الحكومة اليمنية تشدد على «التنفيذ المتكامل» لاتفاق السويد

غريفيث في صنعاء مجدداً لدعم الخطة الأممية لإعادة الانتشار بالحديدة

رئيس هيئة الأركان اليمنية عبد الله النخعي لدى تفقده المؤسسة الاقتصادية في عدن أمس (سبأ)
رئيس هيئة الأركان اليمنية عبد الله النخعي لدى تفقده المؤسسة الاقتصادية في عدن أمس (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية تشدد على «التنفيذ المتكامل» لاتفاق السويد

رئيس هيئة الأركان اليمنية عبد الله النخعي لدى تفقده المؤسسة الاقتصادية في عدن أمس (سبأ)
رئيس هيئة الأركان اليمنية عبد الله النخعي لدى تفقده المؤسسة الاقتصادية في عدن أمس (سبأ)

رفض مصدر حكومي يمني أي مساعٍ لتجزئة مسارات تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالانسحاب الحوثي من مدينة الحديدة وموانئها، وذلك في أول تعليق على تصريحات الجنرال الدنماركي رئيس لجنة إعادة تنسيق إعادة الانتشار مايكل لوليسغارد بشأن خطته التي قال إنها تهدف إلى فتح ممرات آمنة ونشر قوات دولية. وشدد المصدر الحكومي، مفضلاً عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» على أن أي خطة يجب أن تكون متكاملة وغير مجزأة، وأن تشمل جداول زمنية محددة لتنفيذ إعادة الانتشار والانسحاب الحوثي من المدينة ومن الموانئ الثلاثة، إلى جانب الخطة الخاصة بتسلم المؤسسات الحكومية والموانئ ونشر قوات الأمن المحلية التابعة للحكومة الشرعية.
وكان لوليسغارد رافق ممثلي الجانب الحكومي إلى عدن على متن السفينة الأممية التي شهدت اجتماعات الجولة الثالثة من المشاورات بشأن إيجاد آليات لتنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة، قبل أن يلتقي رئيس هيئة أركان الجيش اليمني ويطرح عليه خطته المبدئية بشأن إنشاء الممرات الآمنة. وانفضت اجتماعات الجولة الثالثة الخميس الماضي قبل أن تعلن الأمم المتحدة عن اتفاق ممثلي الحوثيين والحكومة الشرعية على ما وصفتها بـ«تسوية مبدئية» بشأن إعادة الانتشار، وهو ما نفاه لاحقا أعضاء في الوفد الحكومي، مشيرين إلى أن ما تم تحقيقه مجرد مقترح مبدئي لا يزال خاضعا للنقاش.
في غضون ذلك، رجحت مصادر أممية أن يقوم المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث بزيارة اليوم الاثنين إلى صنعاء لمقابلة القيادات الحوثية. وتوقعت المصادر أن تكون هذه اللقاءات بحضور الجنرال لوليسغارد في سياق السعي لإقناع قادة الجماعة بالخطة الأممية لتنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة. ويرجح مراقبون يمنيون أن يسعى غريفيث إلى استدراج الجماعة الحوثية إلى تنفيذ اتفاق السويد، لتحقيق اختراق فعلي في هذا الملف إلى جانب ملف تبادل إطلاق الأسرى والمعتقلين وجثامين القتلى، الذي لا يزال الاتفاق النهائي بشأنه يراوح في مكانه منذ انتهاء الاجتماعات في العاصمة الأردنية عمّان الأسبوع الماضي. ورغم مضي نحو 8 أسابيع منذ توقيع اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية وانتهاء المدة التي كانت مقررة لتنفيذ الاتفاق بشأن الانسحاب من الحديدة وموانئها، فإن المساعي الأممية لم تتوقف أملا في إنقاذ الاتفاق من الانهيار.
وأبدت الحكومة اليمنية غير مرة استياءها مما وصفته بـ«التراخي والتساهل الأممي» مع الجماعة الحوثية لجهة عدم الضغط الكافي عليها من أجل تنفيذ الاتفاق واحترام الجداول الزمنية ودفعها إلى الكف عن الاستمرار في خروق وقف إطلاق النار وتصعيد الوضع الميداني في مختلف مناطق الحديدة.
ويفترض أن يقود اتفاق السويد إلى الانسحاب الحوثي من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى)، وأن يتم إنهاء المظاهر المسلحة في المدينة، وفتح الطرق وإزالة الحواجز العسكرية الحوثية، تحت إشراف الأمم المتحدة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية الآتية من ميناء الحديدة باتجاه مختلف المناطق. ورفضت الجماعة الحوثية أكثر من مرة الموافقة على فتح الطرق أمام المساعدات الإنسانية لا سيما طريق «كيلو16» جنوب شرقي المدينة، كما أقدمت ميليشياتها على استهداف مخازن القمح في «مطاحن البحر الأحمر» أكثر من مرة بقذائف الـ«هاون».
وكان وزير الخارجية اليمني خالد اليماني طالب في أحدث تغريدة له على «تويتر» المجتمع الدولي بممارسة أقصى مستويات الضغط على الحوثيين للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وإنهاء حصارهم على اليمنيين؛ بما في ذلك تعز، والالتزام بواجبات السلام. وعدّ وزير الخارجية اليمني أن بيان مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، الذي أكد فيه عرقلة الحوثيين وصول الأمم المتحدة إلى «مطاحن البحر الأحمر»، دليلا آخر على استغلال الحوثيين الوضع الإنساني لتحقيق مكاسب سياسية. وأكد لوكوك في بيانه سالف الذكر يوم الخميس الماضي أن الميليشيات الحوثية رفضت السماح للأمم المتحدة بعبور الخطوط الأمامية إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة للوصول إلى «مطاحن البحر الأحمر» في الحديدة. وأعرب عن القلق البالغ بشأن عدم قدرة الأمم المتحدة، منذ سبتمبر (أيلول) 2018، على الوصول إلى المطاحن التي توجد بها حبوب تكفي لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر. وقال إن كميات الحبوب مخزنة في صوامع بـ«مطاحن البحر الأحمر» منذ أكثر من 4 أشهر وقد تتعرض للتلف، فيما يشرف نحو 10 ملايين شخص في أنحاء اليمن على المجاعة. كما أشار إلى أن صومعتين تعرضتا الشهر الماضي للقصف بقذائف «هاون» سقطت في مجمع المطاحن الموجود بمنطقة تسيطر عليها حكومة اليمن؛ إذ دمرت النيران، الناجمة عن القصف، كمية من الحبوب يُرجح أنها تكفي لإطعام مئات الآلاف لمدة شهر.
وفي حين لا يتوقع كثير من المراقبين تحقيق أي تقدم سريع في تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة وإعادة الانتشار، فإنهم يأملون في أن تتواصل الجهود الأممية لإحراز اتفاق نهائي على القوائم النهائية للأسرى والمعتقلين الذين سيتم تبادل إطلاق سراحهم بين الجماعة الحوثية والحكومة الشرعية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.