التحالف الأميركي: تقدم بطيء في جيب «داعش» بسوريا

المئات يفرون من آخر نقاط سيطرة التنظيم

عناصر «سوريا الديمقراطية» يحرسون حافلات لمدنيين هربوا من المعارك مع {داعش} بدير الزور شرق سوريا (أ.ف.ب)
عناصر «سوريا الديمقراطية» يحرسون حافلات لمدنيين هربوا من المعارك مع {داعش} بدير الزور شرق سوريا (أ.ف.ب)
TT

التحالف الأميركي: تقدم بطيء في جيب «داعش» بسوريا

عناصر «سوريا الديمقراطية» يحرسون حافلات لمدنيين هربوا من المعارك مع {داعش} بدير الزور شرق سوريا (أ.ف.ب)
عناصر «سوريا الديمقراطية» يحرسون حافلات لمدنيين هربوا من المعارك مع {داعش} بدير الزور شرق سوريا (أ.ف.ب)

قال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أمس الثلاثاء، إن مقاتلين يعملون بقيادة الأكراد.
ويدعمهم التحالف في قتالهم لاستعادة آخر جيب يسيطر عليه تنظيم داعش في سوريا يحققون تقدما «بطيئا ومنظما».
وقال المتحدث باسم التحالف الكولونيل شون رايان في رسالة بالبريد الإلكتروني: «العدو متحصن بالكامل ويواصل مقاتلو (داعش) شن هجمات مضادة». وأضاف أنه «من السابق لأوانه تحديد إطار زمني» بشأن موعد نهاية العملية.
وقرية باغوز الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات على الحدود السورية مع العراق هي آخر معقل لـ«داعش» في منطقة عمليات التحالف. لكن التنظيم ما زال يسيطر على أرض في وسط سوريا في منطقة صحراوية نائية خاضعة أيضا لسيطرة النظام. وفي الأراضي التي خسر التنظيم السيطرة عليها في سوريا والعراق، اختبأ أفراده لكنهم يشنون حرب عصابات تتسبب في وقوع خسائر في الأرواح.
وأضاف رايان، أنه حتى بعد السيطرة على باغوز سيتعين إجراء عمليات تطهير لإزالة الألغام والشراك الخداعية التي تركها التنظيم لقتل المدنيين.
وتشن قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على نحو ربع البلاد، القتال عبر حملة تدعمها الولايات المتحدة على «داعش» في الأغلب.
وقال شاهد من «رويترز»، أول من أمس الاثنين، إن أعمدة من الدخان الأبيض شوهدت بعد ضربات جوية نفذها التحالف بينما تحركت شاحنات مكدسة بالمدنيين الفارين على طول طريق مترب إلى خارج الجيب. والقوة الجوية للتحالف شديدة الأهمية في تقدم قوات سوريا الديمقراطية. وقد سوت هذه القوة أحياء كاملة في البلدات والمدن بالأرض في الحرب على التنظيم، رغم أنها تقول إنها تتوخى الحذر لتجنب استهداف المدنيين.
من جهته، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، عن أن ما لا يقل عن 70 مدنيا سقطوا بين قتيل وجريح في ضربات جوية، قال إنها استهدفت مخيما للمدنيين في باغوز، بينما قُتل 16 مدنيا في ضربات خلال الليل.
وفي رسائل للأمم المتحدة، نددت الخارجية السورية بالضربات التي قادتها الولايات المتحدة التي قالت إنها أدت لمقتل 16 مدنيا في مخيم بباغوز بينهم نساء وأطفال. وقالت الوزارة: «سوريا تطالب مجددا مجلس الأمن (الدولي) بالوقوف ضد هذه الجرائم والاعتداءات وأن يتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين وإجراء تحقيق دولي بهذه الجرائم وإدانتها والتحرك الفوري لوقفها ومنع تكرارها وإنهاء الوجود العدواني للقوات الأميركية والقوات الأجنبية الأخرى غير الشرعي على الأراضي السورية».
وقال رايان إن التحالف على علم بهذا التقرير ويدرسه. وأضاف: «سيواصل التحالف قصف أهداف (داعش) كلما كان ذلك ممكنا». أما مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، فقال يوم الاثنين، إن كثيرا من المدنيين ما زالوا داخل باغوز مما يجبر القوات على التوغل بحذر. وعبر عن اعتقاده أن ما بين 400 و600 مقاتل ربما لا يزالون متحصنين داخل الجيب.
في سياق العمليات العسكرية، فر المئات ليل الاثنين - الثلاثاء من الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة تنظيم داعش في شرق سوريا. وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، عن «خروج 350 شخصاً، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين ومن غير السوريين، الثلاثاء من الباغوز».
ويأتي ذلك بعد ساعات من خروج 600 شخص من البلدة بعد منتصف الليل، وفق ما كان أفاد مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالي، للوكالة.
وفي نقطة قريبة من خط الجبهة، شاهدت مراسلة الصحافة الفرنسية، أشخاصا يتوجهون سيراً إلى نقاط قوات سوريا الديمقراطية، قبل أن يتوجه مقاتلون وفريق من المسعفين من منظمة دولية إليهم لمعالجة الجرحى بينهم.
وبين هؤلاء نساء أوكرانيات وروسيات وأطفالهنّ، وزع عليهن المقاتلون الخبز والمياه.
وتحدثت امرأة من القرم في الـ34 من العمر عن أوضاع معيشية صعبة في الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة التنظيم. وقالت: «الأطفال خائفون وجياع. ليس هناك طعام».
ويخضع الخارجون من نقاط سيطرة التنظيم، في منطقة فرز مخصصة لهم، لعملية تفتيش وتدقيق أولي في هوياتهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية قبل نقل المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة، والمدنيين وعائلات التنظيم إلى مخيمات في شمال شرقي البلاد.
وفي منطقة استقبال الفارين قرب بلدة الباغوز، التي لا يزال التنظيم المتطرف موجودا في جزء منها، شاهدت مراسلة الصحافة الفرنسية، عشرات العراقيين والسوريين ينتظرون في خيم بعدما قضوا ليلة في البرد القارس في تلك المنطقة الصحراوية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».