{تفهم} إيراني للتريث اللبناني في الرد على عروض التعاون

TT

{تفهم} إيراني للتريث اللبناني في الرد على عروض التعاون

أصغى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لمحدثيه الرسميين اللبنانيين، متفهماً تريثهم فيما عرضه عليهم من استعداد بلاده لتقديم المساعدات في مجالات متنوعة تشمل ليس فقط العسكري منها بل أيضاً الخدمات والبناء والطاقة، ذلك أن فريقاً سياسياً وازناً لا يؤيد بلاده في دعمها لفريق سياسي وصاحب قوة عسكرية لا يستهان بها، والتي يعتبرها هذا الفريق خصماً له.
هذا ما لخصه مسؤولون شاركوا في اللقاءات التي أجراها ظريف على مدى يومين، أولاً مع ممثلين عن الأحزاب والتنظيمات اللبنانية والفلسطينية بعد وصوله بقليل إلى بيروت أول من أمس الأحد آتياً من طهران على متن طائرة خاصة، وثانيا خلال لقاءاته الرسمية مع الرؤساء الثلاثة، وجلسة عمل عقدها مع نظيره جبران باسيل في قصر بسترس أمس الاثنين، واستكملها حول مائدة غداء أقامها باسيل تكريماً لضيفه.
وأوضحت مصادر المشاركين في اللقاءات لـ«الشرق الأوسط» أن المسؤول الإيراني جدّد للرئيس ميشال عون الدعوة الرسمية من الرئيس حسن روحاني لزيارة إيران للمرة الثالثة آملاً بتلبيتها في وقت قريب. وأثنى على حكمته التي أدت إلى التوصل إلى ولادة الحكومة. وشدّد على تصميم بلاده على إقامة أفضل العلاقات مع لبنان بشكل رسمي ومع جميع أطياف المجتمع اللبناني.
وشكر ظريف وقوف لبنان إلى جانب بلاده في الصعوبات التي تتعرّض لها. وأبدى استعداد بلاده للتعاون مع لبنان رغم كل الموانع الدولية بتقديم كل المساعدات في المجالات العسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والطاقة والصحة والإعمار دون الدخول بتفاصيل محددة.
وأكد الموفد الإيراني أن بلاده حريصة على «عدم إحراج لبنان أو تعريضه لأي ضيق، ومن أجل تحقيق ذلك يمكن اعتماد أسلوب مشابه للآلية المعتمدة للاتحاد الأوروبي بإرساء علاقات اقتصادية». ونقل إلى المسؤولين الذين التقاهم تأييد بلاده إلى برنامج عودة النازحين السوريين إلى ديارهم.
وتجنّب ظريف الإجابة بشكل دقيق ما إذا كانت طهران على استعداد بأن تسلم الجيش اللبناني منظومة الدفاع الجوي في حال طلبت القيادة السياسية ذلك. وكرّر في بعبدا وعين التينة والسراي موقف بلاده لجهة الدعم العسكري في حال طلب ذلك.
وأبدى باسيل استعداد لبنان للتعاون الاقتصادي مع إيران شرط ألا يتعارض ذلك مع القوانين الدولية.
وجرى عرض لما آلت إليه الاتصالات الجارية بشأن الحل السياسي للأزمة السورية.
ولوحظ أن ظريف كان يوافق ويثني على ما يقوله باسيل في المؤتمر الصحافي، ولم يخف اغتباطه عندما أعلن أن لبنان اعتذر عن الاشتراك في مؤتمر وارسو الذي تنظمه الولايات المتحدة الأميركية لاتخاذ موقف من إيران وسياساتها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».