موافقة إسرائيلية غير مسبوقة لشرعنة الاستيطان على الأراضي المنهوبة

TT

موافقة إسرائيلية غير مسبوقة لشرعنة الاستيطان على الأراضي المنهوبة

أعلن مندوب الحكومة الإسرائيلية للمحكمة العليا في القدس الغربية، أن السلطات المختصة لديه تعتزم منح الشرعية القانونية قريباً للمباني التي شيّدها مستوطنون يهود على أراضٍ بملكية فلسطينية خاصة وجرى إلحاقها بمستوطنة «عاليه زهاف»، الواقعة شمال غربي رام الله في الضفة الغربية.
وقالت مصادر قضائية إن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، الذي كان يعارض هذه الخطوة أعطى موافقته عليها أخيراً وصادق على نظام غير مسبوق من أجل منح الشرعية لهذه المباني في المستوطنة، رغم أنها بنيت من دون تصاريح البناء التي ينص عليها القانون. وبحسب النظام الجديد، فإنه بإمكان سلطات الاحتلال «إضفاء صبغة قانونية» على بناء غير مرخص في المستوطنات بعد إتمام البناء على أرض بملكية فلسطينية خاصة «إذا تم ذلك بنوايا طيبة (!!) وتم إعطاء هذه الأرض (للمستوطنين) بعدما اعتبرت خطأ أنها أراضي دولة».
وتزعم «الإدارة المدنية» التابعة للجيش الإسرائيلي بأن مساحات عديدة من الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة، ألحقت بمستوطنة «عاليه زهاف»، إلى جانب أراضٍ أخرى في أنحاء الضفة الغربية، اعتبرت «أراضي دولة» بموجب «خرائط قديمة» استندت إلى وسائل تكنولوجية قديمة. وبحسب المصدر، يعمل طاقم في «خط أزرق»، في «الإدارة المدنية»، على إعادة التدقيق في أراضٍ جرى الإعلان عنها أنها «أراضي دولة» ويقوم «بتصحيح» حدود هذه الأراضي التي بملكية فلسطينية خاصة. ومن بين هذه الأراضي توجد قطع عديدة بملكية فلسطينية خاصة تم إلحاقها بمستوطنة «عاليه زهاف». وتشير تقديرات وزارة القضاء الإسرائيلية و«الإدارة المدنية» إلى أنه مقام في هذه الأراضي، التي نهبها المستوطنون، نحو ألفي مبنى جرى بناؤها دون تصاريح بناء.
وتدعي سلطات الاحتلال والمستوطنون أن هذا الأمر اكتشف في عام 2016. رغم أن تقارير عديدة تحدثت طوال سنوات طويلة مضت عن البناء الاستيطاني في أراضٍ بملكية فلسطينية خاصة. لكن في هذه الأثناء، قدمت مجموعة مستوطنين في «عاليه زهاف» دعوى قضائية ضد شركة المقاولات «هاري زهاف» ووزارة الأمن الإسرائيلية والهستدروت الصهيونية العالمية، وهي الجهات التي سربت الأراضي للمستوطنين، وأشاروا في الدعوى إلى أنهم اشتروا الأراضي التي أقيم عليها بناء غير مرخص.
وكانت حكومة بنيامين نتنياهو قد أعلنت، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنها ستحاول منح الشرعية لهذه الأراضي بمنحها تصاريح بناء، من خلال تجاهل أصحاب الأراضي الفلسطينيين. وساهم في ذلك جهاز القضاء الإسرائيلي، بأن سمح لحكومة الاحتلال بالشروع في هذا الإجراء وتجميد مداولات المحكمة في الدعوى التي قدمها المستوطنون. وادعت المصادر القضائية أن هذا النظام الجديد يستند إلى البند الخامس من «الأمر بشأن أملاك الدولة - يهودا والسامرة» وهو أمر عسكري صادر في عام 1967. ويقضي هذا النظام بأن «أي صفقة جرى إبرامها بشكل بريء بين جهة مسؤولة وبين شخص آخر حول أي عقار اعتقد المسؤول أثناء إبرام الصفقة أنه ملك حكومي، لا تُلغى وتكون سارية حتى لو ثبت أن العقار لم يكن في حينه ملكاً حكومياً». ويعني ذلك أنه إذا اعتقدت الجهة المسؤولة، أي إدارة الاحتلال المدنية في هذه الحالة، أثناء إبرام الصفقة أن الحديث يدور عن «أراضي دولة»، لدى تسريب الأراضي التي نُهبت من أصحابها الفلسطينيين، فإنه سيكون بالإمكان البناء فيها للمستوطنين حتى لو تبين لاحقاً أنها لم تكن تحت سيطرة «الإدارة المدنية».
وقد عقب المحامي علاء محاجنة، الذي يمثل فلسطينيين من أصحاب الأراضي في المنطقة، على ذلك بقوله، إنه «حتى من دون استخدام قانون التسوية المذموم، تواصل الدولة إيجاد الطريق والاستعانة بممارسات أخرى تحقق الهدف ذاته، وتمنح ختماً قانونياً لعملية النهب ضد سكان محميين بموجب القانون الدولي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».