السودان يؤسس شبكة قومية لتوفير السكن لجميع شرائح المجتمع

خطط لتطوير الأحياء القديمة والاستمرار في مشروعات الإسكان الرأسي

يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)
يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)
TT

السودان يؤسس شبكة قومية لتوفير السكن لجميع شرائح المجتمع

يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)
يصل سعر المتر في بعض المواقع بالعاصمة الخرطوم والبالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة إلى نحو 1500 دولار (الشرق الأوسط)

قرر الصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان، تبني مشروع لإنشاء شبكة قومية للمأوى، بمشاركة كل الشركاء والجهات العاملة والناشطة في مجال الإسكان والتعمير بالبلاد من مؤسسات رسمية وقطاع خاص.
ويهدف البرنامج لإحكام التنسيق بين الصندوق والجهات المعنية من أجل إنفاذ سياسات الدولة في هذا الشأن لتوفير المأوى للشرائح المختلفة. واعتمد اجتماع مديري الإدارات بالصندوق الذي عقد أول من أمس بمقر الأمانة العامة للصندوق برئاسة الدكتور غلام الدين عثمان الأمين العام، ضمن برنامج الصندوق للعام 2019، مشروعا آخر لإنشاء مرصد للإسكان لتوفير أي معلومات عن الحاجة وحجم المشروعات السكنية المنفذة والتي قيد التنفيذ والمقترحة.
وأكد الاجتماع أن هذه المشروعات تعتبر من المبادرات والبرامج التي ستساهم في توفير قاعدة بيانات ومعلومات للراغبين والعاملين والباحثين في مجال الإسكان والعقارات، ما يؤثر إيجابا في ترقية وتطوير مشروعات واستثمارات الإسكان.
ووفقاً لعمر سعد مدير الإعلام في الصندوق القومي للإسكان، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن مشروع الشبكة سيعمل على تجميع جهود كل العاملين في قطاع الإسكان في البلاد، من أجل توفير مأوي لك مواطن، وفقا للمشروع القومي للدولة الذي أقرته العام الماضي لتوفير المأوى لجميع شرائح المجتمع السوداني.
وأشار سعدان إلى أن الشبكة الجديدة، ستعمل على ربط مجموعة من الجهات التي تعمل في مشاريع الإسكان في البلاد بما في ذلك المنظمات الدولية التي تعمل في مشاريع التوطين في غرب البلاد.
وأضاف أنه سيتم التنسيق بين هذه الجهات لتحقيق هدف توفير المأوى للجميع، مشيراً إلى أن البلاد عانت كثيراً من تشتت الجهود في مجال الإعمار والإسكان، حتى تعددت الجهات دون أن يكون هناك رابط بينها.
إلى ذلك أعلن صندوق الإسكان والتعمير بولاية الخرطوم أمس عبر مؤتمر صحافي بوكالة السودان للأنباء، عن خططه المستقبلية في مجال السكن الشعبي والاستثماري، وذلك في إطار تنفيذ المأوى للجميع وتوجيه الدولة في هذا المجال. وأعلن الصندوق عن بدء استلام خمسة آلاف وحدة سكنية، موضحا أنه سيتم فتح باب التقديم للسكن الشعبي خلال الفترة المقبلة، كما تم توفير 90 ألف وحدة سكن شعبي واقتصادي بمناطق مختلفة بالولاية.
وقال المهندس مستشار خلواتي الشريف النور، مدير عام الصندوق في منبر وكالة السودان للأنباء، إن السكن حق من حقوق الإنسان كفلته الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من التحديات التي تهدد بقاء المتعاملين في سوق العقارات في البلاد، والتي تتمثل في تذبذب سعر الصرف للعملة المحلية مقابل النقد الأجنبي، بجانب زيادة ارتفاع تكاليف التمويل المصرفي، فضلا عن أن القانون لا يسمح بتسجيل مساحة الشقق التي تقل عن 120 مترا مربعا، والقطعة السكنية أقل من 200 متر مربع.
وقال خلوتي إن الصندوق يخطط لتطوير الأحياء القديمة والاستمرار في مشروعات الإسكان الرأسي، مؤكدا على أهمية تعديل قانون الأراضي لعام 1925 حتى يتم تسجيل المباني التي تقل مساحتها عن 200 متر، ليتمكن الصندوق من إنشاء شقق سكنية بمساحات أقل من 120 مترا.
وفيما أقر خلوتي بوجود إشكاليات تجاه الدعم الدولي للإسكان في السودان، وعقبات تواجه سير العمل بالصندوق والمتمثلة في تذبذب أسعار العملات وتآكل متبقي مبلغ أسعار المنزل نتيجة للضخم، قال إن موارد الصندوق تأتي حاليا من عائد السكن الاستثماري، فضلاً عن الأراضي الممنوحة من وزارة التخطيط العمراني بالخرطوم، مشيراً إلى أهمية إيجاد تسهيلات جمركية وإعفاءات لتقليل التكلفة.
وأضاف أن الصندوق نفذ مشروعات السكن الرأسي متعدد الطوابق بعدد من المخططات في العاصمة منها مخططات العودة السكني بسوبا ومنطقة الشهيد عبد الوهاب عثمان بأم درمان، بالإضافة إلى شقق وفلل بأقساط في جميع أنحاء العاصمة.
ودفعت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان منذ بداية العام الماضي، وأدت إلى احتجاجات ضد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، بسبب عدم استقرار صرف الجنيه مقابل الدولار، والارتفاع المتواصل لمواد البناء وانعدام التمويل العقاري، الصندوق القومي للإسكان والتعمير، إلى طرح حلول جديدة لتمويل مشاريع الإسكان، على رأسها إنشاء محافظ مصرفية خاصة بالإسكان وبنك متخصص.
وتم تشكيل آلية نهاية العام الماضي، تضم صناديق الإسكان في الولايات والصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي والبنوك التجارية واتحاد المقاولين وملاك العقارات، وذلك لتأسيس وقيام محافظ مالية خاصة بمشاريع الإسكان، والاهتمام بدراسات تقليل تكلفة مواد البناء، التي تشهد ارتفاعا في الأسعار يوميا، بسبب عدم ثبات سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار.
وأدى هذا الوضع إلى تقليص مشاريع الإسكان التي يطرحها الصندوق القومي للإسكان في بعض ولايات السودان، فمثلا طرح مشروع سكني بولاية سنار يتكون من 500 وحدة سكنية، وبعد مرور شهرين ارتفعت التكلفة بسبب عدم استقرار سعر صرف الجنيه، وتم تخفيض المشروع إلى 300 وحدة سكنية، وحدث الشيء نفسه، فاضطرت إدارة الصندوق إلى طرح 200 وحدة سكنية فقط.
وشهدت الخرطوم خلال العام الماضي ملتقى جامعا لقطاع الإسكان في البلاد، شارك فيه الصندوق القومي للإسكان بولاية الخرطوم بتنظيم الملتقى وتقديم ورقتي عمل حول آفاق وتحديات الإسكان في السودان.
وأوصى المشاركون في الملتقى بإنشاء محافظ للإسكان تضم بنك السودان المركزي والبنوك التجارية وصناديق الإسكان بالولايات، لتمويل مشاريع الإسكان ورفع رأس مال البنك العقاري التجاري الذي يعمل في هذا المجال.
كما أوصى المشاركون بتقديم تسهيلات جديدة لقطاع الإسكان في البلاد، وإعادة إحياء الإعفاءات التي تمنح للصندوق القومي للإسكان، مثل إعفائه مدخلات مشاريع الإسكان من الضرائب والرسوم، وبقية الامتيازات الأخرى مثل تخفيضات الأراضي.
ويعد مشروع إنشاء المحافظ التمويلية هو الحل لهذه المعضلة التي لازمت البلاد طيلة العام الماضي، رغم التسهيلات التي منحتها الدولة للقطاع، وفقاً لعمر سعدان مدير الإعلام في الصندوق القومي لإسكان، الذي بين أن هناك محفظتين للإسكان تم تأسيسهما في ولايتي سنار والنيل الأزرق بجنوب شرقي البلاد، وقد حققت المحفظتان نجاحاً كبيراً رغم التحديات في سعر الصرف.
وأضاف أن مشروع محافظ التمويل قد طرحه الصندوق بمشاركة عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات، ورفع به تقريرا العام الماضي إلى المجلس الوطني (البرلمان) والجهات المعنية الأخرى، مشيرا إلى أن المشروع كان ضمن التوصيات التي صدر بها ملتقى الإسكان الأخير في السودان.
وكشف عمر سعدان عن تحديات ما زالت قائمة في إيجاد التمويل العقاري الدولي لقطاع الإسكان في البلاد، رغم رفع الحصار والعقوبات الأميركية على السودان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، حيث تقدمت شركات عقارات عالمية لتنفيذ مشاريع في السودان، إلا أن عدم مقدرتهم على تحويل أموالهم للخارج قد أعاق الفكرة.
ووجهت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي العام الماضي بنك السودان المركزي بضخ المزيد من الأموال لمشاريع التمويل العقاري في البلاد، وتقديم التسهيلات والضمانات اللازمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى سوق العقارات في السودان، كما وافقت على زيادة رأس مال البنك العقاري ليكون الذراع الرئيسية للصندوق في تمويل مشاريع الإسكان الفئوي وإسكان محدودي الدخل، مشيرا إلى أن بعض هذه التوجيهات لم تنزل إلى أرض الواقع أيضاً.
ويعوّل الصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان على البنوك والمصارف المحلية في توفير التمويل لمشروعات السكن الميسّر لمحدودي الدخل في البلاد، التي أعد لها رؤية تقوم على توفير أنماط متنوعة من السكن، تستوعب رغبات الجميع وإمكاناتهم.
ووافق البنك الإسلامي للتنمية في جدة على تقديم تمويلات كبيرة لمشروعات الإسكان في السودان والإسناد الفني لمشاريع الإسكان واستقطاب خبراء دوليين لدراسة ونقل الخبرات الدولية لقطاع الإسكان في البلاد.
وفي نهاية العام الماضي دعا الصندوق القومي للإسكان البنوك السودانية لتمويل مشروعات إسكان ذوي الدخل المحدود، في إطار المسؤولية الاجتماعية للبنوك، وذلك خلال ملتقى مديري صناديق الإسكان بالولايات الذي استضافته الخرطوم بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيس وقيام الصندوق القومي للإسكان.
ووفقاً لتوصيات المؤتمر ستقوم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي بتوفير الضمانات اللازمة لتمويل مشروعات الإسكان القومي في البلاد، حيث أكد المشاركون في الملتقى من الجهات الرسمية اهتمام الدولة بالإسكان والتوسع في مشروعاته لصالح محدودي الدخل، بجانب الاهتمام بتقنيات البناء الحديثة الملائمة للبيئة وقليلة التكاليف.
وكان السودان قد طرح بداية العام الجاري مشروعات إسكانية لمحدودي الدخل بالعاصمة الخرطوم، للاستثمار والتمويل الدولي. وتقدر هذه المشروعات بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وتأتي ضمن خطة واسعة لتحريك وتطوير برامج الصندوق في الإسكان، التي تتطلب تمويلاً.
وتبحث ولاية الخرطوم حالياً عن قروض وفرص للتمويل الخارجي طويل الأجل لتنفيذ مشروعات إسكان الشرائح المختلفة في المجتمع، خصوصاً الفئات الضعيفة، بجانب ذوي الدخل المحدود، فضلاً عن السعي لتفعيل علاقات السودان الخارجية مع المنظمات ذات الصلة لتوفير الدعم الفني والمالي للإسكان في السودان.
ويصل سعر المتر في بعض المواقع بالخرطوم، البالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة، إلى نحو 1500 دولار، متجاوزاً سعر المتر في أكبر العواصم العالمية مثل لندن. وتقدر حجم الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو مليونين ونصف المليون وحدة سكنية، تعهد الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري «الموصياد»، ببناء وطرح الصندوق القومي للإسكان في السودان رؤية لإسكان ذوي الدخل المحدود، بنظام التقسيط العام الماضي، تقوم على توفير أنماط متنوعة من السكن، تستوعب رغبات وإمكانات الجميع.
وتضم قائمة أنواع السكن، التي يجري العمل على تنفيذها حالياً في مناطق واسعة في المدن السودانية، خصوصاً الخرطوم، التي حظيت بأكثر من 120 ألف وحدة، السكن الشعبي والاقتصادي والاستثماري، وبناء وحدات نموذجية، في شكل سكن ريفي ومنتج وتعاوني وادخاري.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»