرهابية».
وكان مصدر أمني في شرطة محافظة لحج أكد إصابة ضابط شرطة برتبة عقيد، في انفجار العبوة الناسفة، إضافة إلى 33 آخرين من منتسبي البرنامج الوطني لنزع الألغام، ومدنيين. وقال المصدر، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الحكومية «إن 8 أشخاص قتلوا وأصيب 34 آخرون من خبراء نزع الألغام ورجال الأمن، والمدنيين، بينهم مدير الشرطة بمديرية تبن العقيد محمد فريد»، موضحا أن «خبراء المتفجرات نقلوا العبوات إلى سيارة لتفكيكها بعيدا عن المواطنين الذين كانوا يتجمعون في المكان إلا أن العبوات انفجرت على متن السيارة». وتوعد قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن محمود الصبيحي منفذي التفجير الإرهابي، وقال «إنهم لن يفلتوا من العقاب والقصاص العادل». وأكد الصبيحي، الذي زار المصابين في الحادث، أن المؤسسة العسكرية الشريفة ستلاحق الإرهابيين للقضاء عليهم».
وشهدت محافظة لحج جنوب اليمن، أخيرا، هجمات متتالية لعناصر «القاعدة»، كانت آخرها السبت الماضي، حيث استهدفت مقرات عسكرية وأمنية في المحافظة، وهو ما دعا السلطات إلى شن حملة تمشيط في مدينة الحوطة بحثا عن العناصر التخريبية من الخارجين عن القانون، فيما حلق الطيران الحربي خلال الأيام الماضية على علو منخفض في أجواء المنطقة.
ويحذر مراقبون وصحافيون من انفلات أمني كبير في محافظة لحج المحاذية لمحافظة أبين المعقل السابق لـ«القاعدة»، لوجود تحالف كبير بين الحراك المسلح الذي يطالب بالانفصال عن الشمال، وبين تنظيم القاعدة في جنوب البلاد. ويقول أنيس منصور، وهو من أبناء محافظة لحج، لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحدث في لحج هو تحالف مرحلي بين عناصر الحراك المسلح وتنظيم القاعدة، ضد الدولة ومؤسساتها ومقراتها الأمنية»،
مؤكدا أن «هناك انفلاتا أمنيا غير مسبوق في المحافظة، وسط تصارع القوى والقيادات الحكومية على مصالحها الشخصية، تاركة جماعات العنف والإرهاب والتخريب تنشر الفوضى في المحافظة».

وأشار أنيس إلى وجود «تواطؤ ودعم واضح لقيادات سياسية وشخصيات رسمية، للعناصر الإرهابية والتخريبية». ويقول «لم تقم الأجهزة الأمنية بدورها كما يجب، وهو ما يزيد من الانفلات الأمني، مما يفرض على الدولة أن تعزز من إجراءاتها الأمنية، بمسانده شعبية وتعاون متكامل للقضاء على ذلك». وذكر أنيس أن هناك حالة رعب لأفراد الأجهزة الأمنية والعسكرية، بعد عمليات اغتيال لعشرات الضباط والجنود خلال الفترة الماضية.
من جانبه، يرى المحلل السياسي عبد الله عبد الغني الشرعبي، أن هناك اختفاء كاملا للحراك المسلح، في مدن عرف عنها أنها معاقل لهم، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الحراك المسلح اختفى تمام عن الواجهة في مقابل ظهور (القاعدة) وازدياد عملياتها خلال النصف الأول من هذا العام، وهو ما يشير إلى وجود تحالف بينهما ضد الدولة»، معتبرا أن الحراك المسلح تحول إلى بيئة حاضنة لـ«القاعدة». وتابع «أغلب المحافظات الجنوبية تشهد أوضاعا أمنية صعبة، رغم وجود عدد كبير من ألوية الجيش والأجهزة الأمنية، وهو ما يشير إلى وجود مخطط لتحويل الجنوب إلى منطقة صراع دائمة، المستفيد منها جماعات العنف والخاسر الأكبر هي الدولة». واعترف الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي بصعوبة الجوانب الأمنية والاقتصادية، التي تمر بها بلاده. وترأس هادي أمس الاجتماع الثاني للهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، مؤكدا أن «هناك تحديات من قبل جماعات الإرهاب ومن الذين لم يتحرروا من عقد الماضي ومن الأساليب التي عفا عنها الزمن».
ولفت إلى أن هناك بعض القوى لا تزال تعمل على التحريض ولم ترتفع إلى مستوى المسؤولية من أجل إخراج اليمن إلى بر الأمان، مشددا على الحفاظ على النظام الجمهوري والوحدة والنهج الديمقراطي، وقال «هذه ثوابت لا يمكن القفز عليها من أي أحد سواء قبليا أو جهويا أو حتى مذهبيا، وهو ملك أبنائه جميعا من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ومن أقصى الغرب إلى أقصى الشرق».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.