70 % من اللبنانيين يربطون عودة العلاقة مع سوريا بأهداف اقتصادية واجتماعية

TT

70 % من اللبنانيين يربطون عودة العلاقة مع سوريا بأهداف اقتصادية واجتماعية

تشكل العلاقات مع سوريا موضوعاً سجالياً بين القوى السياسية اللبنانية، إلا أن نظرة المواطن إلى الموضوع تغلب عليها الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، كما يشير استطلاع للرأي نفذته مؤسسة «غلوبل فيجن» (Global Vision)، بناءً على طلب «المركز اللبناني للدراسات والأبحاث - بوليتيكا»، وشمل عينة مؤلفة من 1000 مستجوب لبناني موزّعين على الطوائف والمناطق.
وتشير الأرقام إلى أن 70 في المائة ممن شملهم الاستطلاع هم مع إعادة العلاقات لأسباب لا علاقة لها بالسياسة. إذ اعتبر 51.4 في المائة أنها تعيد فتح المعابر لتصريف الإنتاج وإحياء الترانزيت. وعبر 22.6 في المائة عن رغبتهم في إعادة العلاقات للموقع الجغرافي بين البلدين، وعلاقة القربى التي تجمع بعض العائلات اللبنانية والسورية. واعتبر12.1 في المائة أنها تساعد في ملف إعادة النازحين. ورأى 11.3 في المائة أنها تضبط الحدود بين البلدين، وتمنع المنتجات السورية المهربة من إغراق السوق اللبنانية. وأجاب 2.4 في المائة بأنها تجعل من لبنان منصة لإعادة إعمار سوريا. واعتبر 0.2 في المائة أنها تساعد للكشف عن مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية.
أما أسباب معارضة المستجوبين اللبنانيين لإعادة هذه العلاقات (30 في المائة)، فجاءت سياسية بامتياز. وقال 35.2 في المائة من المستجوبين إن عدم إعادتها تمنع النظام السوري من التدخل في الشؤون السياسية اللبنانية. واعتبر 16.5 في المائة أن إعادتها تعطي مشروعية سياسية لنظام الأسد. وأجاب 15.9 في المائة بأن القطيعة مع النظام السوري تُعتبر تنفيذاً لمنطق النأي بالنفس. وقال 14.8 في المائة إن رفضها يعود إلى الارتكابات السورية في لبنان خلال فترة الوجود السوري العسكري فيه. واعتبر 11 في المائة أن عودة العلاقات تفيد سوريا أكثر مما تفيد لبنان. ورفض 5.5 في المائة عودة العلاقة مع سوريا، معتبرين أن النظام لا يحكم فعليا كل الأراضي السورية، في حين اعتبر 0.6 في المائة أنها تؤثر على علاقة لبنان بدول الخليج العربي، واكتفى 0.6 في المائة ممن شملهم الاستفتاء بأسباب خاصة. مع أن النسبة الأكبر للرافضين سجلت لدى المسيحيين (45.3 في المائة) أما نسبة الرفض المطلقة فسجلت لدى الدروز.
ويوضح رئيس مؤسسة «غلوبل فيجن» الدكتور طانيوس شهوان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «سبب هذا الرفض يعود إلى انكفاء الفريق السياسي الذي يرفض إعادة العلاقات مع سوريا عن توضيح موقفه بأساليب تصل إلى الرأي العام، مقابل براعة الفريق السياسي المؤيد لسوريا في الترويج لعودة العلاقات معها، بذرائع أساسية تتعلق بالمصلحة التي تهم كل مواطن، بمعزل عن صحة هذه الذرائع. فالرأي العام، حتى المستقل منه، يتأثر بمن يجيد مخاطبته».
وعن نسبة الاستطلاع، يقول النائب السابق في القوات اللبنانية أنطوان زهرا، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يلام المستطلعون؛ لأن لا دراسة لديهم لأبعاد إعادة العلاقات. فقد أثيرت ضجة العام الماضي بشأن عبور الشاحنات اللبنانية معبر نصيب على الحدود السورية الأردنية، بغية تصدير البضائع اللبنانية إلى دول الخليج العربي، والنتيجة كانت رفع الرسوم، والخضوع لابتزاز النظام السوري السياسي والمالي، في حين لم تبدِ دول الخليج استعداداً لاستيراد بضائع لبنانية تمر عبر سوريا».
ويرى زهرا أن «الموقف السياسي اللبناني ليس موحداً بشأن إعادة العلاقات مع سوريا، فهو ينقسم بين متهافت، ويضم رئيس الجمهورية وتياره و«حزب الله»، ولا يعارضه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهناك تحفظ شديد من جانب رئيس الحكومة سعد الحريري وتياره و(القوات اللبنانية) والحزب التقدمي الاشتراكي. وإذا أخذ قرار على مستوى الجامعة العربية بإعادة سوريا إلى مقاعدها، حينها لا خيار لدى لبنان إلا الالتزام بالإرادة العربية».
إلا أن الخبير الاقتصادي الدكتور كامل وزنة، يشدد على أن «إعادة العلاقات مع سوريا تريح الاقتصاد اللبناني، ونتائجها لا ترتبط فقط بالتصدير إلى أسواق دول الخليج العربي، وإن كانت الأهم»، مذكراً بأن أسواق العراق لها أيضاً أهميتها، وكذلك الأسواق السورية، ومشيراً إلى أن «الحذر الحالي من جانب الدول العربية لن يكون دائماً، وتشكيل الحكومة يشكل حافزاً لتنشيط حركة التصدير. وفي الخلاصة، الجدوى الاقتصادية لإعادة العلاقات لا يمكن تجاهلها؛ لأن معبر نصيب هو بوابتنا البرية الوحيدة، والبوابة البحرية مكلفة».
وبيَّن الاستطلاع أن 4578 من أصل 5666 مستجوباً، تم الاتصال بهم، رفضوا المشاركة، أي ما نسبته 80.79 في المائة. ويقول شهوان إن «السبب العلمي يعود إلى الامتعاض من الطبقة السياسية الحاكمة وأحزابها وتياراتها، لذا حملها الرأي العام مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية. وقالوا إن البلاد تدار من خارج الحدود. والقوى السياسية المحلية تمثل مصالح إقليمية ودولية لا مصالح اللبنانيين. كما بيَّن الاستطلاع أن نسبة الذين عرّفوا عن أنفسهم كمستقلين لا يؤيدون أي جهة سياسية، بلغت 80.2 في المائة من مجموع المستجوَبين. وهي عالية جداً مقارنة مع استطلاعات سياسية سابقة، إذ كانت تتراوح بين 55 و60 في المائة، فيما كانت نسب الحزبيين والمستقلين الذين يؤيدون حزباً أو تياراً سياسياً معيناً تتراوح بين 40 و45 في المائة. وقد تراجعت نسب هؤلاء بشكل واضح في هذا الاستفتاء، إذ بلغت نسبة الحزبيين في العينة المستجوبة 5.8 في المائة، فيما بلغت نسبة المستقلين الذين يؤيدون حزباً أو تياراً سياسياً معيناً 14 في المائة.
ويقول وزنة إن «اللبنانيين ملُّوا من السياسيين، ويريدون إنتاجاً وليس وعوداً، ولن يحتملوا تغليب السياسة على وضعهم الاقتصادي} .



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.