بوتفليقة يعلن ترشحه لولاية خامسة

في «رسالة» تضمنت احتمال تعديل الدستور الجزائري

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء التصويت في الانتخابات السابقة (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء التصويت في الانتخابات السابقة (أ.ف.ب)
TT

بوتفليقة يعلن ترشحه لولاية خامسة

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء التصويت في الانتخابات السابقة (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء التصويت في الانتخابات السابقة (أ.ف.ب)

«استجابة لكل المناشدات والدعوات، ولأجل الاستمرار في أداء الواجب الأسمى، أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية لشهر نيسان (أبريل) المقبل»... بهذا توجه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، عبر «رسالة»، إلى الجزائريين أمس، مؤكداً ما يجري تداوله في الإعلام، منذ أسابيع، بشأن تمديد حكمه لفترة خامسة. وأعلن بالمناسبة عن تنظيم «ندوة وطنية» قبل نهاية العام، وعن احتمال تعديل الدستور.
ونشرت وكالة الأنباء الحكومية «الرسالة»، وهي بمثابة حصيلة لـ20 سنة من الحكم، وتناول فيها «إنجازاته» في مجالات استعادة الأمن والاستقرار، بعد سنوات طويلة من الصراع ضد الإرهاب، وفي مجال الاقتصاد الذي يعتقد خبراء أنه أكبر فشل يسجل في حكم الرئيس، على أساس أن القدرات المالية للبلاد أضحت تابعة أكثر من أي وقت مضى للنفط.
وتضمنت «الرسالة» حالة الرئيس الصحية؛ إذ قال: «بطبيعة الحال لم أعد بنفس القوة البدنية التي كنتُ عليها، ولم أخف هذا يوما على شعبنا، إلا إن الإرادة الراسخة لخدمة وطني لم تغادرني قَطُّ؛ بل وستُمكنُني من اجتياز الصعاب المرتبطة بالمرض، وكل امرئ يمكنه التعرض له في يوم من الأيام». وتعرض الرئيس في 27 أبريل 2013 لجلطة دماغية، أفقدته التحكم في حواسه، وأقعدته على كرسي متحرك. وتوقف نشاطه في الخارج بشكل كامل، فيما اقتصر في الداخل على أنشطة «مناسباتية». وكانت آخر مرة حدّث فيها بوتفليقة الجزائريين، بشكل مباشر، في مايو (أيار) 2012.
وذكر الرئيس، البالغ عمره 81 عاما ويحكم البلاد منذ 1999، أنه رغم تدهور حالته الصحية؛ «فإن إرادتي هذه (الترشح لولاية خامسة) فضلاً عن التزامي بخدمة الوطن، أستمدُّهما من تمسُّكي الراسخ بالوفاء بالعهد، الذي كنتُ قد قطعته مع الشهداء الأبرار وتقاسمتُه مع المجاهدين الأخيار، رفقائي في ثورة التحرير الوطني. وإنني في هذا النحو، واستجابة لكل المناشدات والدّعوات؛ أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية».
ويشبه هذا الكلام، حدَ التطابق، ما ورد في «رسالة» مشابهة، عشية رئاسية 2014، أكد فيها بوتفليقة أن شعبه يعلم أنه «مريض، ولكنه مصرَ على ترشيحي لعهدة رابعة، فنزلت عند رغبته». وقال أيضا إنه «أفنى زهرة شبابه من أجل الجزائر».
ومما جاء في رسالة الرئيس هذه المرة: «لقد قلدتموني منذ خمسة أعوام مسؤولية رئيس الجمهورية، من أجل مواصلة مسار البناء الوطني. وقد كان هذا الخيار، الذي عبَّرَت عنه أغلبية واسعة، يعكس دون شك تَمسُّكَكم بعملٍ وطني مميَّز كنتُ قد تشرفتُ بجمع قناعاتكم وتعبئة طاقاتكم حوله. وبالفعل، ومنذ العهدة الأولى على رأس البلاد، كرستُ كل طاقاتي لإخماد نار الفتنة ولَملَمة الشَتات من جديد، لأمة جريحة جراء المأساة الوطنية، ثم الانطلاق في إعادة بناء البلاد، التي كادت أن تعصف بها أزمة متعددة الأشكال».
وبحسب الرئيس، تم رفع رهان استعادة الأمن بفضل مشروعين سياسيين، كانا بمثابة يد ممدودة للمتطرفين المسلحين؛ الأول «الوئام المدني» (1999)، والثاني «المصالحة الوطنية» (2005)، مشيرا إلى أنه «بفضل هذه الخيارات التاريخية، استُتِبَّ الأمن والسكينة في بلادنا، والتأمت الجراح وعادت الأخوّة تلف قلوب مواطنينا. زيادة على ذلك، صار صوت الجزائر يعلو من جديد وبقوة في الساحة الدولية، وأصبحت المصالحة الوطنية مثالاً يُحتذى بالنسبة للكثير من الأمم في العالم». وأضاف: «في ظل السلم المُستعاد، أصبحت البلاد ورشة كبيرة بعد أن مرّت بمرحلة صعبة طبعها تعديلٌ هيكلي اقتصادي واجتماعي مرير. وقد توالت الإصلاحات في الكثير من المجالات، وأخُصّ بالذكر العدالة، والتعليم والإدارة والاقتصاد. كما أحرزت الديمقراطية وحقوق المواطنين وحرياتهم، خطوات عملاقة على درب التقدم».
ويرى الرئيس أن الجزائر «عَزّزت سيادتَها بفضل التخلُّص من المديونية، وجَمعِ احتياطات الصرف وتكوين ادّخار عمومي مُعتبر؛ وهي العوامل التي مكَّنتنا من الصمود أمام انهيار أسعار البترول في السنوات الأخيرة، وسمحت لنا بالاستمرار في مسار التنمية. وعلى الصعيد الاجتماعي، فقد تحسن الوضع بشكل ملحوظ.
وتعهد بوتفليقة بأنه «إذا ما شرفتموني بثقتكم الغالية في أبريل المقبل»، بعقد «ندوة وطنية» فـ«ستكرس تحقيق التوافق حول الإصلاحات والتحولات، التي ينبغي أن تباشرها بلادنا بغرض المُضي أبعدَ من ذي قبل، في بناء مصيرها، ولأجل تمكين مواطنينا من الاستمرار بالعيش معاً أفضل في كنف السلم والازدهار».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.