المالكي يصعّد.. وسنة العراق: صححوا أخطاء الماضي

خبير قانوني وحليف سابق لـ {الشرق الأوسط} : زمن الضغط على القضاء ولى.. والتصعيد سيرتد عليه

رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي يشارك أمس في مراسم تشييع جثمان قائد مروحية سقطت فوق جبل سنجار مساء أول من أمس أثناء إغاثة الإيزيديين العالقين هناك (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي يشارك أمس في مراسم تشييع جثمان قائد مروحية سقطت فوق جبل سنجار مساء أول من أمس أثناء إغاثة الإيزيديين العالقين هناك (أ.ب)
TT

المالكي يصعّد.. وسنة العراق: صححوا أخطاء الماضي

رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي يشارك أمس في مراسم تشييع جثمان قائد مروحية سقطت فوق جبل سنجار مساء أول من أمس أثناء إغاثة الإيزيديين العالقين هناك (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي يشارك أمس في مراسم تشييع جثمان قائد مروحية سقطت فوق جبل سنجار مساء أول من أمس أثناء إغاثة الإيزيديين العالقين هناك (أ.ب)

رهن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي أمس، تسليمه السلطة إلى الحكومة الجديدة التي كلف بتشكيلها القيادي في حزب الدعوة حيدر العبادي، بقرار من المحكمة الاتحادية بشأن الطعن الذي تقدم به ضد ما سماه «الخرق الدستوري» الذي ارتكبه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بتكليف العبادي بدلا منه بصفته رئيس ائتلاف دولة القانون الذي يصر على أنه الكتلة الأكبر.
وفي وقت أكد فيه خبير قانوني أن المحكمة الاتحادية لم تصدر سوى قرارها اليتيم بشأن الكتلة الأكبر عام 2010، فإن سياسيا عراقيا مطلعا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «رؤية المالكي التي باتت مخالفة تماما لتوجهات المرجعية الشيعية العليا سترتد عليه سواء رفض تسليم السلطة من خلال الإيحاء بدعم المؤسسة الأمنية له بانتظار قرار المحكمة الاتحادية بصرف النظر عن محتوى هذا القرار، أو حتى لو سلم السلطة، ففي الحالتين سيخسر الكثير من قاعدته السياسية».
وكان المالكي وفي إطار كلمته الأسبوعية أمس كرر موقفه الرافض لتكليف العبادي، عادّا أن الخرق الدستوري الذي ارتكبه الرئيس معصوم هو الذي سيسقط العملية السياسية. وقال المالكي إن «الحكومة الحالية مستمرة ولن تتغير، إلا بعد قرار المحكمة الاتحادية». وعد المالكي «التمسك» بالسلطة «دفاعا عن الناخبين وحماية للدولة». وفيما أشار إلى أن «عملية تكليف حيدر العبادي خرق لا قيمة له أو أثر ولا يمكن أن يذهب إلى تشكيل الحكومة»، فإنه حمّل «المهنئين باختيار العبادي المسؤولية عن خرق الدستور».
وفي إشارة إلى المظاهرات المؤيدة له من أنصار حزب الدعوة، أشاد المالكي بما سماه «الرفض الشعبي الواسع والتأكيد على أن خرق الدستور هو من أخطر المعارك التي تواجهنا».
وفي إطار السيناريو الأول المحتمل بشأن قرار المحكمة الاتحادية الذي يتوجب أن يكون ملزما للمالكي أو لخصومه، يرى المستشار القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المحكمة الاتحادية فسرت المادة 67 من الدستور بشأن الكتلة الأكبر وذلك في قرارها الصادر يوم 25/ 3/ 2010 الذي ينص على أن الكتلة الأكبر هي إما الكتلة التي تدخل الانتخابات في قائمة باسم ورقم معينين، أو هي أي كتلتين أو أكثر تتكتل بعد الانتخابات وتشكل كتلة؛ أيهما أكثر عددا». وبشأن إصرار ائتلاف دولة القانون على أن هناك قرارا للمحكمة الاتحادية ينص على أنه هو الكتلة الأكبر، قال العبادي إن «المحكمة الاتحادية لا تحدد كتلة بعينها هي الأكبر أو الأصغر بل تعطي توصيفا لمفهوم الكتلة الأكبر، وبالتالي الأمر لا يمكن أن يخرج عن هذا السياق لدى إصدار المحكمة قرارا جديدا».
من جهته، أكد سياسي عراقي مطلع كان حليفا لمالكي خلال السنوات الأخيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن «السيناريو الأكثر احتمالا هو أن المالكي سيذعن لقرار المحكمة الاتحادية فيما لو صدر ضده»، مبينا أن «زمن الضغط على المحكمة الاتحادية ولى، يضاف إلى ذلك أن المحكمة الاتحادية وعبر المتحدث الرسمي باسمها في غضون الشهرين الماضيين اللذين شهدا أزمة تشكيل الرئاسات الثلاث لم تذعن لإرادة أحد وأعلنت موقفها الصريح بشأن الكتلة الأكبر الصادر عام 2010 والذي كان لصالح المالكي ضد إياد علاوي الذي كان حاله آنذاك يشبه حال المالكي اليوم». وتابع العبادي: «هناك حقيقة لا يمكن تجاوزها وهي أن ائتلاف دولة القانون جزء من التحالف الوطني وليس بمقدور أحد، بما في ذلك المحكمة الاتحادية، الحكم بغير ذلك». وحول رؤيته لمدى تعنت المالكي أو استعداده للتصعيد، قال السياسي إن «التعنت والتصعيد سيصب في صالح حيدر العبادي والكتل السياسية، وبالتالي، فإن المالكي سيسرع في تشكيل الحكومة من دون أن يدري».
وفي الوقت الذي يسود فيه الهدوء الحذر الشارع العراقي باستثناء المظاهرات المؤيدة للمالكي في ساحة الفردوس، فإن المالكي، وطبقا لما يراه المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد، يريد أن يمارس مزيدا من الضغوط على المحكمة الاتحادية متوقعا صدور قرار لصالحه من خلال تركيزه على ما يعدّه خرقا دستوريا.
وفي هذا السياق، فإنه في حال صدر القرار ضده، فإن كل المؤشرات تفيد أنه لم يعد بوسع المالكي الاعتماد على المؤسسة العسكرية التي هي في غالبيتها توالي المرجعية الشيعية التي وقفت ضد المالكي، وبالتالي، فإنه سيخسر حياته السياسية، وذلك طبقا لرؤية مواطنين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» في أطراف ساحة الفردوس. فالمواطن كامل راضي أكد أنه خرج «مؤيدا للشرعية الدستورية وليس مع أحد أو ضد أحد»، مبينا أنه «في حال كانت الشرعية مع المالكي، فأنا معه، وفي حال كانت مع العبادي فأنا معه»، داعيا في الوقت نفسه إلى «منح العبادي فرصة من قبل المالكي نفسه، لأن الناس والسيستاني طالبوا بالتغيير». أما مؤيد سلمان (سائق أجرة) فقد أكد، من جانبه، أن «تعنت المالكي يذكرنا بتعنت صدام الذي جلب على نفسه وعلى الشعب الدمار ولم يستفد شيئا من ذلك العناد»، متمنيا على «المالكي الاستفادة من درس صدام البليغ».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.