ليبرمان يتهم نتنياهو بـ«استدعاء حرب» مع إيران عبر سوريا

TT

ليبرمان يتهم نتنياهو بـ«استدعاء حرب» مع إيران عبر سوريا

خرج وزير الأمن الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، بتصريحات هجومية شديدة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ بسبب خرقه السياسة الضبابية، واعترافه بالمسؤولية عن القصف الأخير الذي جرى لمواقع إيرانية في سوريا. وقال ليبرمان: إن نتنياهو يقامر بالحرب. فمن أجل مصالحه الانتخابية يثرثر ويلعب بالأمن.
وكان نتنياهو قد أعلن متباهياً، أن قواته هي التي أطلقت النار في الجولان ونفذت القصف من الدبابات على القنيطرة السورية، باتجاه موقع تابع لـ«حزب الله» اللبناني في المدينة. وقد نسبت لوسائل الإعلام الإسرائيلية تصريحات عدة تذمر فيها كبار الجنرالات من هذا الإعلان، مؤكدين أن نتنياهو لم ينسق معهم للخروج بهذا التبني للعملية.
وجاءت تصريحات نتنياهو، وهو في طريقه إلى مؤتمر وارسو، الذي افتتح أعماله أمس (الأربعاء)، في العاصمة البولندية. فاستغل سؤال صحافي حول هذا المؤتمر، وماذا سيُعتبر نجاحاً بالنسبة إليه، فأجاب قائلاً: «الإجراءات التي نتخذها من أجل كبح إيران. إننا نقوم بكبح إيران. نحن نعمل يومياً، بما في ذلك خلال يوم أمس، ضد إيران وبصورة مستمرة. نعمل ضد إيران وضد محاولتها التموضع في المنطقة. كما دعوني أقول لكم بصورة لا تقبل التأويل إن تأثير الضغط الاقتصادي مبيّن من خلال المحاولات الإيرانية ضدنا كوننا نشاهد مفعول تلك الأزمة الاقتصادية هناك. ونلاحظ تقليص الميزانيات، والتخفيف من قوام القوات، وسحب القوات؛ إذ نشاهد ذلك في الساحات كافة حول العالم، دون استثناء. إننا نشاهد حدوث ذلك في سوريا، وفي لبنان ونشاهد ذلك في غزة أيضاً، ومن خلال أنظمة الأسلحة بمعنى أنظمة الأسلحة البالغة الأهمية التي يستعصي على الطرف الإيراني إنجازها، وذلك من ضمن سائر الأشياء بسبب المشكلات مع الميزانية، وفي المقام الأول بسبب المقاومة الفاعلة العسكرية الإسرائيلية».
وسئل نتنياهو: هل الدول في أوروبا الغربية والاتحاد الأوروبي تغمض عيونها عما تقوم به إيران؟ فأجاب جازماً: «تغمض عيونها؟ تضع الغطاء عليها بشدة. فهل لديك من وصف أفضل لذلك؟ إنها ببساطة تتجاهل حقيقة مفادها أن إيران ترعى المجموعات الإرهابية داخل أراضي تلك الدول، وفي الآن ذاته تغازل الدول الأوروبية. إيران تحاول الالتفاف على العقوبات الأميركية بشتى الطرق. إنه أمر سخيف بامتياز.
كما نكشف، ولا أخفي ذلك، إن إسرائيل تكشف، بمقتضى السياسة التي نتبعها، عن شبكة الإرهاب الإيرانية النشطة في أوروبا والعالم برمته، لكن أولاً في أوروبا، حيث ننقل هذه المعلومات للهيئات الاستخباراتية الأوروبية، وتمكننا من إحباط بعض تلك الحالات. إن تلك الحكومات على دراية جيدة بكون إيران عبارة عن دولة إرهابية تتصرف بمنتهى الوحشية؛ مما يشكل نوعاً من الاستهزاء الإيراني السافر بالحكومات الأوروبية، الذي يشبه «بغض النظر عما نفعل بكم، أنتم ستأتون إلينا لتستجدونا». هذا الأمر لا بد من أن يتغير، وآمل أن يشكل هذا المؤتمر بداية التغيير.
وقد اعتبر ليبرمان تصريحات نتنياهو «ثرثرة زائدة وخطيرة». وقال: «اتصلت على عدد من كبار الجنرالات في جيش الاحتياط، وتبين لي بشكل مؤكد أن قيادة الجيش والمخابرات ليست مرتاحة من تصرف نتنياهو. اعترافه بقصف إسرائيل مواقع «حزب الله» في سوريا يوم الاثنين الماضي، يأتي خلافاً لموقف المؤسسة الأمنية؛ إذ امتنع كبار المسؤولين في المؤسسات الأمنية الإشارة أو التطرق للهجوم الذي وقع في مرتفعات الجولان السورية بمنطقة القنيطرة. إن القرار بعدم التطرق للأخبار والتقارير حيال الهجوم بسوريا، ينبع من الرغبة في تجديد سياسة الغموض التي اعتمدتها إسرائيل في السنوات الأخيرة. لكن نتنياهو أقدم على تصرفه الفردي هذا لأهداف ذاتية وانتخابية، ومن غير المستبعد أن نرى الإيرانيين يردون علينا من سوريا أو لبنان ويطلقوا صواريخهم السامة لتدمير مدن إسرائيلية».
إلى ذلك، ذكرت مصادر مقربة من نتنياهو، أن التغيير في سياسة الغموض بدأه رئيس أركان الجيش الأسبق، غادي آيزنكوت، في مقابلة مع وسائل الإعلام الأجنبية، التي ادعى فيها، أن إسرائيل هاجمت سوريا مرات عدة لمنع إيران من التموضع العسكري بسوريا، وبغية المساس بالترسانة والصواريخ الدقيقة التي بحوزة «حزب الله».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.