البشير يعلن 2019 عاماً للسلام... والمعارضة تتمسك برحيله

البشيير يتحدث  أمام «الدفاع الشعبي» شبه النظامية في الخرطوم (أ.ف.ب)
البشيير يتحدث أمام «الدفاع الشعبي» شبه النظامية في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

البشير يعلن 2019 عاماً للسلام... والمعارضة تتمسك برحيله

البشيير يتحدث  أمام «الدفاع الشعبي» شبه النظامية في الخرطوم (أ.ف.ب)
البشيير يتحدث أمام «الدفاع الشعبي» شبه النظامية في الخرطوم (أ.ف.ب)

دعت «قوى الحرية والتغيير» السودانية نظام الرئيس عمر البشير، إلى التنحي فوراً، فيما قطع «التجمع المهني والسياسي» المكون لها، باستمرار «الحراك الشعبي»، دون توقف، لتحقيق «أهداف الثورة، وإسقاط نظام الحكم وتصفية مؤسساته». لكن الرئيس عمر البشير الذي يرفض الاستجابة لمطالب المحتجين والتنحي إلاّ عبر الانتخابات، قال إن العام الحالي سيكون للسلام وتثبيته في مناطق القتال، وطلب من قوات «الدفاع الشعبي» شبه النظامية الذهاب لمناطق الحرب لصناعة السلام.
وفي أول ظهور له، منذ بدء الاحتجاجات في السودان، قال محمد فاروق، ويمثل أحد تنظيمات الموقعة على إعلان «الحرية والتغيير»، في بيان تلاه على الصحافيين، أمس، إن قوى الحرية والتغيير توحدت على أهداف محددة تضمن وتؤمن الطريق نحو «الخلاص من نظام الإنقاذ»، باعتبارها السلاح الأمضى بمواجهته. ومنذ اندلاع المظاهرات في السودان المستمرة زهاء شهرين، قام تجمع المهنيين السودانيين، بتنظيمها ونقلها من التلقائية إلى التخطيط، ثم لحقت به قوى المعارضة السياسية الشهر الماضي، وتوافقوا على تأسيس «تحالف قوى الحرية والتغيير»، ويضم «تجمع المهنيين»، و«تحالف قوى الإجماع الوطني»، و«تحالف نداء السودان»، و«التجمع الاتحادي»، وتنظيمات مدنية وسياسية أخرى، على أن تعمل معاً من أجل إسقاط نظام الرئيس عمر البشير، وتكوين حكومة قومية انتقالية. وأوضح فاروق أن القوى السياسية والمهنية التي وقّعت «إعلان الحرية والتغيير» تعتبره مرجعاً رئيساً، بجانب الاتفاقات السابقة بين القوى السياسية والمدنية، وتابع: «يقع ميثاق هيكلة الدولة السودانية الموقع من قبل المعارضة في أبريل (نيسان) 2016، على رأس اتفاقيات ومرجعيات ترتيبات الفترة الانتقالية»، وأضاف: «الوحدة التي جمعت السودانيين كافة هي سلاحهم الأمضى من أجل التغيير والحرية». ودعا فاروق القوى السياسية والمدنية والمهنية كافة، من الراغبين في التغيير لتوقيع الإعلان لتوسيع قاعدة التوافق، والعمل الفاعل من أجل التغيير وتحقيق أهداف الثورة السودانية، وقال: «نرحّب بالجهود والمبادرات التي تطالب بإسقاط النظام، والشارع يسع الجميع، لقد تواثقنا على إعلان الحرية وميثاق هيكلة الدولة السودانية وعلى السياسات البديلة».
ونفى فاروق أي نيات من قبل التحالف لما سماه «احتكار العمل النضالي»، بقوله: «نرحب بكل الجهود والمبادرات الوطنية الخالصة، التي تعمل من أجل إسقاط النظام، ووضع البلاد على مسار انتقالي يصفي دولة الفساد والاستبداد، ويؤسس لانتقال ديمقراطي شامل وحقيقي». وشدد على «تنحي الرئيس البشير وحكومته على الفور»، لحقن دماء السودانيين والسودانيات، وناشد القوات النظامية التوقف عما أطلق عليه «حماية نظام فقد مشروعيته، وبانت عزلته»، والانحياز للجماهير، والتوقف عن «الولوغ في دمائهم».
وقال المتحدث باسم «تجمع المهنيين السودانيين» محمد يوسف أحمد المصطفى، إن قوى الحرية والتغيير، يعمل على تفعيل وتنشيط ثلاث جهات فاعلة في الحراك الشعبي، وتتمثل في إشراك مدن البلاد خارج العاصمة في رسم مستقبل البلاد، وأضاف: «هذه الثورة رغم كونها ثورة شباب ونساء، لكنها بدأت في كل المدن، والخرطوم لم تعد صاحبة الحل والعقد، لذلك نعمل على هيكلة مشاركتهم»، إضافة إلى القوى المطلبية التي فجرت مطالبها الانتفاضة ودفعت كثيراً من التضحيات من أجلها، وقال: «يضم قلب الثورة النازحين في دارفور، والقوى المتضررة من إنشاء السدود، والمفصولين عن العمل تعسفياً، مزارعي الجزيرة والمناقل وغيرهم»، وتابع بأن «المفصولين تعسفياً، سيُعادون للخدمة المدنية والعسكرية دون شروط»، كما طالب المصطفى بإدماج «قوى الهامش» في عملية التغيير. وقطع المصطفى بمناقشة جميع الأفكار المطروحة للتغيير، بيد أنه في الوقت ذاته، شدّد على المحاسبة ورد الحقوق، وقال: «من لديهم أفكار مختلفة للتغيير لا مانع لدينا وسنناقشها، لأن الحرية الجميع، لكن المحاسبة للجميع»، وذلك في إشارة لمجموعات انسلخت عن النظام والتحقت بمواكب الثورة، وقال: «لا بد من محاسبة مرتكبي الجرائم، ولن نسمح بأي تسوية نيابة عن الضحايا». وأوضح أن هتاف «تسقط بس» لن يتوقف قبل أن يسقط النظام، وتابع: «لا مجال للمساومة ولا للتراجع ولا لأي حلول وسطى لا تلبي الشعارات التي رفعها الشهداء».
من جهته، قال المتحدث باسم قوى الإجماع الوطني محمد مختار الخطيب، إن الأوان حان ليحصد الشعب ثمرة كفاحه وتضحياته، وتابع: «لن نتراجع عن الانتفاضة، وسنسقط هذا النظام، وسنعمل على استكمال الثورة الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية». وتوعد الخطيب الذي يشغل في الوقت ذاته منصب السكرتير السياسي للحزب الشيوعي، بمحاربة الفساد وتكوين حكومة انتقالية لأربع سنوات، وأضاف: «حكومة مراقبة من الشعب»، وأضاف: «توافقنا على رفع مذكرة للنظام للمطالبة بتنحيه، بالتزامن مع مظاهرات ومواكب في كل السودان والمهجر تفتح الطريق للإضراب السياسي والعصيان المدني، وتشل قدرات النظام».
وأكدت المتحدثة باسم تحالف نداء السودان سارة نقد الله على مطالب الشعب في الحرية والتغيير والعيش الكريم، وتعهدت بالمشاركة في «الحراك الثوري إلى أن يتم تتويجه بخلاص الوطن». وقطعت السيدة التي تشغل في الوقت ذاته منصب الأمين العام لحزب الأمة القومي، أكبر أحزاب المعارضة السودانية، بتوحد قوى المعارضة، وقالت: «قوى المعارضة متحدة وموحدة خلف مطالب الشعب، وتعمل بكل انسجام لإزالة النظام، بمواصلة المظاهرات والاعتصامات، والقادة في مقدمتهم»، وتابعت: «ثورة شعبنا سلمية وقومية، ورأس رمحها الشباب الثائر، وسودانية مية المية، ولا تدخل فيها، تحدينا أن نعزز المكاسب ونسد الثغرات التي يدخل منها النظام لإجهاض الثورة».
وقال المتحدث باسم «التجمع الاتحادي المعارض» ميرغني بن عوف، إن الانتفاضة السودانية ليست بسبب الجوع أو المرض، وتابع: «لسنا ضد هذه الحكومة لأنها جوعتنا ومرضتنا، مستعدين لتحمل الجوع والمرض، وأزمتنا أزمة استعلاء واستبداد الحاكم، نحن نقبل الجوع لكنا لن نرضى الإذلال».
وأثناء ذلك تعهَّد الرئيس البشير بدعم السلام في مناطق النزاعات بالبلاد، وقال في كلمة لـ«قوات الدفاع الشعبي» شبه النظامية، إن العام الحالي هو عام السلام وإسكات أصوات البنادق نهائياً.
ولتأكيد تعهده بصناعة السلام طلب من القوات التي استخدمت في الحرب ضد قوات التمرد على نطاق واسع، الذهاب لمناطق الحرب، ليس من أجل القتال، بل من أجل بناء المدارس والمشافي وإقناع الطرف الآخر بالسلام. ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي مظاهرات شبه يومية دون توقف، شارك فيها مواطنون من معظم المدن الرئيسية تطالب بتنحي الرئيس البشير وحكومته، في أكبر تحدٍّ واجهه حكمه المستمر منذ نحو ثلاثة عقود، هاتفة: «تسقط بس، حرية سلام وعدالة، الثورة خيار الشعب». وبحسب حصيلة رسمية قُتِل في هذه الاحتجاجات والمظاهرات أكثر من 30 شخصاً، فيما تقول منظمات حقوقية دولية وأحزاب معارضة أن العدد تجاوز 51 قتيلاً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».