السودان يؤسس شبكة قومية لتوفير السكن لجميع شرائح المجتمع

خطط لتطوير الأحياء القديمة والاستمرار في مشروعات الإسكان الرأسي

يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)
يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)
TT

السودان يؤسس شبكة قومية لتوفير السكن لجميع شرائح المجتمع

يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)
يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)

قرر الصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان، تبني مشروع لإنشاء شبكة قومية للمأوى، بمشاركة كل الشركاء والجهات العاملة والناشطة في مجال الإسكان والتعمير بالبلاد من مؤسسات رسمية وقطاع خاص.
ويهدف البرنامج لإحكام التنسيق بين الصندوق والجهات المعنية من أجل إنفاذ سياسات الدولة في هذا الشأن لتوفير المأوى للشرائح المختلفة. واعتمد اجتماع مديري الإدارات بالصندوق الذي عقد أول من أمس بمقر الأمانة العامة للصندوق برئاسة الدكتور غلام الدين عثمان الأمين العام، ضمن برنامج الصندوق للعام 2019، مشروعا آخر لإنشاء مرصد للإسكان لتوفير أي معلومات عن الحاجة وحجم المشروعات السكنية المنفذة والتي قيد التنفيذ والمقترحة.
وأكد الاجتماع أن هذه المشروعات تعتبر من المبادرات والبرامج التي ستساهم في توفير قاعدة بيانات ومعلومات للراغبين والعاملين والباحثين في مجال الإسكان والعقارات، ما يؤثر إيجابا في ترقية وتطوير مشروعات واستثمارات الإسكان.
ووفقاً لعمر سعد مدير الإعلام في الصندوق القومي للإسكان، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن مشروع الشبكة سيعمل على تجميع جهود كل العاملين في قطاع الإسكان في البلاد، من أجل توفير مأوي لك مواطن، وفقا للمشروع القومي للدولة الذي أقرته العام الماضي لتوفير المأوى لجميع شرائح المجتمع السوداني.
وأشار سعدان إلى أن الشبكة الجديدة، ستعمل على ربط مجموعة من الجهات التي تعمل في مشاريع الإسكان في البلاد بما في ذلك المنظمات الدولية التي تعمل في مشاريع التوطين في غرب البلاد.
وأضاف أنه سيتم التنسيق بين هذه الجهات لتحقيق هدف توفير المأوى للجميع، مشيراً إلى أن البلاد عانت كثيراً من تشتت الجهود في مجال الإعمار والإسكان، حتى تعددت الجهات دون أن يكون هناك رابط بينها.
إلى ذلك أعلن صندوق الإسكان والتعمير بولاية الخرطوم أمس عبر مؤتمر صحافي بوكالة السودان للأنباء، عن خططه المستقبلية في مجال السكن الشعبي والاستثماري، وذلك في إطار تنفيذ المأوى للجميع وتوجيه الدولة في هذا المجال. وأعلن الصندوق عن بدء استلام خمسة آلاف وحدة سكنية، موضحا أنه سيتم فتح باب التقديم للسكن الشعبي خلال الفترة المقبلة، كما تم توفير 90 ألف وحدة سكن شعبي واقتصادي بمناطق مختلفة بالولاية.
وقال المهندس مستشار خلواتي الشريف النور، مدير عام الصندوق في منبر وكالة السودان للأنباء، إن السكن حق من حقوق الإنسان كفلته الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من التحديات التي تهدد بقاء المتعاملين في سوق العقارات في البلاد، والتي تتمثل في تذبذب سعر الصرف للعملة المحلية مقابل النقد الأجنبي، بجانب زيادة ارتفاع تكاليف التمويل المصرفي، فضلا عن أن القانون لا يسمح بتسجيل مساحة الشقق التي تقل عن 120 مترا مربعا، والقطعة السكنية أقل من 200 متر مربع.
وقال خلوتي إن الصندوق يخطط لتطوير الأحياء القديمة والاستمرار في مشروعات الإسكان الرأسي، مؤكدا على أهمية تعديل قانون الأراضي لعام 1925 حتى يتم تسجيل المباني التي تقل مساحتها عن 200 متر، ليتمكن الصندوق من إنشاء شقق سكنية بمساحات أقل من 120 مترا.
وفيما أقر خلوتي بوجود إشكاليات تجاه الدعم الدولي للإسكان في السودان، وعقبات تواجه سير العمل بالصندوق والمتمثلة في تذبذب أسعار العملات وتآكل متبقي مبلغ أسعار المنزل نتيجة للضخم، قال إن موارد الصندوق تأتي حاليا من عائد السكن الاستثماري، فضلاً عن الأراضي الممنوحة من وزارة التخطيط العمراني بالخرطوم، مشيراً إلى أهمية إيجاد تسهيلات جمركية وإعفاءات لتقليل التكلفة.
وأضاف أن الصندوق نفذ مشروعات السكن الرأسي متعدد الطوابق بعدد من المخططات في العاصمة منها مخططات العودة السكني بسوبا ومنطقة الشهيد عبد الوهاب عثمان بأم درمان، بالإضافة إلى شقق وفلل بأقساط في جميع أنحاء العاصمة.
ودفعت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان منذ بداية العام الماضي، وأدت إلى احتجاجات ضد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، بسبب عدم استقرار صرف الجنيه مقابل الدولار، والارتفاع المتواصل لمواد البناء وانعدام التمويل العقاري، الصندوق القومي للإسكان والتعمير، إلى طرح حلول جديدة لتمويل مشاريع الإسكان، على رأسها إنشاء محافظ مصرفية خاصة بالإسكان وبنك متخصص.
وتم تشكيل آلية نهاية العام الماضي، تضم صناديق الإسكان في الولايات والصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي والبنوك التجارية واتحاد المقاولين وملاك العقارات، وذلك لتأسيس وقيام محافظ مالية خاصة بمشاريع الإسكان، والاهتمام بدراسات تقليل تكلفة مواد البناء، التي تشهد ارتفاعا في الأسعار يوميا، بسبب عدم ثبات سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار.
وأدى هذا الوضع إلى تقليص مشاريع الإسكان التي يطرحها الصندوق القومي للإسكان في بعض ولايات السودان، فمثلا طرح مشروع سكني بولاية سنار يتكون من 500 وحدة سكنية، وبعد مرور شهرين ارتفعت التكلفة بسبب عدم استقرار سعر صرف الجنيه، وتم تخفيض المشروع إلى 300 وحدة سكنية، وحدث الشيء نفسه، فاضطرت إدارة الصندوق إلى طرح 200 وحدة سكنية فقط.
وشهدت الخرطوم خلال العام الماضي ملتقى جامعا لقطاع الإسكان في البلاد، شارك فيه الصندوق القومي للإسكان بولاية الخرطوم بتنظيم الملتقى وتقديم ورقتي عمل حول آفاق وتحديات الإسكان في السودان.
وأوصى المشاركون في الملتقى بإنشاء محافظ للإسكان تضم بنك السودان المركزي والبنوك التجارية وصناديق الإسكان بالولايات، لتمويل مشاريع الإسكان ورفع رأس مال البنك العقاري التجاري الذي يعمل في هذا المجال.
كما أوصى المشاركون بتقديم تسهيلات جديدة لقطاع الإسكان في البلاد، وإعادة إحياء الإعفاءات التي تمنح للصندوق القومي للإسكان، مثل إعفائه مدخلات مشاريع الإسكان من الضرائب والرسوم، وبقية الامتيازات الأخرى مثل تخفيضات الأراضي.
ويعد مشروع إنشاء المحافظ التمويلية هو الحل لهذه المعضلة التي لازمت البلاد طيلة العام الماضي، رغم التسهيلات التي منحتها الدولة للقطاع، وفقاً لعمر سعدان مدير الإعلام في الصندوق القومي لإسكان، الذي بين أن هناك محفظتين للإسكان تم تأسيسهما في ولايتي سنار والنيل الأزرق بجنوب شرقي البلاد، وقد حققت المحفظتان نجاحاً كبيراً رغم التحديات في سعر الصرف.
وأضاف أن مشروع محافظ التمويل قد طرحه الصندوق بمشاركة عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات، ورفع به تقريرا العام الماضي إلى المجلس الوطني (البرلمان) والجهات المعنية الأخرى، مشيرا إلى أن المشروع كان ضمن التوصيات التي صدر بها ملتقى الإسكان الأخير في السودان.
وكشف عمر سعدان عن تحديات ما زالت قائمة في إيجاد التمويل العقاري الدولي لقطاع الإسكان في البلاد، رغم رفع الحصار والعقوبات الأميركية على السودان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، حيث تقدمت شركات عقارات عالمية لتنفيذ مشاريع في السودان، إلا أن عدم مقدرتهم على تحويل أموالهم للخارج قد أعاق الفكرة.
ووجهت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي العام الماضي بنك السودان المركزي بضخ المزيد من الأموال لمشاريع التمويل العقاري في البلاد، وتقديم التسهيلات والضمانات اللازمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى سوق العقارات في السودان، كما وافقت على زيادة رأس مال البنك العقاري ليكون الذراع الرئيسية للصندوق في تمويل مشاريع الإسكان الفئوي وإسكان محدودي الدخل، مشيرا إلى أن بعض هذه التوجيهات لم تنزل إلى أرض الواقع أيضاً.
ويعوّل الصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان على البنوك والمصارف المحلية في توفير التمويل لمشروعات السكن الميسّر لمحدودي الدخل في البلاد، التي أعد لها رؤية تقوم على توفير أنماط متنوعة من السكن، تستوعب رغبات الجميع وإمكاناتهم.
ووافق البنك الإسلامي للتنمية في جدة على تقديم تمويلات كبيرة لمشروعات الإسكان في السودان والإسناد الفني لمشاريع الإسكان واستقطاب خبراء دوليين لدراسة ونقل الخبرات الدولية لقطاع الإسكان في البلاد.
وفي نهاية العام الماضي دعا الصندوق القومي للإسكان البنوك السودانية لتمويل مشروعات إسكان ذوي الدخل المحدود، في إطار المسؤولية الاجتماعية للبنوك، وذلك خلال ملتقى مديري صناديق الإسكان بالولايات الذي استضافته الخرطوم بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيس وقيام الصندوق القومي للإسكان.
ووفقاً لتوصيات المؤتمر ستقوم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي بتوفير الضمانات اللازمة لتمويل مشروعات الإسكان القومي في البلاد، حيث أكد المشاركون في الملتقى من الجهات الرسمية اهتمام الدولة بالإسكان والتوسع في مشروعاته لصالح محدودي الدخل، بجانب الاهتمام بتقنيات البناء الحديثة الملائمة للبيئة وقليلة التكاليف.
وكان السودان قد طرح بداية العام الجاري مشروعات إسكانية لمحدودي الدخل بالعاصمة الخرطوم، للاستثمار والتمويل الدولي. وتقدر هذه المشروعات بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وتأتي ضمن خطة واسعة لتحريك وتطوير برامج الصندوق في الإسكان، التي تتطلب تمويلاً.
وتبحث ولاية الخرطوم حالياً عن قروض وفرص للتمويل الخارجي طويل الأجل لتنفيذ مشروعات إسكان الشرائح المختلفة في المجتمع، خصوصاً الفئات الضعيفة، بجانب ذوي الدخل المحدود، فضلاً عن السعي لتفعيل علاقات السودان الخارجية مع المنظمات ذات الصلة لتوفير الدعم الفني والمالي للإسكان في السودان.
ويصل سعر المتر في بعض المواقع بالخرطوم، البالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة، إلى نحو 1500 دولار، متجاوزاً سعر المتر في أكبر العواصم العالمية مثل لندن. وتقدر حجم الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو مليونين ونصف المليون وحدة سكنية، تعهد الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري «الموصياد»، ببناء وطرح الصندوق القومي للإسكان في السودان رؤية لإسكان ذوي الدخل المحدود، بنظام التقسيط العام الماضي، تقوم على توفير أنماط متنوعة من السكن، تستوعب رغبات وإمكانات الجميع.
وتضم قائمة أنواع السكن، التي يجري العمل على تنفيذها حالياً في مناطق واسعة في المدن السودانية، خصوصاً الخرطوم، التي حظيت بأكثر من 120 ألف وحدة، السكن الشعبي والاقتصادي والاستثماري، وبناء وحدات نموذجية، في شكل سكن ريفي ومنتج وتعاوني وادخاري.



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».