مجلس المنافسة المغربي ينتقد سعي الحكومة لتحرير سوق المحروقات

TT

مجلس المنافسة المغربي ينتقد سعي الحكومة لتحرير سوق المحروقات

وجه مجلس المنافسة المغربي، وهو هيئة دستورية مستقلة، انتقادات لاذعة لقيادة الحكومة السابقة لعملية تحرير سوق المحروقات بالمغرب، وأعلن عن فتح تحقيق حول الممارسات التجارية للشركات النفطية وهوامش أرباحها منذ تحرير السوق في ديسمبر (كانون الأول) 2015.
وجاءت هذه الانتقادات في سياق جواب المجلس على طلب الحكومة الحالية رأيه في قرارها القاضي باللجوء إلى تسقيف هوامش ربح الشركات النفطية والعودة إلى تحديد الأسعار. وللإشارة فإن الحكومة الحالية طرحت إمكانية اتخاذ هذه التدابير في سياق الجدل الدائر في المغرب حول استفادة الشركات النفطية من التحرير وتحقيقها لأرباح ضخمة على حساب المستهلكين.
وانتقد المجلس، في لقاء صحافي أمس، الطريقة التي قادت بها الحكومة السابقة عملية التحرير الشامل لسوق المحروقات، مشيرا إلى أنها لم تأخذ بعين الاعتبار إغلاق المصفاة الوحيدة في البلاد، والتي توقفت عن العمل في أغسطس (آب) 2015. في حين لم تحرر الحكومة سوق المحروقات إلا في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2015. وقال إدريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة، إن مصفاة سامير التي كانت تمون 60 في المائة من الطلب المغربي كانت تلعب دورا استراتيجيا في توازن السوق، وأيضا في مجال الأمن الاقتصادي وضمان تزويد السوق نظرا لمخزونها الاستراتيجي.
المؤاخذة الثانية التي عبر عنها المجلس هي أن الحكومة سلمت السوق في نهاية 2015 للشركات النفطية دون أن تأخذ بعين الاعتبار تركيبة السوق التي تتميز بوجود حواجز كبيرة أمام دخول منافسين جدد، إضافة إلى الفراغ الذي تركه غياب مجلس المنافسة. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس المنافسة المغربي متوقف منذ 2012 بسبب انتهاء ولاية أعضاء المجلس السابق وتغيير القانون المنظم له، وعدم اتخاذ الحكومة السابقة للتدابير اللازمة لتطبيق القانون الجديد وتنصيب أعضائه. غير أن حملة المقاطعة التي عرفها المغرب قبل عام، والتي شملت منتجات ثلاث شركات تعمل في قطاعات المحروقات والحليب والماء، بسبب الغلاء، أعادت للواجهة دور مجلس المنافسة. وعين العاهل المغربي إدريس الكراوي رئيسا للمجلس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
كما آخذ المجلس على الحكومة تحرير أسعار المحروقات دون اتخاذ أي تدابير مصاحبة لحماية الفئات الاجتماعية الأكثر عرضة لأضرار التحرير.
أما بخصوص طلب رأي المجلس في عزم الحكومة الحالية على اعتماد تسقيف هوامش ربح الشركات النفطية وتحديد الأسعار، وفقا لما يسمح به قانون المنافسة المغربي، يقول الكراوي: «أولا هذا الطلب لم يستوف الشروط القانونية المحددة في هذا المجال. غير أننا كمجلس قررنا أن نبدي رأينا وأن نصدر توصيات».
وأشار الكراوي إلى أن مجلس المنافسة يرى أن هذه التدابير غير كافية، كما أنها لن تكون ناجعة في علاج المشاكل الهيكلية لقطاع المحروقات. وأضاف أن القانون يسمح للحكومة بصورة استثنائية بالتراجع عن تحرير المنتجات النفطية وإعادة إدراجها في لائحة المواد التي تخضع موادها للتحديد من طرف الحكومة. غير أن القانون يحدد لهذه التدابير الاستثنائية أجلا محصورا في ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة. ويضيف الكراوي أن مشاكل أسعار المحروقات لا يمكن حلها في حدود هذه الآجال.
وبخصوص وضع سقف لهوامش ربح الشركات النفطية، أوضح الكراوي أن المغرب يستورد 93 في المائة من حاجياته من المحروقات، وأن هوامش ربح التوزيع بالجملة أو التقسيط في المغرب لا تمثل سوى جزء يسير من الثمن، والذي يتقلب وفق توجهات أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية. لذلك يرى الكراوي أن تسقيف هوامش ربح الشركات الموزعة لن يغير شيئا في تقلب الأسعار.
وبخصوص توصيات المجلس، حددها الكراوي في أربع توصيات. أولها فتح المجال أمام الاستثمار في صناعة تكرير النفط، إما عبر القطاع الخاص أم في إطار شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص. كما أوصى المجلس بإفساح المجال أمام الاستثمار في التخزين، والسماح لمخزنين مستقلين في ولوج هذا القطاع، إضافة إلى فتح المجال أمام شركات جديدة في مجال توزيع المحروقات والسماح لمحطات توزيع مستقلة بدخول المجال.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.