التحقيق بحادثة الجاهلية: مرافق وهاب لم يقتل برصاص القوى الأمنية

توقيف 10 مدنيين بإطلاق النار على عناصر الدورية وتهديدهم بالقتل

TT

التحقيق بحادثة الجاهلية: مرافق وهاب لم يقتل برصاص القوى الأمنية

اختتم القضاء العسكري في لبنان مرحلة التحقيقات الأولية، التي أجراها في حادثة بلدة الجاهلية (جبل لبنان) التي أسفرت عن مقتل محمد أبو دياب مرافق الوزير الأسبق وئام وهّاب الموالي للنظام السوري، وتوصلت التحقيقات إلى نتيجة حاسمة تفيد بأن أبو دياب لم يُقتل برصاص عناصر القوة الأمنية، فيما أمر القضاء بتوقيف عشرة مدنيين من مرافقي وهّاب، وبدأ ملاحقتهم بجرم إطلاق النار على عناصر الدورية وتهديدهم بالقتل، وقطع الطرقات العامة.
وكانت قوة من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي توجهت من بيروت إلى بلدة الجاهلية ليل الأول من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لتنفيذ مذكرة قضائية صادرة عن النائب العام التمييزي سمير حمود، تقضي بإحضار وئام وهّاب إلى التحقيق لاستجوابه بدعوى مقامة ضده، بجرائم «إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، وتعريض السلم الأهلي للخطر»، على خلفية مواقف وتصريحات أدلى بها للإعلام وفي لقاءات خاصة، تتضمن تهجماً على رئيس الحكومة سعد الحريري، ووالده الراحل الرئيس رفيق الحريري، ما أدى إلى إطلاق نار متبادل بين الدورية الأمنية وعشرات المسلحين من مرافقي وهاب ومناصريه، ما أسفر عن مقتل مرافقه الشخصي.
وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، أنهى تحقيقاته الأولية في أحداث الجاهلية التي وقعت في الأول من (ديسمبر) 2018، والتي توفي نتيجتها المواطن محمد أبو دياب، مؤكداً أن القاضي عقيقي أعلن أنه «بنتيجة المقارنة المجهرية والفنية على المقذوف (الرصاصة) المستخرج من جثة الضحية أبو دياب وهو من عيار 5.56 ملم، وبنتيجة الكشف أيضاً على المظاريف المضبوطة في مسرح الجريمة في بلدة الجاهلية، وعلى البنادق التي كانت بتصرُّف القوة الأمنية التابعة لفرع الحماية والتدخل في شعبة المعلومات، ووفقاً لبيان المهمة الصادر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، جاءت نتيجتها سلبية، أي أن المقذوف المضبوط (الرصاصة التي أصابت مرافق وهّاب وأدت إلى مقتله)، لم يُطلق من أي من هذه البنادق».
وأفاد المصدر القضائي بأن القاضي عقيقي «وبنتيجة التحقيقات، أمر بتوقيف عشرة أشخاص مدنيين (من مرافقي ومناصري وهاب)، وأحالهم على قاضي التحقيق العسكري الأول، بعد الادعاء عليهم وعلى كل من يظهره التحقيق، بجرائم مقاومة عناصر أمنية بالعنف، وإطلاق النار تهديداً في الهواء، وتهديدهم بالقتل بواسطة أسلحة حربية مرخصة وغير مرخصة وشتمهم وتحقيرهم وقطع الطرقات»، مشيراً إلى أن مفوض الحكومة المعاون القاضي فادي عقيقي «ادعى أيضاً على مجهول لم يتوصل التحقيق لكشف هويته، بالتسبب بمقتل أبو دياب، وأحال الملف مع الموقوفين على قاضي التحقيق العسكري، وطلب إصدار مذكرات توقيف بحقهم سنداً للجرائم المسندة اليهم».
وكان وهاب اتهم عناصر الدورية الأمنية بقتل مرافقه، زاعماً أن الرصاصة التي أصابت محمد أبو دياب أُطلِقت من بندقية قناصة، وكانت تستهدفه (وهّاب)، لأنه كان على بعد أمتار قليلة من الضحية، محملاً النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مسؤولية الحادث، وأنهما أصدرا أمراً باغتياله.
وقالت مصادر معنية بملف حادثة الجاهلية لـ«الشرق الأوسط» إن وهّاب «رفض التعاون مع المحققين، ما أدى إلى تأخر نتائج التحقيق الأولي لأكثر من شهرين، بدليل أنه لم يسلِّمهم تسجيلات كاميرات المراقبة المثبتة في محيط منزله وفي باحته الداخلية، والتي كانت كفيلة بتحديد هوية الأشخاص الذين بادروا إلى إطلاق النار لدى وصول القوة الأمنية إلى الجاهلية، ومن تسبب بمقتل أبو دياب». وأوضحت أن وهاب سلّم القائمين على التحقيق الأولي، جهاز «DVR» يعود لعام 2013 وليس لتاريخ الحادثة، بعد أن أبلغهم (المحققين) بأن الكاميرات الموجودة لديه معطلة.
يذكر أن القضاء جمد مفعول مذكرة الإحضار التي صدرت بحق وهاب بعد مقتل مرافق الأخير، وهو يسعى (وهّاب) إلى إلغاء هذه المذكرة، وإحالة الدعوى المقامة ضده على محكمة المطبوعات بدلاً من الادعاء عليه بجرائم جنائية، التي تستوجب محاكمته أمام محكمة الاستئناف الناظرة بالجرائم الجزائية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».