روسيا تدعم سوريا في «استعادة كل أراضيها» عشية قمة سوتشي

أنقرة تؤكد استمرار «تبادل المعتقلين» بين دمشق والمعارضة

TT

روسيا تدعم سوريا في «استعادة كل أراضيها» عشية قمة سوتشي

صعّدت موسكو لهجتها حول إدلب، قبل يوم من القمة الروسية - التركية - الإيرانية في سوتشي، اليوم، لمحاولة وضع آليات مشتركة للتحرك في سوريا.
واستبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المناقشات بتأكيد، أن اتفاق موسكو وأنقرة حول إدلب «مؤقت»، وأنه «لا يمكن الحوار مع الإرهابيين». وشدد على دعم بلاده الحكومة السورية لـ«تحرير كل الأراضي». وعكس التطور فشل الطرفين في التوصل إلى تفاهمات حول الملف رغم اتصالات مكثفة جرت في الأيام الماضية، وهدفت إلى تقريب وجهات النظر قبل حلول موعد القمة.
وقال لافروف، أمس: إن مسألة إدلب «ستكون إحدى أهم المسائل، التي سيتم بحثها خلال لقاء الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان في سوتشي»، علماً بأن الكرملين كان أعلن في وقت سابق، أن الرئيسين سوف يعقدان جلسة مباحثات قبل القمة الثلاثية مباشرة.
وأوضح الوزير الروسي خلال مؤتمر صحافي مع وزير خارجية ليسوتو، ليسيغو ماكغوثي، أن «جبهة النصرة» باتت تسيطر على 90 في المائة من مساحة إدلب، مشدداً على أنه «لا يمكن الحوار مع الإرهابيين».
وذكر بأن «الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيسي روسيا وتركيا، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بشأن حل الأزمة في إدلب، كان اتفاقاً مؤقتاً. وتم التأكيد مرات عدة في الاجتماعات التي جرت بين مسؤولين من روسيا وتركيا على أنه لا يمكن أن يكون حلاً دائماً، ولا يوجد أي اتفاق بيننا يشير إلى مواصلة المحافظة على هذه الجيوب الإرهابية على الأراضي السورية».
وفي إشارة بدت موجهة إلى أنقرة، قال لافروف، إن بلاده «ستدعم الحكومة والجيش في سوريا لتحرير كل الأراضي السورية»، علماً بأن موسكو كانت تؤكد سابقا التزامها بالاتفاق الروسي - التركي.
وبرز التباين بين مواقف الطرفين خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما كررت موسكو أكثر من مرة ضرورة «قيام تركيا بتنفيذ التزاماتها وفقاً لاتفاق إدلب» في إشارة إلى التعهد التركي بإجلاء المسلحين وسحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة التي حددها الاتفاق منطقةً منزوعة السلاح على طول المساحة التي تفصل إدلب عن خطوط التماس مع القوات النظامية.
ولوّحت موسكو قبل أسبوع بـ«عملية عسكرية منظمة وفعالة لتقويض المحميات الإرهابية في إدلب»، في حين ردت أنقرة بأنه «لا يمكن استخدام استفزازات المتشددين لشن عملية عسكرية» يمكن أن تسفر عن تضرر نحو مليوني مدني.
وأجرى الطرفان اتصالات مكثفة على مستوى الخبراء العسكريين قبل أن يتوجه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى أنقرة قبل أيام في مسعى لتقريب وجهات النظر قبل حلول موعد القمة. وبدا أن زيارته ساهمت في إيجاد توافق، خصوصاً بعد إعلان الطرفين في بيان مشترك عن «إجراءات حاسمة لمواجهة الإرهاب» في إدلب، لكن تصعيد لهجة لافروف أمس، أوحى بأن ثمة نقاطاً خلافية ما زالت مستعصية.
ولم يستبعد لافروف في السياق ذاته، أن تكون «جبهة النصرة» حصلت على دعم من جانب بعض البلدان الغربية. من دون أن يوضح طبيعة الدعم المقصود.
على صعيد متصل، أكد لافروف، أن موسكو ستدعم توجه دمشق للحصول على تنديد مجلس الأمن ضد هجمات التحالف الدولي الأخيرة في دير الزور، التي خلفت ضحايا في صفوف المدنيين.
كما لفت الوزير الروسي إلى أن «بعض البلدان الغربية تعرقل بدء عمل لجنة الإصلاحات الدستورية»، مضيفاً: إن قمة قادة البلدان الضامنة لعملية آستانة سوف يبحثون مسألة تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وأن «هذا الموضوع كان مادة لمشاورات موسعة بين خبرائنا».
وكان الكرملين أعلن أن القمة ستركز على تنسيق عمل مشترك لدعم تسوية سياسية في سوريا.
وأفاد في بيان بأن الزعماء الروسي والإيراني والتركي سيبحثون «الخطوات المشتركة اللاحقة الرامية إلى التطبيع الدائم للوضع في الجمهورية العربية السورية».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن السلطات السورية نفذت عملية لتبادل المحتجزين مع فصائل معارضة في محافظة حلب في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه ضمن مفاوضات آستانة. وأوضحت الوزارة في بيان، أن العملية جرت في قرية دير قاق في محافظة حلب على خط الجبهة بين الطرفين في منطقة أبو زندين جنوبي مدينة الباب، مشيرة إلى أن السلطات السورية أفرجت عن 20 عنصراً من «التشكيلات المسلحة غير الشرعية» مقابل إخلاء فصائل المعارضة سبيل 20 مدنياً.
وأضاف البيان: إن «عملية التبادل تم تنظيمها بمشاركة ممثلين عن وزارات الدفاع الروسية والتركية والإيرانية في إطار أنشطة فريق العمل الخاص بشؤون تحرير المحتجزين والأسرى وتسليم جثث القتلى والبحث عن المفقودين في سوريا، الذي تم إنشاؤه في آستانة في 2017».
من جهتها، أكدت أنقرة أن «مجموعة العمل الخاصة بالإفراج عن المعتقلين والمختطفين وتبادل الجثامين وكشف مصير المفقودين في سوريا» المنبثقة عن «مسار آستانة»، والتي تضم في عضويتها ممثلين عن كل من تركيا وروسيا وإيران والأمم المتحدة، ستواصل أنشطتها في المرحلة المقبلة بعد عملية التبادل التي تمت بين النظام وفصائل من المعارضة موالية لتركيا أول من أمس.
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس، إن «فصائل المعارضة السورية والنظام أفرجا (أول من أمس) بشكل متبادل ومتزامن عن معتقلين لدى الجانبين في منطقة أبو زندين جنوب مدينة الباب الواقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب».
وأضاف البيان أن خطوة تبادل المعتقلين جاءت في إطار المشروع الثاني لمجموعة العمل، مؤكدا أنها ستواصل أنشطتها في الفترة المقبلة.
وأفرج النظام السوري، أول من أمس، عن 20 معتقلا، وأفرجت المعارضة عن عدد مماثل. كما أفرج النظام عن طفلين بناء على طلب من المعارضة.
وتأسست «مجموعة العمل» في نهاية يوليو (تموز) الماضي، وتم إقرارها في الاجتماع العاشر للدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) بمدينة سوتشي الروسية، وجرت أول عملية تبادل للمعتقلين في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأفرج خلالها كل طرف عن 10 معتقلين.
وجاءت عملية التبادل الثانية قبل 48 ساعة من انعقاد قمة بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران اليوم (الخميس) لبحث التطورات في سوريا وعملية التسوية ومسار آستانة والوضع في محافظة إدلب.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».