استمرار تعزيز نقاط المراقبة في إدلب وشمال حماة

TT

استمرار تعزيز نقاط المراقبة في إدلب وشمال حماة

دفعت تركيا بالمزيد من تعزيزاتها العسكرية إلى نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب تزامنا مع قمة سوتشي الثلاثية التي جمعت بين رؤساء كل من روسيا وتركيا وإيران (الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة)، أمس (الخميس)، لمناقشة تطورات الملف السوري وتشكيل اللجنة الدستورية والوضع المتدهور في إدلب، والتي كشفت عن استمرار التباين في المواقف بين أنقرة وموسكو بشأن إقامة منطقة آمنة في شرق سوريا بموجب اقتراح أميركي إذ أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة العودة في هذا الأمر إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ودخل رتل عسكري تركي جديد إلى الأراضي السورية، يضم ما لا يقل عن 20 آلية إلى نقطة المراقبة التركية في منطقة شير مغار بالريف الشمالي لحماة، المشمول ضمن اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه في آستانة. وكانت شاحنات تركية دخلت قبل أيام تحوي كتلا إسمنتية من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في شمال سوريا، إلى نقاط المراقبة التركية في الريفين الجنوبي لإدلب والشمالي لحماة.
والأسبوع قبل الماضي دخل رتل عسكري تركي آخر إلى نقطة المراقبة الموجودة في قرية الصرمان في ريف معرة النعمان الشرقي، في إطار روتيني لتبديل العناصر الموجودة في النقطة وإمدادهم بالعتاد. وفي 4 فبراير (شباط) الجاري، كانت شاحنة تركية أخرى دخلت محملة بكتل إسمنتية إلى نقطة المراقبة التركية في منطقة الصرمان بريف معرة النعمان جنوب إدلب.
وأنشأت تركيا 12 نقطة مراقبة في إدلب بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد في إدلب التي شهدت تصعيدا للعنف وعودة هيئة تحرير الشام التي تشكل جبهة النصرة (سابقا) غالبية قوامها للسيطرة على غالبية المواقع التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية المرتبطة بتركيا، وأغضبت هذه التطورات موسكو التي طالبت أنقرة بتنفيذ التزاماتها في إدلب بموجب اتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، بشأن إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب للفصل بين قوات النظام والمعارضة.
وأولت موسكو اهتماما خاصا للتطورات في إدلب، وزار وزير دفاعها سيرغي شويغو، أنقرة، الاثنين الماضي قبل انعقاد قمة سوتشي أمس، التي ناقشت ملف إدلب بالتفصيل، وسط تباين في المواقف بشأن عملية عسكرية ترغب روسيا في القيام بها لإنهاء وجود المجموعات المتشددة في إدلب، تعارضها أنقرة التي تخشى وقوع كارثة إنسانية ونشوء موجة نزوح ضخمة جديدة من المدنيين المقيمين في المحافظة.
وقبل بدء قمة سوتشي الثلاثية، أمس، عبر إردوغان، عن ترحيب بلاده بموقف روسيا الذي وصفه بـ«الإيجابي» من اقتراح «المنطقة الآمنة» في سوريا. وفي موسكو، قالت المتحدثة باسم الخارجية، ماريا زاخاروفا، قبل انعقاد القمة، إن أنقرة ستحتاج إلى الضوء الأخضر للأسد لإنشاء أي منطقة آمنة داخل الحدود السورية. وأضافت أن «مسألة وجود وحدة عسكرية تعمل على سلطة دولة ثالثة وعلى أراضي دولة ذات سيادة وخاصة سوريا، يجب أن تقرر مباشرة من دمشق هذا هو موقفنا الأساسي».
وفي هذا السياق، بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع نظيره الروسي سيرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري، في لقاءين منفصلين سبقا القمة، المستجدات الأخيرة في سوريا.
وجاءت القمة الثلاثية في ظل تصعيد موسكو لهجتها بشأن الوضع في إدلب، إذ تحدثت عن عملية عسكرية محتملة في المنطقة. وتحدث بيان رئاسي تركي عن أن «قمة سوتشي» تناولت الجهود المشتركة لمسار آستانة على الصعيدين الميداني والسياسي من أجل إيجاد حل دائم للنزاع في سوريا، وبحث ملف إدلب، حيث تحمل روسيا مسؤولية الأوضاع لهيئة تحرير الشام التي ترفض تركيا محاربتها بحجة الخشية من وقوع كارثة إنسانية وتشكيل اللجنة الدستورية، والانسحاب الأميركي من سوريا وإقامة المنطقة الآمنة. وفي السياق ذاته، حذر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي فولكان بوزكير، من أن عدم تنسيق الولايات المتحدة مع تركيا خلال عملية انسحابها من سوريا قد يولد فراغات جديدة.
وقال بوزكير، وهو أحد القيادات البارزة في حزب العدالة والتركية الحاكم في تركيا، في لقاء مع صحافيين أتراك بمقر السفارة التركية في واشنطن بعد محادثات عديدة أجراها وفد تركي برئاسته في الكونغرس، إن قضية المنطقة الآمنة في سوريا لا تزال غير واضحة حتى الآن، لافتا إلى أن بلاده تنتظر توضيح التفاصيل بهذا الصدد.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.