مسؤولون فلسطينيون: واشنطن تهدد بنوكاً لمنع أي تحويلات مالية

المالكي: نبحث عن بدائل مناسبة للرد على هذه الإجراءات العقابية

TT

مسؤولون فلسطينيون: واشنطن تهدد بنوكاً لمنع أي تحويلات مالية

قال مسؤولون فلسطينيون إن الولايات المتحدة تضغط على دول عربية وتهدد بنوكاً ومؤسسات دولية، لمنع تقديم أي دعم مالي أو تحويلات مالية للسلطة، موضحين أنهم يتوقعون صعوبات مالية في الفترة المقبلة في ظل تقاطع هذه الإجراءات مع أخرى إسرائيلية.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن «الولايات المتحدة الأميركية تضغط على الدول العربية بكل الوسائل تجاه وقف الدعم المالي عن شعبنا». وأضاف المالكي في تصريح للإذاعة الرسمية الفلسطينية: «القيادة تتابع هذه المحاولات الأميركية الجديدة لفرض حصار مالي على شعبنا، وتبحث عن خطوات قانونية لرفع دعاوى على الولايات المتحدة ضد كل هذه الخطوات غير القانونية». وأكد المالكي أن السلطة مستمرة في محاولات البحث عن بدائل مالية مناسبة للرد على هذه الإجراءات العقابية الأميركية. ولم يوضح طبيعة هذه الإجراءات، لكنّ مسؤولين آخرين تحدثوا عن تهديدات للبنوك وقطع الطريق على حوالات مالية.
وقال مدير المكتب الإعلامي لحركة فتح منير الجاغوب، إن الولايات المتحدة هددت البنوك للتوقف عن قبول أي تحويلات مالية للسلطة الفلسطينية. واتهم الجاغوب في بيان «الولايات المتحدة وإسرائيل» بتشديد «هجومهما على فلسطين، هذه المرة من خلال تشديد الحصار المالي».
وأضاف: «ها هي أميركا تهدد البنوك لكي تمتنع عن قبول أي تحويلات مالية للسلطة الوطنية الفلسطينية، فيما تستعد إسرائيل من جانبها لمصادرة أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها حسب اتفاق باريس الاقتصادي وهي حق فلسطيني وليست منّة من أحد».
وأرجع الجاغوب تشديد الحصار المالي الأميركي الإسرائيلي إلى رفض الفلسطينيين «الانصياع لما يحاولون فرضه على شعبنا من خطط ومشاريع لا هدف لها سوى تصفية القضية الفلسطينية».
وتابع: «عندما اتخذنا قرارنا برفض صفقة القرن، كنا على يقين أن أميركا وإسرائيل ستستخدمان كل ما لديهما من وسائل الضغط والترهيب لمحاولة ثنينا عن موقفنا». وأكد الجاغوب أن السلطة الفلسطينية لن تتراجع عن الموقف الرافض لصفقة القرن على الرغم من إدراكها ما تواجهه من صعوبات.
وكانت الولايات المتحدة قد قطعت كل دعم مالي للفلسطينيين هذا العام بقيمة تبلغ أكثر من 800 مليون دولار سنوياً، لكنها ضغطت أيضاً من أجل وقف أي دعم آخر.
وأكد كبير المفاوضين الفلسطينيين وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أن مؤسسات مالية دولية بدأت بفرض حصار مالي مشدد على السلطة الفلسطينية. وقال عريقات «إن الحصار المالي أتى بطلب أميركي». وأوضح عريقات أن «واشنطن طلبت وقف تقديم أي مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية»، و«أصدرت تعميماً على البنوك بعدم استقبال أي حوالات إلى حسابات السلطة الفلسطينية».
ونجحت واشنطن، حسب المسؤولين الفلسطينيين، في منع تحويل مبلغ 10 ملايين دولار قدمت من العراق للسلطة.
وكان العراق قد سلم جامعة الدول العربية هذا المبلغ، لكن الجامعة لم تستطع تحويله بسبب رفض البنوك ذلك.
وجاءت الخطوات الأميركية متقاطعة مع قرار إسرائيلي للبدء بحسم مبالغ طائلة من قيمة المقاصة التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه سيبدأ بتنفيذ قانون خصم فاتورة رواتب الأسرى والشهداء من أموال المقاصة قائلاً: «أوضّح للجميع أنه سيتم تقليص الأموال دون شك». وأكد وزير المالية «الإسرائيلي» موشيه كحلون، أن وزارة المالية «الإسرائيلية» جاهزة لاستقطاع رواتب «المعتقلين وقتلى» فلسطينيين. وقال كحلون: «إن استقطاع تلك الرواتب من عائدات السلطة الفلسطينية هو أمر صائب وصحيح». وأضاف: «في اللحظة التي يتم فيها اتخاذ القرار من قبل (الكابنيت) لاستقطاع تلك الأموال ستقوم وزارة المالية باستقطاع الرواتب بضغطة زر».
ويُفترض أن يجتمع المجلس السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر «الكابنيت» مطلع الأسبوع القادم، للمصادقة على اقتطاع جزء من أموال الضرائب التي تنقلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، كنوع من العقاب على استمرارها في دفع رواتب لعائلات مقاتلين وللأسرى.
وتقول إسرائيل إن السلطة تحوّل للأسرى وعائلات «الشهداء» أكثر من 1.2 مليار شيكل إسرائيلي سنوياً (الدولار 3.60 شيكل). وتحوّل إسرائيل للسلطة ما بين 130 إلى 180 مليون دولار شهرياً من الرسوم الجمركية على البضائع التي تدخل السوق الفلسطينية، مقابل نسبة محددة.
وتشكل هذه الأموال مصدر دخل كبير للسلطة وتمكنها من تدبير أمرها. ونقلت السلطة رسالة لإسرائيل بأنها لن تتسلم دولاراً واحداً إذا خصمت إسرائيل أي أموال. وقال وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، حسين الشيخ، إنه نقل، بطلب من الرئيس عباس، رسالة رسمية إلى إسرائيل تؤكد رفض السلطة الفلسطينية تسلم أموال الجباية إذا قامت إسرائيل بالخصم منها. وحمّل الشيخ الولايات المتحدة المسؤولية عن تشديد الحصار المالي على السلطة.
وقال الشيخ إن «القرارين الأميركي والإسرائيلي يأتيان في إطار محاولة تركيع القيادة وإرغامها على القبول بصفقة القرن كي يتسنى أولاً الإعلان عنها، وثانياً فتح الطريق أمام تعريبها، والشروع في عملية تطبيع عربي مع إسرائيل من دون أي مقابل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».