انفصاليون يسقطون مشروع الموازنة وربما حكومة الاشتراكي سانتشيز

الأحزاب الإسبانية تريد الانتخابات بقدر ما تخشاها

مؤيدون لاستقلال إقليم كاتالونيا يتظاهرون في مدريد ضد محاكمة قادة الانفصال التي بدأت الثلاثاء (إ.ب.أ)
مؤيدون لاستقلال إقليم كاتالونيا يتظاهرون في مدريد ضد محاكمة قادة الانفصال التي بدأت الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

انفصاليون يسقطون مشروع الموازنة وربما حكومة الاشتراكي سانتشيز

مؤيدون لاستقلال إقليم كاتالونيا يتظاهرون في مدريد ضد محاكمة قادة الانفصال التي بدأت الثلاثاء (إ.ب.أ)
مؤيدون لاستقلال إقليم كاتالونيا يتظاهرون في مدريد ضد محاكمة قادة الانفصال التي بدأت الثلاثاء (إ.ب.أ)

لم ينتظر رئيس الحكومة الإسبانية الاشتراكي بيدرو سانتشيز اليوم الثاني والأخير من مناقشة البرلمان لمشروع الموازنة العامة ليتأكّد من أن طوق المعارضة التي اجتمعت عليه أضدادها اليمينية والقومية قد بلغ من الضيق ما لم يعد يترك له هامشاً كافياً للمناورة ويدفعه إلى الإقدام على حل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات مسبقة.
تبدو الدعوة إلى انتخابات مبكرة في إسبانيا محتَمَلة بعد رفض نواب اليمين والانفصاليين الكاتالونيين موازنة رئيس الحكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز. وأفاد مصدر حكومي بأن قرار سانشيز بشأن احتمال الدعوة إلى انتخابات مبكرة سيُعلن بعد جلسة مجلس الوزراء، غداً الجمعة.
وصوّت غالبية النواب (191 نائباً من أصل 350) لصالح تعديلات من شأنها عرقلة الموازنة، قدّمها خصوصاً الحزب الشعبي (يمين) وحزب المواطنة (سيودادانوس) الليبرالي، والحزبان الاستقلاليان الكاتالونيان، الأمر الذي من شأنه إسقاط النصّ حتى قبل التصويت عليه.
انتخابات تطالب بها كل الأحزاب بقدر ما تخشاها، بعد المفاجآت التي حملتها التجارب الثلاث الأخيرة وأغرقت البلاد في حال من الاهتزاز الدائم بعد أن كانت لسنوات الأكثر استقراراً في المحيط الأوروبي.
سانشيز وصل إلى السلطة بفضل دعم الاستقلاليين الكاتالونيين في يونيو (حزيران) 2018. وهو يحتاج إلى أصواتهم لتمرير ميزانيته والبقاء في السلطة حتى 2020. وقد حاول استئناف الحوار الذي قطع في ظل حكومة ماريانو راخوي من أجل حل الأزمة. لكن محاوريه أصروا على مطلبهم بإجراء استفتاء حول حق تقرير المصير وهو ما ترفضه مدريد بشكل قاطع وسرعان ما أصبح الحوار بين الطرفين معقداً.
كانت الحكومة تعوّل على تغيير في موقف الكتلة الانفصالية الكاتالونية في الشوط الأخير من النقاش، سيّما بعد أن سردت وزيرة المال ماريّا خيسوس مونتيرو حزمة المشاريع والاستثمارات المخصصة لإقليم كاتالونيا في الموازنة، لكن الانفصاليين أصرّوا على مطلب الاستفتاء والاعتراف بحق تقرير المصير كشرط لتأييد مشروع الموازنة، فيما كانت القاعة الرئيسية في المحكمة العليا على بعد خطوات من البرلمان تشهد بداية المحاكمة «التاريخية» لقادة الحركة الانفصالية الكاتالونية التي وضعت إسبانيا أمام أخطر أزمة سياسية في تاريخها الحديث.
فشلت كل المحاولات والمساعي الماراثونية لإقناع الانفصاليين بتعديل موقفهم لإنقاذ مشروع الموازنة وعدم الذهاب إلى انتخابات مسبقة يعرف الجميع أنها لن تغّير شيئاً في المشهد السياسي الإسباني، وانكسرت الأغلبية البرلمانية التي أسقطت حكومة ماريانو راخوي العام الماضي وجاءت بحكومة سانتشيز الذي لا يسيطر حزبه سوى على 24 في المائة من مقاعد البرلمان. وكانت وزيرة المال قد كررت في مداخلاتها للدفاع عن مشروع الموازنة، أن الحكومة لا يمكن أن تقبل بإجراء استفتاء حول الاستقلال في كاتالونيا، سيّما وأن إصرار الانفصاليين على إجرائه في خريف عام 2017 كان الصاعق الذي فجرّ الأزمة التي ما زالت تداعياتها تلقي بظلال كثيفة على الوضع السياسي والاجتماعي في كاتالونيا وإسبانيا. يضاف إلى ذلك أن إقدام الحكومة على الاعتراف بحق تقرير المصير للكاتالونيين هو ضرب من الانتحار السياسي الأكيد في مثل الظروف الراهنة. حتى اللحظات الأخيرة من النقاش البرلماني كرّر الانفصاليون مطلبهم الأساسي: الموافقة على مشروع الموازنة مشروطة بعودة الحكومة إلى طاولة المفاوضات حول الاستفتاء والحق في تقرير المصير، بينما كانت الحكومة تردد موقفها النهائي: لا نريد، ولا يمكننا، إدراج حق تقرير المصير على جدول أعمال المفاوضات حول مستقبل كاتالونيا. في غضون ذلك كان محامو الدفاع عن قادة الحركة الانفصالية، الذين يمثلون أمام قضاة المحكمة العليا في أولى جلسات محاكمتهم بتهم التمرّد والعصيان واختلاس الأموال العامة، يوجّهون انتقادات شديدة للمنظومة القضائية الإسبانية ويتهمونها بتجاوز الأعراف والقواعد الأساسية وانتهاك حريّات المعتقلين، بينما كان رئيس الحكومة الإقليمية في كاتالونيا خواكيم تورّا يصعّد في خطابه ضد الحكومة مما ينذر بمرحلة عالية التوتّر في المشهد السياسي الإسباني.
بعد نهاية النقاش البرلماني توجّه سانتشيز مباشرة إلى خلوة مع حلقته الضيّقة للبحث في المخارج الممكنة من الأزمة إثر انفراط عقد الغالبية البرلمانية التي جاءت به إلى رئاسة الحكومة، ورجّحت مصادر أنه يميل إلى إجراء الانتخابات أواخر أبريل (نيسان) المقبل، مما يعني أنه سيقرر حلّ البرلمان اعتباراً من مطلع الشهر المقبل. وكانت بعض الأوساط القريبة من رئاسة الحكومة قد أشارت مؤخراً إلى احتمال إجراء الانتخابات المسبقة، في حال سقوط مشروع الموازنة في البرلمان، بالتزامن مع الانتخابات الأوروبية والانتخابات المحليّة في 26 مايو (أيار) المقبل، أو الانتظار حتى الخريف ريثما تكون قد اتضحت موازين القوى في الداخل كما في الخارج.
لكن ثمّة من يعتقد، في محيط رئيس الحكومة الذي لم تصدر عنه بعد أي إشارة بشأن موعد الانتخابات المسبقة، أن سانتشيز ليس ملزماً، وفقاً لأحكام الدستور، بحل البرلمان والدعوة للانتخابات بسبب سقوط مشروع الموازنة، وليس من المستبعد أن يستنفد ولايته حتى نهايتها في ربيع العام المقبل، مما يتيح إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بعيداً عن تاريخ صدور الأحكام القضائية في قضيّة القيادات الانفصالية. ويستند أصحاب هذا الرأي إلى أن محاكمة الانفصاليين، والنتائج التي ستسفر عنها هذه المحاكمة، هي التي ستحدد بنسبة كبيرة مسرى التطورات السياسية في البلاد خلال الفترة المقبلة، بحيث يُستَحسن التريّث حتى انقشاع الرؤيا قبل الإقدام على أي قرار نهائي بشأن الانتخابات. ومن الأسباب الأخرى التي تنصح بالتمهّل، في رأي بعض المقرّبين من سانتشيز، أن الإعلان عن إجراء انتخابات مسبقة مبكرة سيدفع بالانفصاليين الكاتالونيين إلى حملة انتخابية شرسة تتزامن مع محاكمة القيادات المعتقلة التي سيستمدّون منها وقوداً ثميناً في التجمعات والتحركات الانتخابية.
وكان لافتاً أن التحذير الأخير من إجراء انتخابات عامة مسبقة جاء من رئيسة بلدية برشلونة آدا كولاو التي قالت: «خطأ تاريخي رفض مشروع موازنة اجتماعية، لأنه يلحق الضرر بالمواطنين في كاتالونيا كما في إسبانيا، ويفتح الباب على انتخابات قد يكتب الفوز فيه لليمين، أو اليمين المتطرف».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.