وثيقة إسرائيلية سرية تقر بخرق حكومة مئير معاهدة جنيف

TT

وثيقة إسرائيلية سرية تقر بخرق حكومة مئير معاهدة جنيف

تم الكشف عن وثيقة سرية قديمة في وزارة الخارجية الإسرائيلية يتضح منها أن حكومة غولدا مئير كانت قد أدركت في حينه أن ممارساتها في القدس الشرقية المحتلة لم تكن قانونية وأنها تتناقض مع معاهدة جنيف الرابعة، التي تعنى بالمناطق المحتلة. وقد أوردت هذا الموقف في رسالة واضحة جرى تعميمها في حينه وتنبيه الدبلوماسيين الإسرائيليين إلى الاستعداد لسماع انتقادات دولية بشأنه والرد عليها بالطرق الملتوية.
والوثيقة المذكورة تعود إلى سنة 1971. وقد كشفها، أمس، معهد «عكفيوت لبحث الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني»، الذي يعنى بكشف الوثائق السرية المتعلقة بالصراع في الأرشيفات الإسرائيلية. ويتضح أنها أعدت في الخارجية، عشية قدوم عضو مجلس رئاسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فيكتور أومبريخت، لإسرائيل بين الرابع والثامن من ديسمبر (كانون الأول) من تلك السنة. وقد تضمنت الوثيقة تبليغا بأن الرجل جاء للتباحث حول خروقات معاهدة جنيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان وسيناء وقطاع غزة). وأن الرد الإسرائيلي يجب أن يكون بالاعتراض على «التدخل الخارجي في شؤون لا مصلحة لنا بالتدخل فيها»، مثل هدم البيوت طرد فلسطينيين واعتقالات إدارية وما إلى ذلك.
وجاء في الوثيقة، أن «الموضوع الواحد والوحيد الذي سنطرحه بمبادرتنا مع المندوب الدولي هو موضوع أسرانا في مصر وسوريا». ففي حينه، كانت مصر تحتجز 11 أسيرا إسرائيليا، وتحتجز سوريا ثلاثة أسرى إسرائيليين والأردن يحتجز أسيرين مدنيين إسرائيليين، أحدهما عربي درزي، بينما تحتجز إسرائيل 72 أسيرا مصريا و43 أسيرا سوريا وأسيرا واحدا أردنيا. وقد عللت الوثيقة معارضة إسرائيل لسريان معاهدة جنيف الرابعة في الأراضي المحتلة عام 1967 بثلاث نقاط، هي: أولا: «ممارساتنا في القدس منذ يونيو (حزيران) العام 1967 تتناقض مع الكلمة المكتوبة في المعاهدة».
وثانيا: «(المعاهدة) تمنح إمكانية تعيين دولة عظمى كحامية (للفلسطينيين) أو بديلة للصليب الأحمر». وثالثا: «(المعاهدة) تسمح بتدخل الدولة العظمى الحامية أو بديل لها في شؤون لا مصلحة لنا بالتدخل فيها».
وزعمت وزارة الخارجية في هذه الوثيقة، أن «موقفنا الأساسي والمعلن بشأن سريان المعاهدة الرابعة والدفاع عن حقوق الإنسان لسكان المناطق (المحتلة)، هو أن لدينا توجها إنسانيا إلى كافة المشاكل في المناطق وهدفنا هو منع أي معاناة للسكان»، واشترطت ذلك بحجة «الأمن»: «كل ذلك في إطار الاحتياجات الأمنية التي تسري أوتوماتيكيا في المعاهدة على المناطق التي ليست واضحة السيادة عليها...».
ووجهت الوثيقة المسؤولين الإسرائيليين الذين سيلتقون أومبريخت إلى الزعم بأن «تصرف إسرائيل في المناطق يتلاءم مع روح المعاهدة ويحافظ على دستور ملائم وتقدمي حيال حقوق الفرد والعموم في المناطق». وادعت إسرائيل في هذه الوثيقة أنها تنفذ سياسات هدم البيوت والطرد والاعتقالات الإدارية واقتلاع سكان من قطاع غزة جرى، ضد فلسطينيين لأنهم قاوموا الاحتلال، وأن مصادرة الأراضي في المناطق المحتلة يأتي «لاحتياجات أمنية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.