إسبانيا: التصعيد بين الحكومة واليمين يفتح الأبواب لانتخابات مبكرة

رئيس الوزراء الأسبق أجرى لقاءات مع ستيف بانون

صورة أرشيفية لنائب رئيس إقليم كاتالونيا أوريول يونكيراس بعد التصويت على الاستقلال (أ.ب)
صورة أرشيفية لنائب رئيس إقليم كاتالونيا أوريول يونكيراس بعد التصويت على الاستقلال (أ.ب)
TT

إسبانيا: التصعيد بين الحكومة واليمين يفتح الأبواب لانتخابات مبكرة

صورة أرشيفية لنائب رئيس إقليم كاتالونيا أوريول يونكيراس بعد التصويت على الاستقلال (أ.ب)
صورة أرشيفية لنائب رئيس إقليم كاتالونيا أوريول يونكيراس بعد التصويت على الاستقلال (أ.ب)

بعد قطع خيوط الحوار مع الانفصاليين الكاتالونيين وعشية بدء النقاش البرلماني للموازنة والمحاكمة المنتظرة لقادة الحركة الاستقلالية، يقف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أمام مفترق حاسم لا يُستبعد أن يفضي به إلى حلّ البرلمان والدعوة إلى إجراء انتخابات مسبقة بالتزامن مع الانتخابات الأوروبية أواخر شهر مايو (أيار) المقبل.
وتقول أوساط قريبة من رئيس الحكومة إن المظاهرة ضد محادثات الحكومة مع انفصاليين كاتالونيين، التي نظّمتها ثلاثة أحزاب يمينية أول من أمس (الأحد)، وشارك فيها رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مانويل فالس، المرشّح لرئاسة بلدية برشلونة، قد تدفع الانفصاليين إلى إعادة النظر في موقفهم الرافض لمشروع الموارنة، علماً بأن اليمين توعّد في حال عودته إلى الحكم، بتفعيل المادة 155 من الدستور بشكل دائم وتعليق الحكم الذاتي في كاتالونيا.
لكنّ قراءة الانفصاليين لمظاهرة القوى اليمينية تذهب في الاتجاه المعاكس لقراءة الحكومة، التي يتفقون مع تقييمها بأن المظاهرة أخفقت في تحقيق أهدافها خصوصاً بالنسبة إلى عدد المشاركين فيها. ويعتبرون أن موقف سانشيز قد تعزّز، مما يتيح له أن يعود إلى طاولة المفاوضات بعرض أفضل بعد الإنذار الذي وجّهه يوم الجمعة الماضي معلناً نهاية الحوار، ورفض الشروط التي وضعتها الحكومة الإقليمية.
الحكومة من جهتها تدرك أن وقوف الانفصاليين إلى جانب الأحزاب اليمينية في البرلمان للتصويت ضد مشروع الموازنة فيه قدر كبير من الإحراج لهم، وتتوقّع أن يَعْدلوا عن الرفض في اللحظة الأخيرة. وتقول أوساط مقرّبة من رئاسة الحكومة إن سانشيز قد حسم أمره من موضوع العودة إلى طاولة المفاوضات مصرّاً على حصرها، اعتباراً من الآن، حول طاولة تضمّ كل الأحزاب في حوار مفتوح من أجل التوصّل إلى حلول للمشكلة الكاتالونية.
ويسعى سانشيز إلى الوقوف في منزلة بين المنزلتين: اليمين الذي يبدو موحّداً حول خطاب واحد يرفض التفاوض والحوار بشأن كاتالونيا، والانفصاليون الذين يصرّون على حزمة مطالبهم وفي مقدّمها حق تقرير المصير الذي يعرفون أنه ليس في مقدور سانشيز أن يقبل به.
إزاء هذا المشهد الذي ينذر بصدام مباشر في حال سقوط مشروع الموازنة في البرلمان، تستعدّ الحكومة لحملة انتخابية طويلة في حال رجحت فكرة إجراء الانتخابات العامة المسبقة مع الانتخابات الإقليمية والأوروبية.
وتفيد مصادر بأن الرئيس السابق للحكومة الإقليمية في كاتالونيا كارليس بوتشيمون، الذي ما زال فارّاً من العدالة، كان يتابع المظاهرة اليمينية عن كثب وقال في نهايتها «إن المنتصر كان بيدرو سانشيز»، ليس فقط على خصومه في المعارضة، بل أيضاً على الجناح الذي ينتقده داخل حزبه بسبب التنازلات التي قدّمها في حواره مع القوى الانفصالية. ولا يستبعد مقرّبون من بوتشيمون أن يعدّل سانشيز في موقفه ويفتح الباب أمام العودة إلى المفاوضات، خشية تحرّك واسع للقواعد الشعبية في كاتالونيا مع سير محاكمة القادة الانفصاليين التي تبدأ اليوم في مدريد وبرشلونة.
وفيما تناور القوى الانفصالية في كاتالونيا ضمن مشهد محصور داخل إبعاد المشروع الاستقلالي، فإن سانشيز يجد نفسه مضطراً إلى التحرّك أيضاً في وجه مشروع يميني يقلق معظم العواصم الأوروبية. فالمظاهرة التي شهدتها مدريد يوم الأحد الماضي كانت تحمل دمغة الحركات الشعبوية واليمينية المتطرفة التي تتمدد بسرعة على صهوة وسائل التواصل الاجتماعي وتحاصر المشروع الأوروبي من الداخل، والكثير من الشعارات التي رفعها المتظاهرون والاتهامات التي تضمّنها البيان الاحتجاجي عارية عن الصحة، وتذكّر بالأسلوب الذي تتبعه القوى والأحزاب المماثلة في إيطاليا وفرنسا والمجر.
وتفيد معلومات صحافية تناقلها بعض وسائل الإعلام الإسبانية، بأن رئيس الوزراء الإسباني الأسبق، اليميني خوسيه ماريّا آزنار، الذي انكفأ عن الظهور في المشهد السياسي خلال فترة حكم ماريانو راخوي ثم عاد ليدفع بالحزب الشعبي وقيادته الجديدة نحو مواقف يمينية متشددة، يُجري لقاءات متواصلة مع ستيف بانون الذي كان الساعد الأيمن للرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال حملته الانتخابية والأشهر الأولى من ولايته، والذي يعد العرّاب العالمي لنهضة الأحزاب والقوى اليمينية المتطرفة والشعبوية.
وتجدر الإشارة إلى أن بانون، الذي يُمضي معظم وقته في أوروبا مؤخراً، يقف وراء الجهود التي تُبذل لتشكيل جبهة يمينية وشعبوية تخوض الانتخابات الأوروبية المقبلة تحت قائمة موحّدة يُنتظر أن يُعلن عنها قريباً.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.