رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد يستعد لحرب داخل قطاع غزة

الفصائل الفلسطينية تهدد برد قوي على أي اعتداء

محتجون فلسطينيون على الحصار الإسرائيلي لغزة الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون على الحصار الإسرائيلي لغزة الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد يستعد لحرب داخل قطاع غزة

محتجون فلسطينيون على الحصار الإسرائيلي لغزة الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون على الحصار الإسرائيلي لغزة الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يتصاعد فيه التهديد الكلامي بين القادة الإسرائيليين وقادة التنظيمات الفلسطينية المسلحة، كشفت مصادر عسكرية في تل أبيب، أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، التقى مع جنوده في اللواء الجنوبي، ودعاهم إلى الاستعداد لخوض معارك حربية برية داخل قطاع غزة.
وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، أمس الخميس، إن كوخافي، أعلن عن خطة لتحسين الاستعداد العملياتي للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، على حساب القطاعات الأخرى. ونقلت على لسانه القول إن «هذه الساحة (غزة) ستكون الأكثر تفجراً خلال الأشهر المقبلة». وبحسب الصحيفة، فقد تمت الموافقة على الخطة في القيادة السياسية.
وجاء هذا النشر في أعقاب قيام شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان) بنشر تقديرات تقول فيها إن حركة حماس قد تبادر إلى عملية هجومية واسعة تؤدي إلى حرب: «في محاولة لإدخال تدخل دولي إلى الصورة، وتغيير الوضع الإنساني في قطاع غزة». ولذلك قرر كوخافي، وضع الاستعدادات لحرب في قطاع غزة على رأس سلم أولويات الجيش الإسرائيلي، والمصادقة على خطط حربية وتشكيل «مديرية أهداف» في القطاع. وبحسب «أمان»، فإنها غيرت تقديراتها السابقة، بأن «حماس» لن تقدم على شن عملية عسكرية أو الدخول في حرب، وتعتبر الآن أنه في أعقاب عدم رضى «حماس» عن تقدم المحادثات مع الوسطاء المصريين، يمكن أن يؤدي أي حدث متطرف إلى تغير الوضع في القطاع.
وتقول تقديرات «أمان» إن «حماس» قد تطلق صواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية، وتعمل من داخل أنفاق، أو إطلاق قذائف مضادة للمدرعات، ضد أهداف عسكرية أو مدنية، في محاولة لإسقاط عدد كبير من الخسائر، وأن تجر إسرائيل إلى رد مختلف عن عملياتها خلال جولات القتال القصيرة، وإن «حماس» باتت على استعداد لتحمل مخاطر. ولا تستبعد تقديرات «حماس» احتمال اشتعال الوضع في الضفة الغربية أيضاً. ورأت تقديرات «أمان» أن زعيم «حماس» في غزة، يحيى السنوار، ينظر إلى العمليات المسلحة على أنها وسيلة من أجل تحقيق أهداف مهمة لقطاع غزة، وأنه لن يتردد بالدخول في مواجهة واسعة، حتى لو كان الثمن مساً شديداً بـ«حماس» وقواعدها. وتتوقع «أمان» حرباً شبيهة بالعمليتين الحربيتين في عامي 2008 و2014، وعدم احتلال القطاع لفترة طويلة.
وفي ضوء ذلك، نشر أن كوخافي صادق في الأسبوعين الأخيرين على عدة خطط حربية لعمليات عسكرية في القطاع، وبسيناريوهات مختلفة، وفقاً لقرار الحكومة الإسرائيلية. وعقد كوخافي اجتماعات مع قادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، وجهات ذات علاقة. كذلك شكل كوخافي «مديرية أهداف» تكون مهمتها تحديد «أهداف نوعية» في القطاع من أجل مهاجمتها. وتضم هذه «المديرية» ضباط استخبارات وضباطاً ميدانيين تكون مهمتهم تحليل نوعية الأهداف، وبناء خطة عمل لمهاجمتها. كذلك أوعز كوخافي بنشر جنود نظاميين عند بطاريتي «القبة الحديدية»، التي يفترض أن تصبح عملانية حتى نهاية العام الحالي، وعندها ستكون لدى الجيش الإسرائيلي عشر بطاريات «قبة حديدية».
لكن مصادر عسكرية لاحظت أن «تقديرات (أمان) ليست متلائمة مع التقديرات الاستخباراتية لقيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي»، حسبما ذكر موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني. ووفقاً لتقديرات قيادة المنطقة الجنوبية، فإن «حماس» معنية بهدوء وتسوية من أجل جلب مشروعات اقتصادية ومساعدات إنسانية، وإن «حماس» معنية أيضاً بالحفاظ على توتر مع إسرائيل عند السياج الحدودي. وأكدت أنه في حالة كهذه، فإن تقديرات «أمان» هي التي ستُؤخذ بالحسبان.
من جهة ثانية، دعا وزير الأمن الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، إلى حسم الأمور مع قطاع غزة؛ من خلال «مواجهة عسكرية أخيرة». وقال إن «المواجهة المقبلة في غزة يجب أن تكون الأخيرة». وأضاف ليبرمان: «منذ ما يقرب من عام بدأت مسيرات العودة على طول السياج في قطاع غزة، وقد حذرت في كل من المناقشات المغلقة والعامة بأن أكثر الأماكن سخونة وتوتراً هو قطاع غزة، وجاء تقييم الاستخبارات العسكرية الذي نشر أمس متطابقاً تماماً مع تقييمي خلال العام الماضي. السؤال الآن ليس هل ستكون هناك مواجهة أخرى مع (حماس) في قطاع غزة؟ بل: متى سيحدث ذلك؟».
ورأى أن الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عن «تقوية» التنظيمات الفلسطينية؛ بامتناعها عن شن حرب على القطاع في الوقت الحالي، وتخفيفها العقوبات عنها، وفق تقديره. وأوضح أن نقل الأموال والوقود إلى قطاع غزة وتوسيع مساحة الصيد، كلها عوامل تعزز من قوة حركة حماس على المستويين العسكري والمدني، كما أنها تزيد من الدعم الشعبي لها في الضفة وغزة. وشدد على ضرورة توجيه ضربة قاسية وغير معهودة ضد «حماس»، في محاولة لـ«كسر إرادتها بالكامل لمعاودة القتال ضدنا، وأيضاً لتدمير إيمانها بأنها قد تهزمنا»، مضيفاً: «من دون هذه الضربة فإن المواجهة الوشيكة مع قطاع غزة لن تكون إلا مرحلة مؤقتة للمواجهات في المستقبل».
وكانت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة قد أعلنت، أول من أمس الأربعاء، أن «كل المؤشرات الراهنة تشير إلى إنذارات تحمل الضوء الأحمر لانفجار قادم، بسبب اشتداد الحصار» للعام الثاني عشر على التوالي. وشددت الفصائل في بيان مشترك، على أن «الاحتلال هو المسؤول عن أي اعتداء بحق أبناء شعبنا، وعليه تحمل تبعات ذلك»، وأكدت أنه «لن نسمح باستمرار تغول الاحتلال على المشاركين السلميين في مسيرات العودة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.