جبال خلدتها أساطير الحب فتحولت إلى وجهات سياحية

كثيرة هي الأماكن التي يمكن أن نسافر إليها ونقضي فيها أوقاتا ممتعة، لكن يظل لمقر أساطير العشق سحر خاص. في منطقتنا العربية هناك كثير من الجبال التي تحتوي على مخزون من قصص الحب وذكريات الأشواق خلدها الشعراء والفنانون عبر التاريخ. ومع الوقت تحولت هذه الأماكن، رغم وقوعها في مناطق صحراوية، إلى وجهات سياحية يقصدها العشاق من كل مكان.
ولعل جبل توباد بالسعودية والبنات في سيناء وقاسيون في دمشق، من أبرز تلك المواقع. فيها يستشف الزائر تقاطعات ثرية غير تقليدية بين الزمان والمكان، ساهمت الموروثات الثقافية والاجتماعية في إغنائها.
جبل توباد
يشتهر أيضا بجبل «العشاق» وهو من أبرز الوجهات السياحية بالسعودية، حيث كان شاهدا على واحدة من أشهر قصص العشق الإنساني بين قيس ومحبوبته ليلى.
يقع جبل التوباد في بلدة الغيل شمال غربي الأفلاج، وهو جبل متدرج سهل الصعود يميل للارتفاع غرباً، وذو قمة شاهقة تتيح للزائر الاستمتاع برؤية مناظر طبيعية خلابة، وتوجد فيه فتحة صغيرة عبارة عن غار يحمل اسم «قيس وليلى»، ويقال إنه كان مكان لقائهما بعيدا عن العيون.
وإذا ما زرت توباد فسيلفت نظرك بيت شعر محفور بجواره مأخوذ من قصيدة كتبها قيس لها، يقول في مطلعها (وأجهشت للتوباد حين رأيته... وكبر للرحمن حين رآني). وعلى مر العصور أصبح التوباد جاذبا للشعراء وكذلك للعشاق من جميع أنحاء العالم، يخلدون على جدرانه أسماءهم.
تونا الجبل
مثل جبل توباد الذي أصبح يرمز لألم الفراق، فإن تونا الجبل أيضا يرمز للحب الأبدي، على اختلاف المكان والزمان. هنا سيجد السائح نفسه في منطقة جبلية تابعة لمركز ملوي، بمحافظة المنيا بصعيد مصر. اشتق اسمها من الكلمة المصرية القديمة «تاحني» أي البحيرة، إشارة لبحيرة كانت تتكون في المنطقة نتيجة فيضان النيل، ثم أخذت اسم «تونا» في العربية، وأضيفت إليها كلمة الجبل لوقوعها في منطقة جبلية.
من أبرز عوامل الجذب السياحي فيها مقبرة إيزادورا. وهي حسب ما يشرحه المرشد السياحي، أيمن عبد الستار: «فتاة رائعة الجمال عاشت في القرن الثاني قبل الميلاد، وتقول الأسطورة إنها غرقت وهي تعبر نهر النيل للقاء حبيبها. من حينها أصبحت المقبرة واحدة من مراكز الجذب في المنطقة، حيث يعتبر الزائرون إيزادورا رمزا للحب الحقيقي».
ويتابع: «اشتهرت إيزادورا بلقب شهيدة الحب، وعندما يزور السياح المقبرة الشبيهة بالمعبد الصغير يشاهدون المومياء الخاصة بها وهي مستلقية على سرير جنائزي، فهي لا تزال محنطة داخل لفافة بيضاء في مقبرتها منذ ما يقرب من ألفي عام».
ومن يزر المقبرة فسوف يستمتع بتفاصيل حكاية العاشقة الصغيرة. ومثلما يجذب المكان السياح الشغوفين بقصتها، يجذب أيضا المبدعين من مختلف الأزمنة، على رأسهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي كان من أشهر من زاروا مقبرتها، وبنى بجوارها منزلا جعله استراحة للكتابة فيها.
جبل البنات
هو أحد أشهر الجبال في شبه جزيرة سيناء المصرية، يقع في واد يتمتع بمقومات أثرية وسياحية وبيئية غاية في الروعة. يرتاده السياح لما يوفره من أنشطة سفاري ولروعة الطبيعة فيه. يستعيدون فيه أيضا قصة حب ذات نهاية مأساوية، تفيد بأن مجموعة من الفتيات من أهل سيناء تم تزويجهن غصبا عنهن، فهربن لهذا الجبل، وعندما عرفن بقدوم عائلاتهن، قمن بربط ضفائرهن معاً، وقفزن من أعلى الجبل.
ومن أهم الأعمال التي وثقت هذا المكان إبداعات الفنانة التشكيلية اليونانية إيليني باولو، التي مزجت لوحاتها بين الآثار والأشجار والبشر الموجودين بالمكان والطبيعة الخلابة.
جبل كسلا
يقع في السودان، ويبلغ ارتفاعه 851 متراً تقريباً، وهو عبارة عن كتلة ضخمة من الصخور الغرانيتية الملساء، ويمثل النهاية التضاريسية الشرقية للمدينة، بينما يقع جبل مكرام والتاكا في الوسط وخلف المدينة مباشرة وجبال توتيل في الطرف.
ومن الأساطير المرتبطة به ما يخص نبع «توتيل» الموجود عند الجبل ويرتبط بحكاية أصبحت بمرور الوقت رمزا لحب لا ينتهي. وتقول الأسطورة إن من يشرب من ماء النبع ولو رشفة واحدة، فلا بد أن يعود إلى كسلا مرة أخرى، فكذلك تكون العلاقة مع المكان أبدية.
وبناء على ذلك، أصبحت عين توتيل مزاراً يفد إليه العشاق والعرسان في شهر العسل، ويحلمون بالعودة إليه مرة أخرى، لاستعادة الذكريات وهم على يقين من أن ذلك سيحدث حتما، إن شربوا من مياهه.
جبل قاسيون
يعده البعض حارسا تاريخيا لدمشق وللشام كلها، فيما يشبهه البعض الآخر بهضبة الأكروبوليس المطلة على أثينا. بمعالمه المقدسة والأثرية يُعد واحدا من أهم الوجهات السياحية، لا سيما صخرة «اذكريني» العملاقة الموجودة أعلاه، التي حولته لملتقى للعشاق.
تشهد الصخرة على قصّة حبّ ملتهبة وموجعة في آن واحد، لشاب كان يلتقي محبوبته عندها، وكانت الفتاة تبادله الحب، إلا أنّ أهلها أصروا على زواجها بغيره، فما كان منه إلا أن وقف على الصخرة، وكتب عليها رسالة من كلمة واحدة (اذكريني)، وألقى بنفسه من أعلى الجبل. بعد معرفتها بما حدث، ردت الفتاة برسالة تقول: (لن أنساك)، وألقت بنفسها من الصخرة نفسها. ومن حينها بقي هذا المكان ملتقى للعشاق واشتهر باسم «صخرة الحب» حيث يكتب عليها العشاق عبارات الغزل.