خلافات {إخوان موريتانيا} تهدد تماسك المعارضة

TT

خلافات {إخوان موريتانيا} تهدد تماسك المعارضة

يعاني حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذي ينتمي لتيار الإخوان المسلمين في موريتانيا، من خلافات بين قياداته التقليدية، دفعت عدد منها إلى تقديم استقالتها من الحزب، فيما أعلن بعضهم بشكل رسمي خروجه من هيئات الحزب، واكتفى آخرون بالابتعاد عنه. وأعلن المختار ولد محمد موسى، قيادي الحزب وأحد الوجوه «الإخوانية» التاريخية في موريتانيا، استقالته من حزب «تواصل»، وأكد أنه «غادر كافة أقسام الحزب بشكل نهائي»، وذلك في رسالة موجهة إلى رئيس الحزب محمد محمود ولد سيدي، تداولها الإعلام المحلي.
ويأتي خروج ولد محمد موسى من صفوف «تواصل»، في ظل عملية إعادة هيكلة يقوم بها رئيس الحزب محمد محمود ولد سيدي، والتي خرج بموجبها الكثير من القيادات التاريخية للحزب من هياكله وهيئاته القيادية، في عملية وصفها بأنها ستنتهي بنسخة جديدة من حزب «تواصل». لكن هذه الإصلاحات أدت إلى خلافات قوية بين رئيس الحزب والكثير من قياداته.
وترجح مصادر مطلعة أن ولد محمد موسى، وقيادات أخرى بارزة في الحزب الإسلامي، تستعد للخروج من المعارضة، والالتحاق بمعسكر النظام الحاكم ودعم وزير الدفاع والجنرال السابق محمد ولد الغزواني في ترشحه للانتخابات الرئاسية، فيما اعتبر ضربة من تيار الإخوان المسلمين لوحدة صف المعارضة، التي وقعت اتفاقاً بالوقوف وراء «مرشح موحد»، يكون قادراً على مواجهة مرشح النظام الحاكم.
وكانت الصحافة المحلية قد نقلت عن مصادر إسلامية قولها إنهم تلقوا مؤخراً «رسائل وإشارات» من مرشح النظام الحاكم، تفيد بأنه «لا يرغب في التحالف معهم، أو مساندتهم له في الانتخابات المقبلة»، تماشيا مع موقف السلطات الموريتانية المناهض لتيار الإخوان المسلمين، والذي وصفه الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز بأنه «حركة متطرفة». ومن الراجح، حسب بعض المراقبين، أن ولد الغزواني سيواصل في نفس الموقف، وهو الذي كان يمسك ملف الأمن والإرهاب في موريتانيا خلال السنوات العشر الأخيرة.
ورغم نفي حزب «تواصل» تلقيه أي نوع من «الرسائل أو الإشارات» من طرف ولد الغزواني، وقوله إنه لا ينتظر مثل هذه الرسائل لأنه لا يفكر مطلقاً في دعم هذا المرشح. إلا أن بعض قيادات الحزب كتبت مقالات تتضمن «مدحا» لمرشح السلطة، ووصفته بأنه «فرصة» مناسبة يمكن لموريتانيا أن تحقق فيها الكثير من المكاسب.
وأعلن حزب «تواصل» أنه لن يتقدم بمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مبرراً ذلك بأنه منشغل بإعادة هيكلة داخلية، وأن أهدافه المرحلية هي التركيز على الانتخابات التشريعية والمحلية. لكن قرار الحزب أثار الكثير من الجدل، خاصة أنه سبق أن شارك في اقتراعين رئاسيين (2007 و2009)، ويعد اليوم الحزب المعارض الأكثر تمثيلاً في البرلمان، ولذلك فإن عدم منافسته في الانتخابات الرئاسية كانت محل استفهام واستغراب من طرف الكثير من المراقبين.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن الحزب الإسلامي يخشى مواجهة ولد الغزواني في الانتخابات الرئاسية، لكنه في نفس الوقت يرمي بثقله من أجل منع ترشيح أي شخصية أخرى من المعارضة كـ«مرشح توافقي»، وقد رفض الحزب ترشيح المعارضة لمحمد ولد مولود، رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، مبرراً ذلك بأنه لن «يدعم شخصية تنتمي لحزب شيوعي ويساري»، كما وقف أيضاً في وجه ترشيح الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه اعبيد.
من جهة أخرى، يدفع الإسلاميون بقوة من أجل ترشيح سيدي محمد ولد ببكر، الوزير الأول الأسبق في موريتانيا، خلال حكم الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع (1992 - 1997)، وخلال الفترة الانتقالية (2005 - 2007)، كما شغل الكثير من المناصب الدبلوماسية في سفارات موريتانيا بفرنسا ومصر وجامعة الدول العربية، ولكن ولد ببكر لم يسبق أن كان ناشطاً في المعارضة، كما أنه بعيد جداً من تيار الإخوان المسلمين.
وما تزال المعارضة عاكفة على قرار اختيار «مرشح موحد» في الانتخابات الرئاسية، وهو القرار الذي يسعى لتكريس حالة «توافق» داخل صفوف أحزاب المعارضة. لكنه توافق قد تعصف به الخلافات التي ظهرت بقوة بين قيادات حزب «تواصل»، الذي يوصف بأنه الحزب المعارض الأكبر في البلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».