رامبرانت وفيرمير في أبوظبي... لقاء العمالقة على سحب الإبداع

95 لوحة تصور أبرز فناني العصر الذهبي الهولندي في القرن الـ17

«صانعة الدانتيل» ليوهانس فيرمير (آر. إم.إن - القصر الكبير متحف اللوفر)
«صانعة الدانتيل» ليوهانس فيرمير (آر. إم.إن - القصر الكبير متحف اللوفر)
TT

رامبرانت وفيرمير في أبوظبي... لقاء العمالقة على سحب الإبداع

«صانعة الدانتيل» ليوهانس فيرمير (آر. إم.إن - القصر الكبير متحف اللوفر)
«صانعة الدانتيل» ليوهانس فيرمير (آر. إم.إن - القصر الكبير متحف اللوفر)

في يوم ربيعي لطيف، ومع زخات مطر هادئة، انطلق معرض جديد في «اللوفر أبوظبي»؛ معرض برع فنانوه في اللعب باللون والضوء والظلال، واختار معظمهم أن يعبروا عن لحظات هادئة وخاصة؛ الإنسان وأفكاره وتأملاته هي موضوعها الأثير، وأدواتها شعرات فرشات الرسم وأشعة الضوء وتنويعاتها. اختار «اللوفر أبوظبي» أن يكون أول معارضه العالمية لهذا العام عن العصر الذهبي للفن الهولندي وعمالقته من رامبرانت إلى فيرمير.
المعرض تحت عنوان «رامبرانت وفيرمير والعصر الذهبي الهولندي: روائع فنية من مجموعتي لايدن ومتحف اللوفر»، الذي يقام من 14 فبراير (شباط) الحالي ويستمر حتى 18 مايو (أيار) المقبل، ويضم أعمالاً من مجموعة متحف اللوفر وأيضاً من «مجموعة لايدن» بنيويورك، ويُعتبر هذا المعرض الأكبر لفناني العصر الذهبي الهولندي من القرن السابع عشر الذي يُنظم في الخليج العربي حتى يومنا هذا. الجدير بالذكر أن هذا العام يوافق الذكرى 350 لوفاة رامبرانت ويشهد احتفالات بالمبدع الهولندي في كل مكان وفي بلده هولندا، حيث يقيم «متحف رايكس» بأمستردام معرضاً شاملاً عن أعماله «كل أعمال رامبرانت».
عموماً فالفنان رامبرانت فان راين كان فناناً غزير الإنتاج، وبالإمكان لمحبي فنه تذوقه في أمستردام وأبوظبي في الوقت نفسه، ويحسب لـ«اللوفر أبوظبي» إضافة أعمال لمعلمي رامبرانت وتلامذته أيضاً، ليرسم صورة كاملة لعصر عاش فيه الفنان الهولندي ذائع الصيت.
يضم المعرض 95 لوحة ورسمة وقطعة فنية، منها أكثر من 20 عملاً لرامبرانت وورشة عمله، ويسلط الضوء على مسيرة رامبرانت الفنّية في مدينتي لايدن وأمستردام في هولندا وعلى علاقته بخصومه وأصدقائه، بمن فيهم يوهانس فيرمير، ويان ليفنز، وفرديناند بول، وكاريل فبريتيوس، وجيرار دو، وفرانس فان مييرس، وفرانس هالس.
أما بالنسبة إلى العصر الذهبي الهولندي، فهو الاسم الذي يُطلق على فترة وجيزة من القرن السابع عشر، حين كانت الجمهورية الهولندية الجديدة، التي كانت آنذاك قد نالت استقلالها حديثاً عن النظام الملكي الإسباني، وكانت تُعتبر الدولة الأكثر ازدهاراً في أوروبا، لا سيما بسبب ما شهدته من تطوّر في التجارة والعلوم والفنون. فالتجارة العالمية التي قادتها «شركة الهند الشرقية» الهولندية، إلى جانب التطورات العسكرية والتقدم الذي طرأ على عالمي الفنون والعلوم، كلها عوامل أعطت الأراضي المنخفضة، أي المنطقة الساحلية لشمال غربي أوروبا التي تضم بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، ميزة مهمة في جميع أنحاء أوروبا والعالم أجمع. في ذلك العصر، كان رامبرانت فان راين ويوهانس فيرمير في طليعة حركة فنية جديدة تصور الإنسان وحياته اليومية بطريقة أكثر واقعية.
وننطلق في جولة عبر القاعات المختلفة بصحبة كل من الدكتور توماس كابلان مؤسس «مجموعة لايدن» ولارا ييغير - كراسلت المنسقة العامة للمجموعة في نيويورك.
تقول ييغير - كراسلت إن «معرض رامبرانت وفيرمير والعصر الذهبي الهولندي يرسم مسيرة رامبرانت الفنيّة من خلال 15 عملاً للفنان من (مجموعة لايدن)، كما يسلط الضوء على تطوّر الرسم الذي يصوّر تفاصيل الحياة اليومية في القرن السابع عشر في هولندا، كما يظهر بوضوح في لوحات (مجموعة لايدن) التي تعود للفنانين الذين عُرفوا بالرسم الدقيق. يقدّم الحوار الذي يقوم بين هذه اللوحات للزائر لمحة عن حركة التبادل الثقافي التي رسمت معالم العصر الذهبي الهولندي».
وهنا تبرز أهمية القطعة الأولى التي نراها في الجولة، وهي مجسم ضخم لسفينة حربية هولندية تعود لعام 1648، وهي من ممتلكات «متحف رايكس» بأمستردام، ويشير كابمان إلى أن السفينة تتردد في رسم إلى جانبها لطفل صغير يلعب بسفينة صغيرة في بركة من الماء، السفينة ترمز إلى القوة البحرية الهولندية في القرن السابع عشر.
في القاعة الثانية، نرى مجموعة من اللوحات المستعارة من «مجموعة لايدن» بنيويورك، وهي تُعرض سوياً للمرة الأولى، تشير المنسقة العامة للمجموعة إلى لوحة تتوسط القاعة وهي لوحة دقيقة الحجم يمكن وضعها في كف اليد على حد تعبيرها، وهي «صورة نصفية لرجل عجوز ملتحٍ» (مجموعة لايدن). تعلق على اللوحة التي تظهر تمكن رمبرانت من استخدام الفرشاة الدقيقة واللعب بالضوء والظلال ونجاحه في تصوير رجل مسن محني الرأس ينظر بعيداً خارج إطار اللوحة بطريقة تمنح المشاهد إحساساً بأنه جزء من اللوحة: «مالكها السابق، آندرو ويليام ميلون، رجل الأعمال الأميركي في أوائل القرن العشرين صنع لها هذه العلبة المبطنة من الداخل ليحملها معه في كل مكان، فهو كان يعشق اللوحة، ويحب التمعن فيها دائماً». وترجح كراست أن تكون هذه المرة الأولى التي تعرض فيها اللوحة، وهي داخل علبتها الحافظة.
أما الدكتور كابمان رئيس «مجموعة لايدن»، فيشير إلى المعروضات في الغرفة قائلا إنها تعتبر دليلاً على الحجم الهائل لأعمال رامبرانت وفناني ورشته، وأيضاً تعبير عن التدفق الإبداعي في هولندا في تلك الفترة.

- لوحات لأشخاص من المجتمع
الملاحظ في اللوحات المعروضة هنا هو الإقلال من الصور دينية الطابع، وغلبة اللوحات التي تدور حول أناس عاديين، وحتى الشخصيات التاريخية التي توجد في بعض اللوحات نجح الفنانون في خلع عباءة الرمزية عنها، وتحويلها لشخصيات واقعية، وكمثال تشير كراست إلى لوحة لرامبرانت تمثل الإلهة الأسطورية «منيرفا» وهي جالسة تقرأ. تقول إن رامبرانت رسم «منيرفا» على هيئة سيدة هولندية ممتلئة الجسم ولها شعر طويل ينسدل على كتفها: «لقد حول الشخصية التي جردها فنانون سابقون من إنسانيتها وحولوها لشخصية رمزية. رمبرانت يمنحها ملامح مألوفة، وعبر وضعية جلوسها على مكتب تقرأ كتاباً ينجح في جعلها شخصية قريبة للمتفرج، أعتقد أن أسلوبه هذا يقول الكثير عن قدرته على نقل التاريخ لنا عبر اللوحات».
يتتبع المعرض مسيرة رامبرانت الفنيّة، وذلك انطلاقاً من سلسلة لوحاته المشهورة التي تصوّر الحواس، والتي تُظهر براعة الفنان الشاب ومهارته في رسم الملامح والتعبيرات وتجسيد الألوان في الأيام التي عاشها في لايدن، وصولاً إلى أعمال لاحقة ابتكرها في أمستردام، بما في ذلك لوحته الذاتية المشهورة والمرسومة بدقّة عالية: «صورة شخصية ذاتية بعينين مظللتين»، وتُعرض اللوحة إلى جانب لوحات أخرى لبعض كبار الفنانين من دائرة رامبرانت الفنّية، وهي تبيّن تأثير فناني هذه المجموعة على أعمال بعضهم البعض.

- لقاء المتاحف العالمية في «اللوفر أبوظبي»
الجدير بالذكر أن المعرض يقدّم لزواره الفرصة الأولى للاطلاع على آخر القطع الفنيّة التي استحوذ عليها «اللوفر أبوظبي» للفنان رامبرانت بعنوان «رأس شاب، متشابك اليدين: رسم تمهيدي»، نحو (1648 - 56). وتنجح اللوحة في جذب الأنظار خصوصاً وأنها ظهرت في السوق الفنية حديثاً عبر إحدى دور المزادات العالمية.
المعرض يعتبر أيضاً لقاءً على سحب الإبداع بين لوحات لعدد من كبار فناني العصر الذهبي في هولندا، وهو أيضاً لقاء بين اللوحات من متحف اللوفر وأخواتها من «مجموعة لايدن»، ومثلت عملية تنظيمها جنباً لجنب في قاعات متحف اللوفر أبوظبي «عملية ممتعة» حسب ما يقول د.كابمان.
اللوحات في القاعات الأخيرة تمتلئ بالأناس العاديين، بربات المنازل، بنساء يقرأن أو يكتبن، بفنانين يعملون في الاستديوهات الخاصة بهم، هي لوحات مستمدة من حياة هادئة ووادعة. «موضوعات اللوحات هنا مستمدة من العالم، تعبر عن لحظات ألفة وخاصة، وبالتالي نحس نحن المتفرجين أننا محظوظون للسماح لنا بدخول عالم هؤلاء الناس. تؤكد هذه القاعة القيم الهولندية في منتصف القرن الـ17، الذي تميز بالثراء والدعة»، تعلق كراست.
وفي حديث مع روز ماري موسو، أمين متحف رئيس في «اللوفر أبوظبي»، تستعرض القطع المختلفة في المعرض، وتشير إلى أن لوحتي فيرمير تُعرضان جنباً لجنب للمرة الأولى، و«هناك عامل إضافي لحماسنا لذلك، وهو أن الأبحاث العلمية الحديثة أثبتت عبر عد الخيوط أن اللوحتين رسمتا على قماش من المصدر نفسه. إننا كمن ينظر داخل مرسم فيرمير». وتضيف: «من المدهش وضع كل تلك اللوحات سوياً، وأن نرى الحوار المتخيل بينها».
أسألها: لماذا يعشق الناس رسومات ذلك العصر باعتقادك؟ تجيب: «أعتقد أن ذلك يعود لأنهم يبرزون صوراً من مجتمع حقيقي وواقعي، في القاعة الأولى سترين مجسماً للسفينة الحربية الهولندية والخرائط التي تشير إلى التواصل بين أجزاء متفرقة من العالم مثل آسيا والهند وأوروبا يمكننا أن نرى ذلك كمرآة للتواصل العالمي اليوم».

- نساء فيرمير الغامضات
لوحتا فيرمير «صانعة الدانتيل» من ممتلكات متحف اللوفر ولوحة «امرأة شابة جالسة إلى آلة موسيقية قديمة» يمنحان المشاهد متعة خاصة تتجلى في عبقرية فيرمير في إظهار أدق التفاصيل، مثال الخيوط الملونة في لوحة «صانعة الدانتيل» والتعبير الهادئ الصامت على وجه المرأة المنكفئة على عملها والتعبير على وجه الفتاة الجالسة على البيانو، يؤكدان على تيمة خاصة تميز بها فنانو ذلك العصر بشكل عام وعند فيرمير بشكل خاص ومتفوق أيضاً. ففيرمير ينجح في جعل الصمت متحدثاً بليغاً، نتأمل في المرأتين، ونسأل ما الذي يدور في خلد صانعة الدانتيل، ما هي أسرارها، ولمن تصنع تلك القطعة، أما العازفة الصغيرة ففي نظرتها لنا تساؤل ربما، وربما انتظار لتقدير منا لعزفها، ولكن من يدري؟ فمتعة وجمال لوحات فيرمير يعودان لغموض نساء لوحاته، هن يفتحن الباب لنا للدخول في حضرتهن ولكن يثرن حيرتنا بصمتهن.



أزمات أسرية تطغى على «الحضور الفني» لممثلات مصريات

الفنانة راندا البحيري (صفحتها على فيسبوك)
الفنانة راندا البحيري (صفحتها على فيسبوك)
TT

أزمات أسرية تطغى على «الحضور الفني» لممثلات مصريات

الفنانة راندا البحيري (صفحتها على فيسبوك)
الفنانة راندا البحيري (صفحتها على فيسبوك)

طغت الأزمات الأسرية على أخبار فنانات وممثلات مصريات، وتصدرت تلك الأزمات، المرتبطة غالباً بالانفصال، «التريند»، لأيام متتالية، وكان أحدثها ما يتعلق بالفنانات راندا البحيري وأيتن عامر وبتول الحداد؛ وقد أدت هذه الأزمات أو تسببت في غياب أو تراجع الحضور الفني لبعض الفنانات.

وحظيت الفنانة راندا البحيري بتعاطف من متابعين، بعد حديثها عن طلاقها وعلاقتها بابنها، وكيف تولت مسؤولية تربيته وحدها، وما تعرضت له من مضايقات من طليقها، وتصدرت «التريند» على «غوغل» الأربعاء، في مصر، بعد حديثها في تصريحات متلفزة عن حياتها الشخصية منذ انفصالها عام 2012، واتجاهها للمشاركة في مشروعات بعيدة عن الفن.

وبرزت راندا البحيري في الوسط الفني منذ عام 2000، وشاركت في فيلم «أوقات فراغ» 2006، ثم شاركت في عدد من الأعمال وكان أحدثها «ساحر النساء» و«الشرابية».

كما ظهرت الفنانة أيتن عامر في دائرة الأضواء الخاصة بالمشاكل الأسرية بعد نشر طليقها على صفحته بـ«إنستغرام» طلباً ومناشدة لرؤية أبنائه منها، وتوجيه استغاثة لرئيس الجمهورية بهذا الصدد.

وقدمت أيتن عامر العديد من الأعمال الفنية من بينها مسلسلات «الدالي»، و«أفراح إبليس»، و«كيد النسا»، و«الزوجة الثانية»، وأحدث أعمالها «تل الراهب» و«جودر - ألف ليلة وليلة».

الناقد الفني المصري أحمد السماحي أكد أن «الفنانين يتعرضون لأزمات باستمرار، والقليل منهم يستطيع تجاوز تلك الأزمات ومواصلة مشوارهم الفني». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الظاهرة ليست جديدة، بل لها جذور تعود لبدايات القرن الماضي».

وخطفت الفنانة الشابة بتول الحداد الأضواء وتصدرت «التريند» قبل أيام بعد إعلان انفصالها بعد مرور 5 أشهر فقط على زواجها، وقدمت الفنانة بتول الحداد عدة أعمال، وكانت بداية مشوارها في فيلم «فتاة المصنع» للمخرج محمد خان عام 2014، وشاركت في مسلسلات من بينها «يونس ولد فضة» و«نسر الصعيد»، وتستعد لخوض الموسم الرمضاني المقبل بمسلسل «ضل حيطة» وفق تصريحاتها لوسائل إعلام محلية.

جانب من حفل زفاف الفنانة بتول الحداد (يوتيوب)

وحظيت أيضاً الفنانة شيري عادل باهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، أكثر من مرة، كان أحدثها تصريحها عن انفصالها من الفنان طارق صبري، مؤكدة أن «الانفصال أفضل من الاستمرار في حياة تعيسة». وفق تعبيرها.

وبدأت شيري عادل مشوارها الفني عام 1999 حينما كانت طفلة، ثم شاركت في العديد من الأفلام من بينها «بلبل حيران» و«حسن ومرقص» و«أمير البحار»، ومسلسلات من بينها «شيخ العرب همام» و«جروب الدفعة»، و«الوصفة السحرية».

وأضاف السماحي أن «ما نراه هذه الأيام من حالات كثيرة مثل راندا البحيري أو أيتن عامر أو بتول الحداد؛ كل ذلك يؤثر على مشوارهم الفني بشكل أو بآخر، لكن الفنان الذكي هو الذي يتجاوز الأزمات الأسرية ويواصل مشواره»، وضرب السماحي مثالاً بالفنانة أنغام، قائلاً: «أنغام تعرضت للكثير من التخبطات في حياتها الأسرية، لكنها تخطت كل هذه الأزمات وظلت متوهجة طوال الوقت على مدى نحو 40 عاماً».

شيرين تجاوزت أزمات أسرية وواصلت مشوارها الفني (صفحتها على فيسبوك)

وكانت الفنانة شيرين عبد الوهاب تعرضت أيضاً لأزمات أسرية أثرت على مشوارها الفني، وفق متابعين ونقاد، وخصوصاً بعد ارتباطها وانفصالها عن الفنان حسام حبيب أكثر من مرة، وخضعت للعلاج لفترة في إحدى المصحات، بناء على طلب عائلتها.

وقال المتخصص في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا»، معتز نادي، لـ«الشرق الأوسط»: «يتجه أحياناً بعض الفنانين للبث المباشر والحديث عن حياتهم الشخصية لتعويض غيابهم عن ساحة الأعمال الفنية وضمان استمرار دخل مجز لهم».

وحذّر نادي من أنه «بمرور الوقت قد تتأثر صور هؤلاء الفنانين سلباً، إذا ظلت فقط تحت عدسة الأزمات دون تقديم أعمال فنية تترك بصمة لدى الجمهور».