«همسات الوقت في فقرا»... تحية موسيقية من راوول دي بلازيو إلى لبنان

«أفتخر بتقديمي هذه المعزوفة لآثار فقرا في كفردبيان التي مهما فعلت لها يبقى صغيرا جداً مقابل أهميتها التاريخية. فأنا أصغر من أن أستحق هذا الشّرف». بهذه الكلمات عبّر الموسيقي العالمي الأرجنتيني الأصل راوول دي بلازيو عن سعادته في إهدائه معزوفة «همسات الوقت في فقرا» لبلد الأرز وبالتحديد لآثار قلعة فقرا في كفردبيان.
وفي مؤتمر صحافي عقد في فندق «تير برون» في كفردبيان وبدعوة من رئيس بلديتها بسام سلامة وحضور وزير السياحة أفيديس كيدانيان وممثل عن وزارة الثقافة محمد الداود، أُطلقت هذه المعزوفة التي وقّع توزيعها الموسيقي ميشال فاضل. وعرض في المناسبة كليب شريط مصور يروّج للسياحة في فقرا كفردبيان على إيقاع هذه المقطوعة التي تتضمنه. وتأتي مبادرة دي بلازيو هذه إثر إحيائه حفلة موسيقية في حنايا قلعة فقرا الأثرية في الصيف الفائت. فهي كما ردّد أكثر من مرة انطبعت في ذاكرته بعد أن تأثّر بضخامتها وجمال مشهديتها منذ اللحظة الأولى لوصوله البلدة في أغسطس (آب) الماضي. هذا الأمر دفعه لتأليف هذه المعزوفة التي من شأنها أن توصل هذه الآثار إلى العالمية خصوصاً أنّ راوول دي بلازيو يملك قاعدة جماهيرية كبيرة في مختلف دول العالم.
ويتضمن الكليب مقاطع مصوّرة عن هذا الموقع الأثري الذي يعود تاريخه إلى العصرين الروماني والبيزنطي. وقد التقطت جوّا ومن الداخل لتؤلّف مشهدية ثلاثية الأبعاد من توقيع المخرج داني داغر. وتقع القلعة على سفوح جبل صنين على ارتفاع 1500 متر وهي واحدة من أهم مواقع اليونيسكو التابعة لوادي نهر الكلب. وتشمل أطلالها معبد زيوس وهو (الحرم المقدس للآلهة أترعتا) خُصص لأغريباس الثاني وأخته برنيس. كما يوجد فيها أيضا مذبحان وبرج ذو قاعدة عرضها 16 مترا مربعا، بُني في العام 44 بعد الميلاد. كما يلقي الكليب (مدته 3.30 دقيقة) الضوء على أهم المنتجعات السياحية في البلدة، التي يقصدها السيّاح طيلة فصول السنة للتزلّج خلال الشتاء أو لتمضية العطلات في ربوعها خلال الصيف.
وأشار وزير السياحة أفيديس كيدانيان خلال المؤتمر عن الجهود المبذولة من قبل بلدية كفردبيان في سبيل الترويج للسياحة الدّاخلية، مما يجعلها قدوة لغيرها من البلديات في هذا الإطار. فيما شدّد ممثل وزير الثّقافة ودائما خلال المؤتمر الذي حضره حشد من أهل الصّحافة والإعلام وفعاليات المنطقة، على أهمية احترام المعايير العالمية في المحافظة على الإرث التاريخي لموقع فقرا الأثري.
والمعروف أنّ آثار فقرا هي من المواقع السياحية القليلة في لبنان التي يعتمد فيها الدليل السياحي السمعي بثلاث لغات (عربي وفرنسي وإنجليزي)، بحيث يستطيع زائرها أن يتزود بسماعات إلكترونية توفّر له كل المعلومات التاريخية التي يرغب في معرفتها عن الموقع.
ورغم أنّ النّسخة الأخيرة لهذا العمل (همسات الوقت في فقرا) الفني، لم توضع اللمسات الأخيرة له بعد، لكون تسجيله ينفّذ في مدينة كييف، إلّا أنّ بلدية كفردبيان اكتفت بالنّسخة الموسيقية المنقحة من قبل راوول دي بلازيو على البيانو لإطلاقها في هذا الوقت، بسبب وجوده حالياً في لبنان إثر إحيائه حفلين موسيقيين على خشبة مسرح كازينو لبنان الأسبوع الفائت.
ويروي دي بلازيو أنّ فكرة تأليفه موسيقى خاصة يهديها إلى لبنان راودته منذ زيارته الأولى له. فهو يعشق هذا البلد ويصف أهله بأنّهم يتذوّقون الفنون على أنواعها وبشكل راقٍ. وعندما زار قلعة فقرا في كفردبيان الصّيف الفائت وانبهر بجماليتها قرّر أن يقدّم لها هذا اللحن خصوصاً بعدما اكتشف أنّ له أصدقاء فيها منذ أيام الطفولة. فكارلوس العضم أحد سكان البلدة هو من مواليد الأرجنتين وكان والده هناك يملك منزلا استأجره منه أهل راوول دي بلازيو عندما كان هذا الأخير لا يزال في الخامسة من عمره. وعندما صادف والتقى راوول بكارلوس في لبنان تأثر بالمفاجأة وقال له ممازحا: «أنا هو ابن الجيران الذي كان يزعجكم في عزفه البدائي على آلة البيانو».