«معارضة الداخل» ترفض المشاركة في الحكومة قبل أي حوار شامل لحل الأزمة السورية

قدري جميل لـ(«الشرق الأوسط») : لن نشارك إلا بحوار شامل

«معارضة الداخل» ترفض المشاركة في الحكومة  قبل أي حوار شامل لحل الأزمة السورية
TT

«معارضة الداخل» ترفض المشاركة في الحكومة قبل أي حوار شامل لحل الأزمة السورية

«معارضة الداخل» ترفض المشاركة في الحكومة  قبل أي حوار شامل لحل الأزمة السورية

رفضت «معارضة الداخل» المشاركة في الحكومة الجديدة التي يعتزم النظام تشكيلها قبل إجراء حوار شامل يضم النظام والمعارضة على حد سواء، وذلك بعد أيام من تكليف الرئيس السوري بشار الأسد رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي وائل الحلقي بتشكيل الحكومة الجديدة.
هذا القرار الذي نقلته صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطة عن «هيئة التنسيق الوطنية» و«جبهة التغيير والتحرير» جاء بعدما عمد النظام إلى منع الفريقين من عقد مؤتمر لعرض وثيقة مشتركة تطالب بإنهاء «النظام الاستبدادي»، وتطالب بالحل التفاوضي السلمي لوضع حد للأزمة السورية. وهو ما أشار إليه القيادي في «جبهة التغيير والتحرير»، قدري جميل، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا موقف مبدئي، هو أنّنا لن نشارك إلا على أساس برنامج شامل لحلّ الأزمة السورية وجدول زمني لتنفيذه»، مضيفا: «لم يعرض علينا موضوع المشاركة في الحكومة بشكل جدي لغاية الآن، لكن بالنسبة إلينا ما يهمنا أوّلا هو الوحدة الوطنية قبل أي مشاركة في الحكومة». وأوضح «أنّ أي حكومة وطنية تحتاج إلى حوار شامل، وعوامل هذا الأمر لا تزال غير متوفرة بعد فشل مؤتمر جنيف 2».
وفيما كانت المعارضة المتمثلة بالائتلاف الوطني السوري، قد عدت أنّ إعادة تسمية الحلقي هو استكمال لنهج النظام وسياسته التي أدّت إلى انهيار الدولة، نقلت صحيفة «الوطن» في عددها الصادر أمس، عن رئيس المكتب الإعلامي في «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة، منذر خدام، قوله إنه «حتى الآن لا يوجد موقف محدد من تكليف الحلقي تشكيل الحكومة الجديدة ولكن بالنسبة لنا هذا التكليف لن يغير كثيرا من الأمر، فالمهم ليس تغيير شخصية، إنما تغيير البرنامج الذي يتم العمل عليه».
وعن المشاركة بالحكومة الجديدة، أوضح خدام: «بالتأكيد لن نشارك إلا في حكومة تستند إلى برنامج إنقاذي واضح يؤدي إلى الانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي»، مشيرا إلى أنّه من الممكن المشاركة في حكومة وحدة وطنية تؤدي إلى إنقاذ البلاد وإلى حل سياسي حقيقي.
بدوره، أشار القيادي في «جبهة التغيير والتحرير» فاتح جاموس إلى أن إعادة تكليف الحلقي بتشكيل حكومة جديدة «إجراء سلطوي حكومي صحيح من وجهة نظر السلطة الشرعية والقانونية والرسمية لكنه إجراء أحادي الجانب ويتصرف تجاه الأزمة الوطنية بنفس المنطق السابق أي احتكار إدارة الأزمة كما كان احتكار إدارة الوطن سابقا، وهذا الأمر يجري بقرار من السلطة وليس هناك أي عملية تشاور أو حوار وطني حول الأمر وكذلك حول أي حكومة قادمة».
وكان الأسد قد أصدر منذ أيام مرسوما بإعادة تكليف الحلقي لتشكيل الحكومة الجديدة. وتولى الحلقي منصب رئيس مجلس الوزراء منذ أغسطس (آب) 2012. بعد انشقاق سلفه رياض حجاب وانضمامه إلى المعارضة خارج سوريا، بعدما كان يشغل منصب وزير الصحة.
وأعلن الحلقي قبل يومين أنه بدأ بإجراء مشاورات ومقابلات تصب في تشكيل الحكومة الجديدة، موضحا أن الفترة المتوقعة لإعلان التشكيلة الحكومية الجديدة قد تحتاج إلى نحو أسبوعين من الآن.
وكانت الأجهزة الأمنية السورية، قد منعت كلا من «هيئة التنسيق» و«جبهة التغيير والتحرير»، الأسبوع الماضي، عقد مؤتمر صحافي في دمشق، لعرض وثيقة مشتركة تطالب بإنهاء «النظام الاستبدادي»، وتتمسك بالحل التفاوضي السلمي لوضع حد لأزمة سوريا.
وهو الأمر الذي عدته الجهتان أنه «خطير» و«غير مسبوق»، خصوصا أنه يقطع الطريق على أي محاولة لتوحيد صفوف معارضة الداخل، وكان المؤتمر مخصصا لعرض «مذكرة تفاهم» بين «هيئة التنسيق» و«الجبهة» التي تضم قوى معارضة شاركت في الحكومة، أبرزها نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل، الذي أعفي من منصبه في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتتضمن مذكرة التفاهم «مبادئ أساسية لحل سياسي تفاوضي يضمن وحدة سوريا». واتهم الطرفان، وفق قياديين فيهما، المكتب الإعلامي في القصر الرئاسي بإصدار تعليمات للأجهزة الأمنية بمنع انعقاد المؤتمر.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.