الاتحاد الأفريقي يسعى إلى حلول دائمة لمشكلة «النزوح القسري» في القارة

مصر تتسلم رئاسة القمة... والسيسي يعد بمواصلة الإصلاح المؤسسي

رؤساء دول قمة الاتحاد الأفريقي في لقطة جماعية بدورته الـ32 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس (رويترز)
رؤساء دول قمة الاتحاد الأفريقي في لقطة جماعية بدورته الـ32 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس (رويترز)
TT

الاتحاد الأفريقي يسعى إلى حلول دائمة لمشكلة «النزوح القسري» في القارة

رؤساء دول قمة الاتحاد الأفريقي في لقطة جماعية بدورته الـ32 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس (رويترز)
رؤساء دول قمة الاتحاد الأفريقي في لقطة جماعية بدورته الـ32 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس (رويترز)

انطلقت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أمس، اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في دورتها الـ32، بحضور عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات الأفريقية، بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تسلم الرئاسة الدورية للاتحاد لعام 2019، من الرئيس الرواندي بول كاغامي.
وتناقش القمة، التي تستمر ليومين تحت شعار «اللاجئون والعائدون والمشردون داخليّاً: نحو حلول دائمة للتشرد القسري في أفريقيا»، قضايا الهجرة واللجوء والنزاعات والإرهاب، وجواز السفر الأفريقي الموحد، والاندماج الاقتصادي وعملية الإصلاح المؤسسي للاتحاد وتمويله.
شارك في افتتاح القمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهنوم، فضلاً عن شخصيات أممية وقارية، وعدد من المراقبين وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بسلسلة الانتخابات السلمية في «الكونغو الديمقراطية ومدغشقر ومالي» واتفاقات السلام في «جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى» ومصالحات «إثيوبيا وإريتريا».
ورحب غوتيريش كذلك في خطابه بـ«التضامن» في أفريقيا التي تستقبل نحو ثلث اللاجئين والنازحين في العالم. وتابع: «على الرغم من تحدياتها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، أبقت الحكومات والشعوب الأفريقية على أبوابها وقلوبها مفتوحةً».
من جهتها، وصفت مفوضة الشؤون السياسية بالاتحاد الأفريقي ميناتا ساماتي، الوضع الإنساني في أفريقيا، بأنه ما زال يدعو إلى القلق، مؤكدة سعي الاتحاد الأفريقي لوضع حلول دائمة لمشكلة «النزوح القسري» بالقارة.
وأضافت ساماتي، في كلمتها، أن حجم ومدى تعقد مشكلة «النزوح القسري» والوضع الإنساني الذي طال أمده في القارة الأفريقية، لا يزال يعقد تحقيق أهداف «أجندة 2030» للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وأشارت إلى أن أسباب «النزوح القسري» والأزمات الإنسانية التي تشهدها القارة تعود إلى النزاعات والإرهاب والتطرف، وما سمته «ضعف الحكم الرشيد» وانتهاك حقوق الإنسان وتدهور البيئة، بالإضافة إلى الاستغلال السيئ للموارد، والجفاف، وتغير المناخ والكوارث الطبيعية.
ودعت مفوضة الشؤون السياسية بالاتحاد الأفريقي، لضرورة الالتزام بتنفيذ أجندة «2063» ومواجهة أسباب النزوح القسري، مشددة على ضرورة وضع حلول لمشكلة العنف والتمييز بين أبناء القارة الأفريقية. وطالبت بتوفير موارد كافية لمواجهة مشكلة «النزوح القسري»، وتفعيل عمل الوكالة الإنسانية الأفريقية، والتصديق على وثيقة حماية اللاجئين والنازحين وتفعيلها.
بدوره، ركز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تسلم رئاسة الاتحاد، على مساعي بلاده للإصلاح المؤسسي والهيكلي والمالي للاتحاد الأفريقي، وتطوير أدوات وقدرات الاتحاد ومفوضيته لتلبية تطلعات وآمال الشعوب الأفريقية.
وقال السيسي في كلمته إن «الفهم المشترك والاحترام المتبادل بيننا جميعاً هو أعظم قوة دافعة نمنحها للاتحاد الأفريقي، وإنه بتعميق إرادتنا المتحدة يستطيع عملنا المشترك أن ينطلق نحو كل الآفاق التي نستهدفها ونتطلع إليها».
وأكد السيسي أهمية «ترسيخ مبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية، باعتباره السبيل الوحيدة للتعامل مع التحديات المشتركة التي تواجه أفريقيا». ودعا إلى تعزيز التنسيق والمواءمة بين آليات السلم والأمن القارية والإقليمية.
وأوضح السيسي أن «الإرهاب سيظل سرطاناً خبيثاً يسعى للتغلغل في أجساد الأوطان الأفريقية ويهاجم مفاصل الدولة الوطنية ويختطف أحلام الشعوب وأبناءها»، مؤكداً أن «مكافحة الإرهاب بشكل شامل تتطلب منا تحديد داعميه ومموليه ومواجهتهم معاً في إطار جماعي وكاشف ومع إدراكنا صعوبة تلك المعركة وتعقيدها تظل هي الطريق المثلى لاجتثاث جذور الإرهاب والقضاء عليه».
وأعلن الرئيس المصري إطلاق النسخة الأولى من «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة» خلال عام 2019 ليكون منصة إقليمية وقارية يجتمع بها قادة السياسة والفكر وصناع السلام وشركاء التنمية في مدينة أسوان، لنبحث معاً آفاق الربط بين السلام والتنمية بشكل مستدام.
واعتبر السيسي انتشار النزاعات والإرهاب والتطرف والفقر أهم عوامل النزوح القسري، مشيراً إلى أن «آثار تلك الأزمات تنعكس على أفريقيا بالمقام الأول، حيث تصل أعداد اللاجئين إلى نحو 8 ملايين لاجئ؛ 90 في المائة منهم لاجئون داخل القارة».
واستطرد: «تصل أعداد النازحين إلى نحو 18 مليون نازح، وهو ما يحثنا على تبني مقاربة تنموية تشمل مشروعات قارية وإقليمية ضخمة لتوفير أكبر قدر من فرص العمل لمواطني القارة واعتماد برامج إعادة إعمار مستنيرة».
وقال السيسي: «استطاعت أفريقيا تحقيق كثير من المكاسب من خلال تبنيها مواقف مُشتركة وموحدة بالمناقشات والمفاوضات الدولية مُتعددة الأطراف، الأمر الذي يحثنا على ترسيخ التوافق الأفريقي للدفاع عن المصالح الأفريقية، خصوصاً فيما يتعلق بحق الدولة الأصيل في امتلاكها برامج التنمية، وحق أفريقيا التاريخي في تمثيل عادل بمجلس الأمن الدولي بما يعكس الموقف الأفريقي الموحد وفقاً لتوافق (إيزوِلويني) وإعلان سرت». في السياق ذاته، قال رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ، إنه بفضل مساعدات دول الاتحاد الأفريقي، ستتوصل بلاده إلى حلول دائمة لصالح اللاجئين والعائدين والنازحين في ربوع القارة الأفريقية، مشيراً إلى أنه تتعين معالجة الأسباب الجذرية للنزوح القسري.
وأضاف أن التنمية مرتبطة بشكل كبير بحقوق الإنسان، مطالباً جميع الأعضاء بتفعيل ذلك الملف. وتابع: «إننا نواجه تحدياً حقيقياً بحيث لا يمكن تحقيق أهداف أجندة 2063 دون الوصول إلى حلول لهذه الأزمات التي طال أمدها»، داعياً إلى دعم جميع الاتفاقيات ذات الصلة لتعزيز إيصال المساعدة للاجئين والنازحين.
وأشار أوبيانغ إلى أنه «خلال هذا العام، سوف نحتفل بالذكرى الخمسين لاتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن اللاجئين، والذكرى العاشرة لاتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن حماية المشردين والنازحين داخلياً التي تُعرف باتفاقية كامبالا».
ودعا أوبيانغ إلى دعم الاتحاد الأفريقي في مساعيه الهادفة إلى تفعيل هيكله الإنساني، وعلى وجه الخصوص الوكالة الإنسانية الأفريقية، كأداة للرد الإنساني السريع وتوفير مساعدة فاعلة على أرض الواقع. وأكد أن بلاده تعمل على إنشاء وكالة أفريقية لمساعدة اللاجئين ووضع آلية مناسبة لهذا الغرض، موجهاً الشكر لجميع الدول الأعضاء والشركاء على الدعم الذي قدموه لصالح النازحين.
من جهته، قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن شعار القمة الأفريقية 2019 يمثل تحدياً لدولنا في ظل النزاعات الممتدة التي ولدت أزمات إنسانية واسعة النطاق.
وأضاف خلال كلمته بقمة الاتحاد الأفريقي أن المنطقتين العربية والأفريقية شهدتا نزاعات مسلحة ولدت أزمات إنسانية كبيرة، وتعد ليبيا مسرحاً تتلاقى فيه كل التحديات، ولذلك علينا تجديد التزامنا بمساندتها وتشجيع الحوار السياسي بين أطرافها. ودعا أبو الغيط للعمل المشترك في الصومال لتنفيذ خططه الوطنية ومواصلة دعم جزر القمر واستقرارها ودعم واستقرار جنوب السودان، معلناً تضامن الجامعة مع مبادرة «إسكات البنادق» والتطورات الإيجابية والمصالحات التاريخية في القرن الأفريقي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».