«الحشد الشعبي» يقود حملة ضد جماعات تنتحل صفته

100 مقر وهمي على لائحة انتظار الغلق

عرض لعناصر {الحشد} في البصرة الشهر الماضي (رويترز)
عرض لعناصر {الحشد} في البصرة الشهر الماضي (رويترز)
TT

«الحشد الشعبي» يقود حملة ضد جماعات تنتحل صفته

عرض لعناصر {الحشد} في البصرة الشهر الماضي (رويترز)
عرض لعناصر {الحشد} في البصرة الشهر الماضي (رويترز)

تقود هيئة «الحشد الشعبي» هذه الأيام حملة شرسة لغلق عشرات المقار الوهمية التي تدعي انتماءها إليه، ولم تتوقف الحملة منذ الإعلان عن اعتقال الشيخ أوس الخفاجي، المنتمي إلى «الحشد» بالتهمة ذاتها الأسبوع الماضي. وتقول قيادات داخل الحشد: إن هناك 100 مقر وهمي ينتحل صفة الحشد موضوعة على لائحة الإغلاق.
واستفحلت ظاهرة انتشار المقرات الوهمية لجماعات تدعي انتماءها إلى «الحشد الشعبي» في السنوات الأخير في بغداد وأغلب المحافظات؛ الأمر الذي عرّض الحشد لانتقادات شعبية، دفعته مؤخراً إلى التحرك لغلق تلك المقار التي ظلت مفتوحة حتى مع انتهاء الحرب ضد «داعش» وإعلان الانتصار عليه مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2017.
وأعلنت مديرية الأمن في هيئة الحشد الشعبي، أمس، إغلاق ثلاثة مقار وهمية في منطقة المنصور الراقية غرب بغداد. وقالت المديرية في بيان: إن «المقار التي أغلقت أحدها تنتحل حركة (الأبدال)، وآخر ينتحل صفة حركة (ولائيون) عثر بداخله على مطبعة باجات (بطاقات) وسلاح خفيف ومستمسكات مزورة وطائرة مسيرة (درون) وتخاويل (تصاريح) مزورة»، مبينة أنها أغلقت أيضاً، «مكتب (الطليعة) الذي ينتحل صفة الحشد وعثرت بداخله على باجات ومستمسكات».
من جانبها، ردت «سرايا الخراساني»، على إغلاق أمن الحشد الشعبي «مكتب الطليعة» في منطقة المنصور، وقال أمينها العام علي الياسري: إن «المقر المغلق يعود لحزب الطليعة، الجناح السياسي للسرايا، وهو سياسي بحت وليس عسكرياً». وكانت المديرية أغلقت، أول من أمس، مقرين وهميين آخرين، أحدهما في ساحة الواثق بمنطقة الكرادة يحمل اسم «كتلة دعم الدولة»، والمقر الثاني يحمل اسم «كتائب النخبة القتالي» في منطقة الدورة.
بدوره، كشف القيادي في «الحشد الشعبي» معين الكاظمي في تصريحات صحافية أمس، عن أن «هناك ما يقارب 100 مقر وهمي لا يزالون يدعون انتماءهم للحشد في بغداد والمحافظات الأخرى، والعمليات مستمرة لإغلاقها جميعاً»، مؤكداً أن «عمليات الغلق الأخيرة لبعض تلك المقار، جرت بالاشتراك بين القوات الأمنية وأمن الحشد الشعبي، بتوجيه من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي».
لكن عضو منظمة «بدر» والحشد الشعبي كريم النوري، يرى أن «عمليات الإغلاق للمقرات الوهمية التي تدعي انتماءها للحشد ليست في حاجة إلى توجيه أو موافقة رئيس الوزراء؛ لأن قانون هيئة الحشد واضح في هذا الاتجاه». ويعترف النوري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بأن «خطوة الإغلاق ربما تأخرت قليلاً، لكنها ضرورية ومهمة؛ لأن وجود تلك المقار الوهمية في الأزقة والأحياء السكنية يخلق ويتسبب في الكثير من المشكلات التي تتعلق باستفزاز المواطنين وابتزازهم في بعض الأحيان».
وحول ما تردد عن أن عملية اعتقال الشيخ أوس الخفاجي تمت على خلفية توجيهه انتقادات لإيران، نفى النوري ذلك، وذكر أن «المشكلة مع الخفاجي أنه ارتكب مخالفتين، هما انتحال صفة الحشد، وفتح مقر وهمي وغير مسجل، وبعد إغلاق هذين الملفين انتهت مشكلته مع الحشد، لكنه ما زال موقوفاً على قضايا أخرى مقامة ضده من قيادة عمليات بغداد». وأشار إلى أن «قضايا الإغلاق الحالية ليس لها طابع شخصي، سواء مع الخفاجي أو مع غيره، وعملية التأخر بتنفيذ الإغلاق أو التصريحات ضد هذه الجهة أو تلك لا يوقف عملية تفعيل قانون محاسبة المنتحلين لصفة الحشد». وذكر النوري، أن «الحشد قام قبل شهر باعتقال آمر لواء (المؤمل) سعد سوار، وهو من القيادات المنشقة عن جيش المهدي بسبب مخالفات قانونية ارتكبها».
من جهة أخرى، أصدر النائب عن محافظة صلاح الدين علي الصجري، أمس، توضيحاً بشأن اللبس الذي حصل حول إغلاق مقر وهمي للحشد الشعبي تابع لـ«علي الصكري». وقال الصجري تصريحات صحافية: إن «قوة من أمن الحشد الشعبي قامت بإغلاق مقر وهمي تابع للحشد الشعبي يديره شخص يدعى علي الصكري، وأن هذا الشخص يدعي انتماءه إلى حزب الدعوة تنظيم العراق». مضيفاً: إن «بعض وسائل الإعلام حصل لديها لبس وصورت الشخص ذاته بأنه أنا الذي لم أشكّل أي قوة حشد عشائري أو حشد شعبي، ولقب الصجري يختلف عن الصكري، وهما من عشيرتين مختلفتين».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.