البرلمان يمنح اليوم ثقته للحكومة... و«الكتائب» أبرز المعترضين

الحريري: نريدها حكومة أفعال لا أقوال

جلسة البرلمان اللبناني أمس لمناقشة البيان الوزاري بحضور رئيس الحكومة سعد الحريري (الوكالة الوطنية)
جلسة البرلمان اللبناني أمس لمناقشة البيان الوزاري بحضور رئيس الحكومة سعد الحريري (الوكالة الوطنية)
TT

البرلمان يمنح اليوم ثقته للحكومة... و«الكتائب» أبرز المعترضين

جلسة البرلمان اللبناني أمس لمناقشة البيان الوزاري بحضور رئيس الحكومة سعد الحريري (الوكالة الوطنية)
جلسة البرلمان اللبناني أمس لمناقشة البيان الوزاري بحضور رئيس الحكومة سعد الحريري (الوكالة الوطنية)

تحوز الحكومة اللبنانية الجديدة، اليوم، ثقة البرلمان بأغلبية متوقعة، لن يعارضها من الكتل السياسية إلا كتلة حزب «الكتائب اللبنانية» ونواب مستقلون آخرون، في ختام مناقشة البيان الوزاري اليوم (الأربعاء)، بعد أن بدأ أمس في جلسة عامة وعلنية، أكد خلالها رئيس الحكومة سعد الحريري أن هذه الحكومة «نريدها حكومة أفعال لا حكومة أقوال».
وأكد الحريري أن «حكومتنا تلتزم التنفيذ السريع والفعال لبرنامج اقتصادي، إصلاحي، استثماري، خدماتي واجتماعي وإنمائي متوازن، برنامج يستند إلى الركائز الواردة في رؤية الحكومة اللبنانية المقدمة إلى مؤتمر (سيدر) وتوصيات المجلس الاقتصادي الاجتماعي». وقال إن «هذا البرنامج هو سلة متكاملة من التشريعات المالية والاستثمارية والقطاعية، ومن الإجراءات الإصلاحية التي يرتبط نجاحها بعدم تجزئتها أو تنفيذها انتقائياً، وأن يُستكمل بما يُقر من توصيات الدراسة الاقتصادية للاستشاري (ماكينزي)».
كان الحريري قد استهل مداخلته المطولة التي تلا خلالها البيان الوزاري، بالتأكيد أن هذه الحكومة نريدها حكومة أفعال لا حكومة أقوال، مضيفاً: «نريدها حكومة للقرارات الجريئة والإصلاحات التي لا مجال للتهرب منها بعد اليوم، حكومة تتصدى لأسباب الخلل الإداري والفساد المالي والتهرب الضريبي، حكومة تخاطب معاناة اللبنانيين وتطلعات الشباب والشابات للمستقبل وتضع في أولوياتها الاستقرار السياسي والأمني والأمان الاجتماعي لكل المواطنين، وترسم سياسة اقتصادية ومالية تواكب التحديات».
وقال الحريري: «لا وقت أمام هذه الحكومة للترف اللفظي، وجدول الأعمال الذي في متناولها يزخر بالتحديات التي تحدد مسار العمل الحكومي، وعناوين الإنجاز والاستثمار وترشيد الإنفاق ومكافحة الفساد وتحفيز النمو لمواجهة البطالة والفقر وتخفيض العجز»، مشيراً إلى أن «ألف باء التصدي لهذه التحديات تتطلب ورشة عملٍ وتعاوناً مشتركاً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مهمتها الانتقال بالبلاد من حالِ القلق الاقتصادي والاجتماعي، والتذمر الأهلي تجاه الخدمات الأساسية، إلى حال الاستقرار المنشود وإعادة الأمل للمواطن في الدولة ومؤسساتها وقدرتها على الإصلاح والتحديث والتطوير».
وشدد الحريري على «أننا جميعاً في مركب واحد. والثقوب التي تهدد هذا المركب معروفة، ولم يعد من المجدي تقاذف المسؤوليات حولها». وقال: «المطلوب قرارات وتشريعات وإصلاحات جريئة ومحددة، قد تكون صعبة ومؤلمة، لتجنب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية نحو حالات أشد صعوبة وألماً، وهو ما ستبادر إليه الحكومة بكل شفافية وإصرار وتضامن بين مكوناتها السياسية، وبتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية، وبالتعاون والتنسيق الدائمين مع مجلسكم الكريم».
وتابع: «أمامنا فرصة لن تتكرر للإنقاذ والإصلاح، ومسؤولية عدم تفويت هذه الفرصة تقع على كل الشركاء في السلطة، وعلى التكامل الإيجابي مع دور المعارضة والمبادرة من دون تأخير إلى تحقيق ما التزمنا به أمام اللبنانيين والأصدقاء والأشقاء الذين اجتمعوا لدعم لبنان».
وشدد على «أننا أردنا هذا البيان الوزاري لوحةً متكاملة للتحديات الماثلة وللآمال المعقودة علينا جميعاً، حكومةً ومجلساً ومجتمعاً حياً، لمعالجتها والتصدي لها»، مشيراً إلى أن «الفرصة متاحة لمشروع نهوض اقتصادي واجتماعي وخدماتي واستثماري واعد. والفرصة تأخذ طريقها إلى التنفيذ بإرادة المجلس والحكومة معاً»، طالباً من البرلمان، على هذا الأساس، ثقة المجلس.
ويتحدث خلال يومي جلسات الثقة، 66 نائباً على أربع جلسات، عُقدت اثنتان منها أمس، فيما تُعقد اليوم اثنتان أيضاً.
وقال رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، أمس، إن «تاريخ لبنان لم يشهد منذ الاستقلال وحتى اليوم ما رأيناه في السنوات الأخيرة من محاولاتٍ لتجاوز الدستور وانحدار غير مسبوق في الخطاب السياسي». مشيراً إلى أن «الأشهر التسعة التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة شهدت الكثير من الهرطقة التي تفرض أعرافاً وقواعد مبتكرة في العمل السياسي من خارج النص الدستوري». ورأى سلام في جلسة مناقشة البيان الوزاري أن «بدعة الحكومات الائتلافية التي يشارك فيها جميع الفرقاء السياسيين تحت عنوانِ الوحدة الوطنية ضربت الديمقراطية ونسفت النظام البرلماني لأنها ألغت القدرة على المساءلة والمحاسبة»، لافتاً إلى أن «نظرية الثلث المعطل التي دخلت معجم السياسة اللبنانيّة بعد اتفاق الدوحة، هي تعبير فجّ عن منطق الغلبة والإصرار على التحكّم المسبق بقرار الحكومة تحت طائلة تعطيلِها أو حتى إسقاطها». وأكد سلام أن دستور «الطائف» يجب أن يحظى باحترام الجميع، وأي تعديل عليه لا يتم إلا بفعل إرادة وطنية جامعة.
وكشف النائب حسن فضل الله أن هناك مستندات ووثائق لو تمّ الكشف عنها لأودت برؤوس كبيرة إلى السجن. وطالب وزير المال بأن يضع ملف الحسابات بكامله في عهدة المجلس النيابي وأن يوضع أمام الرأي العام ليرى اللبنانيون كيف يتم صرف الأموال. ودعا الحكومة «لحوار جاد مع المصارف بهدف تخفيض كلفة الدين».
وسُجّل سجال بين النائب ميشال معوض، وعضو كتلة «حزب الله» النائب علي عمار، حيث اعتبر معوض «أن البيان الوزاري اكتفى بإعادة تأكيد مساكنة الأمر الواقع بين الدولة وسلاح (حزب الله)، أما بند الاستراتيجية الدفاعية تحت سقف الدولة فهو الغائب الأكبر عنه، داعياً بناءً على خطاب القسم، أن يبادر فخامة الرئيس ميشال عون ويطرح بند الاستراتيجية الدفاعية بأسرع وقت ممكن، لننتج حلاً لبنانياً لهذه القضية الخلافية، وكي لا تصبح هذه المساكنة أسيرة التقلبات الإقليمية، وندفع ثمن الاتفاقات الخارجية على حسابنا. وأساساً السيد حسن نصر الله أكد استعداده لمناقشة الاستراتيجية من دون شروط».
ورد النائب علي عمار على النائب ميشال معوض، لافتاً إلى أن «حزب الله»، «مكوِّن من مكونات الشعب اللبناني وجزء من هذه الدولة شاء مَن شاء وأبى مَن أبى، ومَن يساجلنا يصغر ومَن نساجله يكبر».
من جهتها، أملت النائب ستريدا جعجع أن يكون الجيش وحده من يحمل السلاح بعد أن أثبت قدرته العالية في التصدي والدفاع عن لبنان، مؤكدة سياسة النأي بالنفس عن المحاور والصراعات الإقليمية.
أما عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، فقال: «نمنح الثقة للحكومة انطلاقاً من مبدأ الشراكة التي شكّلت على أساسها الحكومة»، لكنه أكد «أننا لن نسمح بتمادي الأيادي المتطاولة على المال العام ولن نرحم فاسداً ولن نساير أحداً ولن نستهدف أحداً إلا بمقدار ما يستهدف المال العام وسنعطي فرصة للتصحيح».
واعتبرت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائبة عناية عز الدين، أن «العبرة تبقى في التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وعليه يمثل البيان الوزاري سيفاً ذا حدين، وحتى يكون السيف ماضياً في مصلحة البلاد والعباد لا بد من مناقشة محاور أساسية».
ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر، في جلسة مناقشة البيان الوزاري، أنه «من اللافت في هذا البيان الوزاري، أنه وبخلاف معظم البيانات الوزارية السابقة، فقد جاء البيان خالياً من التعميم وبكثير من التفصيل بعيداً عن الصياغات الإنشائية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. بيان اختصر المقدمات التقليدية واستبدل بها إعلان عن قيام «حكومة تتصدى لأسباب الخلل الإداري والفساد المالي، حكومة تخاطب معاناة اللبنانيين وتطلعات الشباب والشابات للمستقبل، وتضع في أولوياتها الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والأمان الاجتماعي لكل المواطنين»، كما أورد البيان. كما «دق البيان ناقوس الخطر ونبه إلى أننا أمام فرصة لن تتكرر اجتمع من أجلها أصدقاء لبنان للمساعدة في نهوضه، وإن من أبسط واجبات كل القوى السياسية أن تعمل على تلقف هذه المبادرة والوفاء تجاه الأصدقاء وتجاه اللبنانيين بكل ما وعدنا به».
وكان عضو كتلة الكتائب النائب إلياس حنكش، قد استبق الجلسة في حديث إذاعي بالقول إن حزب الكتائب، وبقرار من المكتب السياسي، لن يعطي الثقة للحكومة الجديدة، ما دامت لا تختلف عن الحكومات السابقة «والمكتوب يُقرأ من عنوانه».
وتساءل حنكش في مداخلة إذاعية: «بما أننا لم نعطِ الحكومة السابقة الثقة، فكيف يمكننا أن نعطي الثقة لهذه الحكومة؟ فالبيان الوزاري شبيه بالبيان السابق غير أنه أُضيفت إليه فقرة واحدة حول إصلاحات (سيدر)، وفي وقت لا تعاطي جدياً مع الملفات الدسمة، هذا عدا عن أن الحكومة عبّرت بلسان أركانها عن فشلها».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.